ساندى ادوارد
عند إقرار قانون ينظم بناء وترميم الكنائس من قبل مجلس النواب في سابقة هي الأولى في تاريخ مصر ، جاءت ولادة القانون قيصرية متعثرة نتج عنها مولود غير كامل النمو في المظهر والجوهر.
ولم ينل القانون رضا غالبية المسيحيين في طول البلاد وعرضها لانهم رأوا فيه مولودا مشوها لا يتناسب ومعاناة الانتظار التي انتظروها عقودا طويلة ، ولا يعوضهم عن ظلم تجرعوا مرارته عبر السنين من قادة جعلوا من السكوت على قهر المسيحيين ثمنا لكراسيهم ، ولا يغير من شعورهم بالعيش في بلادهم وكأنهم مهاجرين منت عليهم الدولة فقط بالجنسية المصرية . رأوا فيه قانونا لا يتناسب ودم الشهداء الذي أغرق الشوارع بداية بالزواية الحمراء والكشح مرورا بجميع محافظات مصر وانتهاء بأحداث المنيا . قانون لا يرقى لسمو الأجساد الممزقة تحت جنازير المدرعات في ماسبيرو طلبا للحرية والمساولة والعدل .قانون لا يعرف لحمرة الخجل شكلا ولا سيما وانه جاء بعد أحداث غير مسبوقة لحرق الكنائس بالجملة والاعتداء المقيت على الكاتدرائية المرقسية رمز الكنائس المصرية في الشرق وفخرها .
ورغم كل البقع السوداء التى غطت ثوب القانون والتي بخثت المصريين المسيحيين حقهم في المساواة الكاملة بإخوتهم المسلمين في طريقة بناء مساجدهم إلا أنه من المضحكات المبكيات أن يعترض السلفيون على القانون وينسحبوا من التصويت في إشارة قوية لعنصرية بغيضة بشعة بعيدة عن القانون والدستور بل وعدم الاعتراف بوجود الآخر من الأساس . وفي المقابل ترحب الكنيسة بهذا القانون الذي يطعن المواطنة في الصميم ويقنن ويكرس مفهوم الأقلية على المسيحيين المصريين الذين طالما رفضوا تصنيفهم على أنهم من الاقليات كون مصر بلادهم وبلاد أجدادهم عاشوا لها وقاتلوا اعداءها وماتوا من أجلها.
ولأن الدولة المصرية سمحت للسلفيين أصحاب التوجه الديني الأصولي التكفيري بأن يكون لهم حزبا سياسيا شرعيا في دولة تفجرت فيها ثورتان كبيرتان هتفتا لدولة مدنية حديثة ، ففي ظني أن الدولة لم تقدم على ذلك مضطرة على غير إرادتها بل تعي ذلك جيدا وتقصده وتتطلع لنتائجه. فهي تضرب عصفورين بحجر واحد حيث تريد أن تجعل السلفيين يعملون في وضح النهار وأمام ناظريها تحت عباءة حزب على غير مسمى حتى توفر على نفسها عناء البحث عنهم وقت الحاجة في الأوكار المظلمة ومغارات الخفافيش التي يجيدون العيش فيها ويتكيفون معها ، و في المقابل تهدف لأن تجعل منهم " الفزاعة" للمسيحيين، فتتيح لهم اعتلاء المنابر وتسمح لهم بارتفاع الحناجر مهددين ومتوعدين كل من يخالفهم العقيدة والرأي ولا تمانع أبدا في ان توفر لهم فرصا في كل وسائل الميديا ليبثوا من خلالها فتاواهم بالتكفير والتحريم والتحريض فيرضى المسيحيون بأقل القليل من حقوقهم حامدين منة الدولة عليهم وشاكرين فضلها. وكأن الدولة تقول للمسيحيين :عليكم بقبول الفتات راضين فها هي فئة من المجتمع تتلمس ابتلاعكم ولن يحميكم منها سوى جدار الدولة المتين، وتقول للسلفيين: اطمئنوا فإن الدولة مازال يسري في عروقها دم العهدة العمرية ومازلت تحن ويميل هواها وغرامه للخط الهمايوني .
لقد نجحت الدولة بذكاءها ان تجعل المجروح يري في جرحه أمرا أهون من ذبحه والمظلوم يرى في ظلمه أمرا أهون من تشريده والمواطن يرى في حرق كنيسته أمرا أهون من تهجيره بل جعلت السلفي يرى في السماح له بتطويل لحيته أمرا اهون من ذقن دوجلاس الإخوان عند القبض عليه " صفوت حجازى "
إن الانبا بولا ذلك الأسقف المثقف الواعي "المستنير" حينما يصف السلفيين بانهم فصيل وطنى حتى النخاع وهو أول العارفين بمكنون بواطنهم قبل ظواهرهم ثم نجد السلفيين يفتون بأن الخروج على الحاكم حراااام شرعا وهم الذين يكفرون بالدولة ويكَفّرون حاكمها ليس ذلك معناه "عبط الانبا بولا " ولا معناه " نفاق السلفيين " بقدر ما هو نتيجة طبيعية لذكاء الدولة .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com