مصر مشغولة بالإخوان، والخليج مشغول بإيران، وتركيا مشغولة في سوريا.. وباكستان مشغولة مع الهند.. وباقى العالم الإسلامى مشغول في مكافحة الإرهاب!
(1)
لا وقت لدى المسلمين إذن.. جدول أعمال الأمة مزدحم للغاية.. ولا فرصة لعمل أي شىء آخر. فالصراعات الإسلامية- الإسلامية لم تترك «فيمتو ثانية» للتفكير في العِلم أو الاقتصاد.. أو لبحث عملية التنمية أو اللحاق بالحضارة.
النخبة والعامة- على السواء- أصبحوا جزءًا من حالة الاشتباك وتمزيق الملابس في جغرافيا العالم الإسلامى. قلة قليلة هي التي ترى من أعلى.. وترى من أبعد.. وترى أن حرب الاستنزاف الإسلامية ستنتهى بهزيمة الجميع (صفر- صفر).
(2)
إن تركيا التي كانت نموذجًا رائعًا لسنواتٍ طويلة.. سرعان ما أصبحتْ عبئًا على نفسها وخطرًا على الآخرين. وبعد أنْ كانت تركيا مشغولة بالصناعة والسياحة.. باتتْ مشغولة بحرب الأكراد وداعش.. وهبط جدول أعمالها من «الاتحاد الأوروبى» إلى «درع الفرات»!
وأما باكستان التي خاضتْ ثلاث حروب مع الهند لم تحقق خلالها شيئًا.. فإن قوى دولية ومحلية تدفعها لخوض حربٍ رابعةٍ!
إن باكستان المسلمة باتتْ في صراع مع «أفغانستان السنيّة»، و«إيران الشيعية» و«الهند الهندوسية».. الدولة الإسلامية النووية الوحيدة.. يتحدّث البعض- الآن- عن احتمالات سقوطها.. ويضع خبراء الغرب خططًا وبدائل للسيطرة على قنابلها!
باكستان التي تأمّل فيها المسلمون سندًا وحمايةً.. ودعمًا للتوازن الاستراتيجى مع المحيط القاسى الذي يلف المنطقة.. لم تعد سندًا ولا دعمًا.. بل صارتْ في حاجةٍ إلى الدعم والمساندة.. لتجاوز تحديات الداخل والخارج.
والخلاصة هنا.. أن باكستان النووية لا تملك الوقت من أجل أمّتنا.. بعد أن أصبحت مشغولة للغاية بالخارج الصعب والداخل الأصعب!
(3)
ثمّة معادلة مفزعة إلى جوار ذلك: اتهام السعودية وإيران معًا بالتورط في أحداث الحادى عشر من سبتمبر.
في الولايات المتحدة الأمريكية فريقان: فريقٌ يعمل على «اتهام السعودية» والحصول على تعويضات تُقدّر بمئات المليارات من الدولارات. وفريقٌ آخر يعمل على «اتهام إيران» والحصول على تعويضات تُقدّر هي الأخرى بمئات المليارات من الدولارات.
يتحدث الفريق الأول عن ضرورة محاكمة السعودية.. وعن حتمية تجاوز الكونجرس لفيتو أوباما.. والسماح بمحاكمة القادة السعوديين أمام المحاكم الأمريكية.
ويشير الفريق إلى اتهاماتٍ لأمراء ومسؤولين.. وأميرات وزوجات مسؤولين، ومساجد وجمعيات خيرية.. تورطت في دعم أحداث 11 سبتمبر.
ويتحدث الفريق الثانى عن اتهام المرشد الأعلى الإيرانى «على خامنئى» ووزير المخابرات السابق «فلاحيان» وقادة في الجيش الإيرانى والحرس الثورى.. بالتورط في أحداث 11 سبتمبر.
(4)
المذهل أن الفريقين يمضيان بقوة ونجاح.. رغم أن كل دولة تنفى تمامًا صلتها بالأحداث. والمذهل أكثر أن إيران تبذل أقصى جهدها، ليس لتبرئة ساحتها بقدر ما هو تعزيز لاتهام السعودية، كما تبذل السعودية أقصى جهدها هي الأخرى.. ليس لتبرئة ساحتها بقدر ما هو تعزيز لاتهام إيران.
أصبحت إيران وكأنها عضو في طاقم المحامين الذين يعملون ضد السعودية، وأصبحت السعودية وكأنها عضو في طاقم المحامين الذين يعملون ضد إيران.
الدولتان تمولّان اتهام بعضهما البعض.. والولايات المتحدة هي المستفيد الوحيد.. وكأنها تعمل طبقًا لعنوان كتاب ريتشارد نيكسون الشهير: «نصر بلا حرب».
وربما ينتهى المطاف باتهام الدولتين.. والحصول على أكثر من تريليون دولار من الدولتين معًا.. بعد أن يستخدم المحققون ما لديهم من ادعاءات.. وما جاء به كل طرف ضدّ الطرف الآخر!
(5)
إذا كانت هناك مؤامرة.. فهى هذه: «الانشغال».. اللاوقت لأى شىء.. توازن الدم.. وتوسيع الحرب الأهلية الإسلامية.. الباردة والساخنة، وعدم إعطاء الفرصة لالتقاط الأنفاس.. أو امتلاك الزمن لإعادة النظر.. وتصحيح المسار.
في قولةٍ واحدةٍ.. الأمة الإسلامية تقف في الجانب الخطأ من التاريخ.. والمعرفة بداية الصواب.
حفظ الله الجيش.. حفظ الله مصر
نقلا عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com