ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الحاجة إلى واحد

| 2010-12-31 10:02:24

بقلم: رضا سمير
أجد نفسى تائه وسط الزحام، وسط الصراعات، والضغوط التي تملاء الحياة .. أمواج كثيرة تلطمني، ولست أعرف أن أكتشف منِ أنا؟ وما هى قيمتي في هذه الحياة الواسعة التي تمتليء بالكثير؟ أحلِّق بهذا وذاك من المجالات والأعمال والأنشطة؛ لأشبع داخلي، بدلاً من الجوع الشديد الذي يمتلكني، فأجد نفسي في جوع أكثر..

جُعتُ كثيرًا، ولا أتذكر متى كانت آخر مرة شبعت فيها.. جلست أمام التلفزيون أبحث عما يُشبِع؛ لعل أجد شيئًا.. شاهدت وسمعت الكثير من الأخبار، حتى سئمت. شاهدت الكثير من الأفلام والبرامج، ولكن خرجت كما أنا يمتلكني الجوع وأفتقر لما يُشبع النفس.

فقلت: العمل هو فيه كل الكفاية. وعملت أكثر وأكثر.. وفي النهاية، أجد من يمدحني على ما صنعت. فرحت وشعرت بالشبع، ولكن لم يدم هذا الاحساس، وعدت أشعر بالجوع والفراغ أكثر.

أكيد الشبع يوجد في العلاقات والأصدقاء الكثيرين! فخرجت إلى العالم الواسع عالم الـ"فيس بوك" و"الشات"، أبحث عن أصدقاء أتحدَّث إليهم عن أي شىء، وهم يتحدثون لي.. تجري ساعات بيننا في الحديث، ولا نشعر! يا لها من متعة, ولكن كانت تنتهي بإنتهاء الحديث، أو حدوث مشكلة في النت، وأعود كما كنت في السابق.

وبعد وقت، وجدت نفسي وحيدًا.. لم أجد أحد حولي سوى الكمبيوتر. فقدت التواصل مع من حولي؛ فامتلأت باليأس والفقر للشبع الحقيقي.

وكأني في كل مرة حاولت أن أشبع نفسي، جُعت أكثر؛ فيدي تمتد إلى كل ما هو مر، فأفقد السيطرة على نفسي. ربما أن تكون هذه حالة الكثيرين الذين يتجهون إلى العديد من المصادر لشبع النفس، منها ما ذكرت وغيرها. لست أقول أن العمل ومشاهدة التلفزيون وأصدقاء الـ"فيس بوك" خطأ، ولكن الدافع خلف كل شىء نقوم به من نشاط حتى إذا كان نشاطًا روحيًا.. هل هو بسب جوعي واحتياجي للشبع؟ وهنا تكمن المشكلة.
 
عندما يكون هذا هو الدافع، فغالبًا لا أنال شيئًا مما أحتاج، وأظل كما أنا أبحث عن الشبع في كل ما هو حولي. فكل شىء حولي لا يشبع إلا لوقت قصير لا يكفى ليوم واحد.
 
نحتاج إلى مصدر للشبع بعيدًا عن كل هذه المصادر. مصدر يكون أقوى وأعظم من احتياجنا.. مصدر يحتوينا.. يعرف حقيقة وضعف كل شخص فينا.
 
دكتور التغذية والسمنة ينصح المرضى المصابين بالسمنة أن لا يتركوا أنفسهم حتى يجوعوا؛ لأنهم عندما يجوعون لا يقدرون على التحكم فى الأكل، فيلتهمون الكثير من الطعام ولايشعرون بالشبع، مما يؤدى إلى إفساد النظام الغذائي.
 
وهذه النصيحة يجب ألا تُطبَّق فقط على من يريدون وزنًا صحيًا، ولكن أيضًا على من يريدون نفس صحيحة؛ لأننا عندما نترك أنفسنا بعيدًا عن المصدر الحقيقي للشبع، ونحفر لأنفسنا آبارًا مشققة، ونأكل منها ولا نشبع ولا نتقوى بالغذاء الصحي النافع للبنيان، بذلك تكون النفس البشرية غير صحية؛ لأنها امتلأت بالدهون والشحوم التي تضر ولا تنفع.
 
وأتساءل: متى أكلت آخر مرة من يد أبيك السماوي الذي يعرفك جيدًا، ويعرف احتياجك؟ هل تقدر أن تقول معي: أنا الذي تركت نفسي بعيدًا عن مصدر الشبع؟
 
هل تقدر أن تقول معي: أنا الذي تركت نفسي حتى جعت، وتحوَّلت للبحث عن ما يشبع جوعي أيًا كان؟
 
هل تقدر أن تقول: هذا خطأي ليس خطأ أبي؟ هل تقدر أن تقول معي: إني اُرهقت وتعبت كثيرًا من البحث، وأريد أن أشبع من عند أبي؟ هل وهي الأخيرة تقدر أن تقول: كم من أجير لأبي يفضل عنه الخبز وأنا أهلك جوعًا، أقوم وأذهب إلى أبي؟

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com