نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالًا بعنوان ما الذي دفع مسؤول مصري رفيع المستوى للتجسس لصالح إسرائيل.
وتناول المقال -الذي نُشر على الموقع الاليكتروني للصحيفة- الكتاب الجديد الذي صدر حديثًا للكاتب "يوري بار جوزيف" وهو أستاذ بجامعة حيفا، حيث ناقش الجدل المستمر عما إذا كان أشرف مروان عميلًا مزدوجا أم منقذًا لإسرائيل في كثير من الأحيان، وجاء في الكتاب أن الاسم الحركي أو "الكود" لأشرف مروان في المخابرات الإسرائيل كان "الملاك".
الساحر
ووفقًا للكتاب، فأشرف مروان كان يتمتع بشخصية ساحرة جعلته يتدرج بشكل سريع في وظيفته تحت حكم كل من عبد الناصر والسادات بالإضافة إلى قدرته على استمالة الجميع، فبعد عدة مقابلات مع ابنة الرئيس المصري جمال عبد الناصر في صالات التنس بنادي هليوبوليس، خطف مروان قلب ابنه الرئيس آنذاك وتقدم لخطبتها وهو الأمر الذي عارضه بشدة الرئيس عبد الناصر وكانت شكوكه دائمة حول الدافع من وراء خطبة مروان لابنته.
وأضاف الكاتب أن عبد الناصر –بسبب شكوكه في مروان- عينه في مكتبه ليكون تحت ملاحظته، وهو الأمر الذي جعل مروان يشعر بالمهانة والإحباط بسبب إصرار الرئيس والد زوجته على إقصاؤه وتحجيم عمله، بالإضافة إلى التشديد على عدم استخدام قوته السياسية ومنصبه لأجل منافع شخصية، وكان هذه هي البداية لانتقال أشرف مروان وزجته –ابنة الرئيس عبد الناصر- إلى لندن في 1968.
ويستعرض الكاتب -من خلال صفحات كتابه- الأسباب التي دفعت مروان للتقرب من الموساد وذلك أثناء وجوده في لندن في عام 1970، وتساءل ما السبب الذي يجعل واحد من أهم الأشخاص وأرفعهم مستوى من حيث صلاته بالمسؤولين في مصر يرغب في العمل لصالح عدو بلده اللدود؟ وأجاب في نفس المقطع، الحاجة إلى المال، إرضاء غروره ونرجسيته، عدم التقدير الذي لاقاه من والد زوجته.
كيف استدرجه الموساد؟
ويضيف بار جوزيف، هناك سبب آخر لا يقل أهمية "انتصار إسرائيل المذهل في حرب الستة أيام ربما تكون كانت بمثابة نقطة تحول في طريقة تفكيره. لم يكن مروان هو الرجل الذي يأخذ إهانة بلاده على محمل الجد، الشعور بالإهانة كان هو السائد لدى الجميع في مصر وبالذات المقربون من ناصر. وبتحول ولائه الداخلي نحو إسرائيل ووضع نفسه في جانب المنتصر، وجد مروان طريقه للخروج من عذاب الهزيمة.. ومن هنا استدرجه الموساد ولكن بحذر حيث أن هذا لم يكن كافيًا لجعله جاسوسًا بشكل كامل لصالح إسرائيل ولكنه أيضًا يضمن عدم كونه عميلًا مزودجًا، ولفت مروان أنظار الموساد بعدما قدم خطط عسكرية لهم كدفعة أولى للعمل لصالحهم، ورأى الموساد أن مروان يستحق المخاطرة".
عاد مروان ومنى للقاهرة بعد أن علم الرئيس أن زوج ابنته غارق في الديون جراء لعبه للقمار ونمط الحياة الفاخر الذي تعودا عليه في لندن. لم يفقد مروان قط حماسه للمخاطر فقابل رئيس الموساد تسفي زامير أحد المرات في شقته في لندن، وخلال تلك المقابلة –بحسب الكتاب- كانت هناك إحدى بائعات الهوى والتي بكل سهولة كان بإمكانها سماع الحوار بأكمله. ومرة أخرى قابل مسؤولون بالموساد وهو يحمل سلاحًا وهو الأمر التي نبهت عليه إسرائيل أكثر من مرة عدم فعله ولكنه فعل.
كتاب مفتوح لإسرائيل
بعد وفاة عبد الناصر، كون مروان والسادات تحالفًا قويًا، فكان السادات يستشير مروان في كثير من الأمور وعمل أيضًا كمستشار لكل من ليبيا والسعودية، وهو ما جعل مصر كتابًا مفتوحًا أما المخابرات الإسرائيلية.
أصبح مروان قادرًا على إثراء نفسه واستخدام قوته السياسية من أجل مصالح شخصية، بشكل فج وفاسد.
يتناول الكتاب تفاصيل كثيرة ومثيرة للغاية عن مروان، ومنها الفترة التي سبقت يوم حرب الغفران وكيف كانت مليئة بالتشويق. بعد حرب الاستنزاف في أغسطس 1970 شكل الانشغال الدبلوماسي والعسكري لإسرائيل قلقًا كبيرًا لمصر، حيث اعتقدت إسرائيل إن الأمر يتطلب قليل من الوقت حتى إعادة التسليح والسيطرة على الأراضي التي استحوذت عليها إسرائيل في 1967.
ووفقًا للكتاب، لطالما رأي الإسرائيليون أن مصر لن تبدأ الحرب حتى يكتمل تسليحها بالأسلحة التي تمكنها من الانتصار وكان أشرف مروان على اتصال دائم بالموساد ويمدهم بالخطط العسكرية أولًا بأول.
ويُعد جوهر كتاب بار جوزيف يقع في جعل القضية الرئيسية هي المعلومات التي قدمها "مروان" إلى إسرائيل قبل الحرب وخلالها، ويدور الكتاب حول جدلية إنه لولا وجود مروان والمعلومات التي قدمها لوقعت كارثة أكبر، كما أنه يدحض كل الأقاويل حول كون مروان عميلًا مزدوجًا ملقيًا اللوم على المصريين وإيلي زيرا بترديد هذه الأقاويل لخدمة أهدافهم ومصالحهم.
ووفقًا للكتاب؛ ففي عام 1998 قام المركز البحثي التابع لمخابرات جيش الدفاع الإسرائيلي بالبحث حول أسباب فشل المخابرات في حرب 1973.
ولقى مروان حتفه في 2007 بعد أن سقط من شرفة منزله في لندن، ولم يتم التوصل إلى ما إذا كان سبب الوفاة انتحار أم قتل عمد. وفتحت وفاته الباب حول مزيد من الأسئلة عن حياته المزدوجة وتأثيره على الحياة السياسية في إسرائيل واستراتيجيات الحرب.
وينتقد كاتب المقال الكتاب، ويشير إلى إن الكاتب لم يستطيع الفصل بين مشاعره نحو مروان وإصراره على أن أشرف مروان كان المنقذ لإسرائيل وأن رؤساء جهاز المخابرات هم السبب وراء الهزيمة التي منيت بها إسرائيل في الحرب ووراء مقتل مروان أيضًا.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com