ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

جَلد التجار فى ميدان التحرير!

حمدي رزق | 2016-09-24 09:04:52

فى يوم الأحد 9 ديسمبر عام 1954م ضرب السيل العرم محافظة قنا، وجرفت السيول 500 منزل، وشرَّدت 5 آلاف مواطن، وسجلت «الأهرام» تفاصيل الكارثة فى عناوين رهيبة: «الماء يغمر المدينة ويبلغ ارتفاعه متراً فى شوارعها»، و«إيواء المنكوبين فى المدارس والمساجد وتوزيع الأغطية عليهم».

قام مجلس قيادة الثورة بإرسال «حسين الشافعى»، الذى كان يشغل آنذاك نائب رئيس الجمهورية، لمتابعة الكارثة على أرض الواقع، وتم إصدار قرار بنزول الجيش فى شوارع قنا للإغاثة والإيواء، بعد تدمير نجوع المنطقة وعدة قرى بدشنا، وقيام الأهالى بالالتجاء للمساجد ومعبد دندرة.

أدى السيل المدمر إلى تشريد آلاف المواطنين، الذين كانوا يعانون من نقص فى المواد الغذائية، بعد قيام التجار بسرقة قوت الشعب والتلاعب فى الأسعار وقيامهم بإخفاء السلع، وقامت الحكومة باتخاذ تدابير للحد من الكارثة، حيث تم تغيير محافظ قنا، وهو الأميرالاى «محمد عزمى الديب»، وتعيين حاكم عسكرى لإدارة الأزمة بدلاً منه، بعد عجزه التام عن ملاحقة التجار الجشعين وضبط الأسعار فى الأسواق.

ويروى الباحث التاريخى، «ضياء العنقاوى»، أن التجار قاموا برفع الأسعار وإخفائها، كما قاموا بالتلاعب فى الدقيق، مما أدى إلى غضب شديد من المواطنين، فتقرر جلد «تاجر» علانية فى ميدان المحطة، رادعاً لمئات التجار الذين استغلوا الأزمة.

وتُظهر الصورة، التى أعاد موقع «الأهرام» نشرها للذكرى، التفاف الجمهور لرؤية التاجر وهو يعانى من آلام الجلد، كما تُظهر الصورة تواجد القيادات الشعبية والتنفيذية لتحقيق «مبدأ العدالة» فى عقاب التاجر، الذى لم يراعِ ظروف وطنه، فقام بإخفاء الدقيق والخبز عن المواطنين لتحقيق مكاسب طائلة فى وقت المجاعة.

تعيش الصورة الفوتوغرافية طويلاً، والصورة التى تصدرت «بوابة الأهرام الإلكترونية»، أمس، تُظهر قيام الحكومة المصرية بجلد تاجر من محافظة قنا، أمام الجمهور فى ميدان عام، بعد قيامه بإخفاء دقيق القمح ورفع سعره فى وقت المجاعة.

الصورة التى مر عليها 62 عاماً، ويشيّرها رواد مواقع التواصل الاجتماعى، بكثافة، صورة للذكرى، وذكّر فإن الذكرى تنفع المسؤولين هذه الأيام السودة، صورة تقول الكثير، وما خفى من تفاصيلها أكثر، صورة بالأبيض والأسود، درس فى هذه الأيام الملونة بالألم والغضب، الشارع المصرى غاضب، ومود البلد وحش!.

لا نطلب جلداً للتجار علانية فى الشوارع والميادين، ولكن نطلب حسماً ميدانياً بالقانون، هناك فُجر من التجار، وتجبّر من الاحتكار، وافتراء فى الأسعار، وكل ما الشعب يقول «بم» على قلبه و«ذم»، تجار الأرنص سيطروا تماماً على الأسواق، وفرضوا إرادتهم الاحتكارية، صار الشارع رهينة لمافيا تتاجر فى الأقوات.

وللأسف الحكومة تُطبطب على ظهور التجار، وتُمَلِّس على رؤوسهم، وتترجاهم وكأنها فى موقف ضعف، فقط- وعلى لسان وزير التموين- تتمنى عليهم «ألا يخفوا السلع»، وترفض مجرد التفكير أو حتى التلويح بالتسعيرة الجبرية، خشية افتعال سوق سوداء!.

ليهم حق التجار يعملوا أكتر من كده، مَن أمن العقاب، حتى كروت الشحن أخفوها، الحكومة المرتعشة لا تبنى أوطاناً، والخشية من ألاعيب التجار تتطلب حسماً، لو تمت معاقبة تاجر بقضاء عادل ناجز، لو علم التجار أن القبضة قوية، وأن المحاكمات العسكرية تنتظر «مافيا القمح» هناك فى صحراء الهايكستب لماتوا
فى جلودهم.

للأسف الحكومة تتبضع وقتاً لا تملكه، والغلاء ضرب الأسواق، والأسواق العشوائية لن تنضبط من تلقاء نفسها، عندما يسود «تجار الأرنص» الأسواق، وعندما يتحكم «أثرياء الحرب» فى الأسواق، وعندما يهمهم الشارع غضباً، فماذا تنتظرون، أخشى أن يفوتكم القطار ويضحك منكم التجار.. وشكراً
جزيلاً لـ«الأهرام».
نقلا عن المصري اليوم

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com