بقلم: عـادل عطيـة
انتشر تعبير: "عبّاد الصليب"، كالضوضاء في المجتمعات الإسلامية؛ كمحاولة ساذجة لاغاظة المسيحيين. واني لأعترف بجمال هذا التعبير الشاعري، الذي لا يصدر إلا عن شيطان يعشق اللغة العربية، وكشاعر شرير، يعرف كيف يصيغ الأفك والضلال في كلمات رومانسية!
لكن، فات مروجو هذا التعبير، أنهم فيما يدينون غيرهم، يدانون.. فهل هم يعبدون الهلال؛ لأنهم يتخذونه شعاراً ورمزاً لهم، وميقاتاً في صومهم، وافطارهم، ومواعيد صلواتهم؟!
ان اتباع المسيح لا يعبدون الصليب، بل يفتخرون، ويتباركون به؛ لأنه علامة الخلاص. ولكنهم ـ وهذا مجدهم ـ، يعبدون المصلوب؛ لأنه الله الفادي. يعبدونه إلهاً صار إنساناً، وليس إنساناً صار إلهاً!
وهذا التقدير للصليب المقدس، عززته كتب التاريخ، التي ذكرت ظهوره في السماء ثلاث مرات:
الأولى، للأمبراطور قسطنطين الكبير، ويذكرها المؤرخ الكبير يوسابيوس القيصري عام 312م.
والثانية، للقيصر جاللوس عند أبواب مدينة أنطاكية عام 351م.
والثالثة، لسكان أورشليم، ويذكرها القديس كيرلس الأورشليمي عام 351م.
وهذه الظهورات تمثل احدى ركائز الإيمان المسيحي، وليست تخاريف، كما يدعي البعض في كتبهم!
ان بني عبد الوهاب المتسنّين، الذين يطاردوننا بعبارة: "عبّاد الصليب"، ويدّعون بأننا مشركين وكفرة، ويتشدقون بأن الإسلام دين التوحيد، لم يخرجوا الخشبة من عيونهم بعد؛ ليروا ماهي نظرتهم إلى نبيّهم:
فمع أنه بشر بالنص القرآني: "قل إنّما أنا بشر مثلكم يوحى إلىّ انّما إلهكم إله واحد" (فصلت 6)، إلا أنهم يقولون بأنه لم يخلق، ولم يولد مثل بقية الناس. وهو أول ما خلق. وخلق الكون من أجله!
وبينما يقول القرآن: "الله نور السموات والأرض" (النور 35)، يقولون عن محمد، أنه: نور عرش الله!
ويبالغون في تقديسه، فحتى في فكرة الموت، هم يرونه ما زال حياً في قبره، يستغفر لأمته ويرد السلام عليهم!
ووصل تطرفهم إلى حد تحريم النطق بكلمة: "قبر النبي" ـ كما زعم الإمام مالك ـ، وهو رأي يناقض القرآن، الذي يقول: "انك ميت وانهم ميتون" (الزمر 3).
وبينما اطلاق الشهادة التوحيدية من القرآن، من خلال هذه الآية، التي تقول: "شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم فانّما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم" (آل عمران 18)، أطلقوا هم شهادة مزدوجة من عندياتهم: "شهادة ان لا إله إلا الله" وشهادة "ان محمداً رسول الله". بالتأكيد والاقران والاشراك بأن محمداً مع الله.
وبينما القرآن، يقول: "ان المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً" (الجن 18)، نسمعهم يكثرون الصلاة عليه خاصة كل يوم جمعة ـ كوصيته ـ، أكثر ممن يصلون إلى الله!
وهم يضحون بحياتهم ليس من أجل الله، بل من أجل محمد: ففي كل تظاهراتهم الغاضبة، يصرخون: "إلا رسول الله".. ولم نسمعهم قط، ولن نسمعهم، يهتفون: "إلا الله"، وقد وصلوا إلى منتهى الجرأة، عندما قالوا: من يسب الله يستتاب، ومن سب الرسول يقتل وان تاب!
ثم ما هو قولهم فيما ورد في سورة الحجر49: "نبّيء عبادي اني أنا الغفور الرحيم". وما جاء في سورة التوبة 128: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم".. فهل عندما يقولون: "بسم الله الرحمن الرحيم" (الفاتحة1)، يألهون محمداً؛ لأنه هو الرحيم بحسب القرآن؟!..
نصيحة السيد المسيح ليست ببعيدة عنهم؛ ليخرجوا أولاً الخشبة من عيونهم، وحينئذ يبصرون جيداً أن يخرجوا القذى من عين اخوتهم في الإنسانية!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com