ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

دعوة ملحة إلى أساقفة المهجر

د. صبري فوزي جوهرة | 2011-01-02 12:45:26

بقلم: صبري فوزي جوهرة
اعتصرت قلوب الأقباط و اهتزت ضمائرهم  مع مطلع الدقائق الأولى للعام الميلادي الجديد، لوقوع مجزرة أخرى كان احتمال وقوعها مسألة وقت.
فقد اعتادوا أن تصطحب مثل هذه المذابح بدايات التقويم الميلادي, وأصبحوا يؤرخون سنوات هذا الزمن الغابر بإطلاق أسماء هذه المذابح عليها, فهذه سنة"الكشح"و تلك سنة"نجع حمادي"و أخيرًا سنة كنيسة القديسين بـ"الإسكندرية".

وكنت قد تساءلت منذ أربعة أيام في مقال نشر في موقع الأقباط الأحرار تحت عنوان"هل في مستقبل أقباط مصر مصير متظاهري ميدان تيان نان من"رجوعا إلى قتل حكومة الصين الجماعي بالمدرعات لمواطنيها المتطلعين إلى الحرية. و لم أكن أتوقع أن يلقى أقباط مصر مصيرًا أسوأ من ذلك الذي لحق بطالبي الحرية في الصين بمثل هذه السرعة و الوحشية و القدر. فكل أعمال السلطة في مصر متكاسلة و ناقصة و فاشلة فيما عدا ما يتعلق منها بحصد الأقباط و القضاء عليهم.

لقد تفاقمت الأمور إلى حد تواطؤ الدولة و مشاركتها فى عملية إزالة عرقية سافرة سافلة تستهدف الأقباط. و من ثمة, أصبح من المحتم, و قد أصبح أصحاب مصر الأصلاء عزل و رهائن بلا دفاع أو حماية في وطنهم, أن يستغيثوا بضمير الإنسان العالمي خارج بلادهم لوقف هذا الإرهاب و القتل الجماعي.

و بالرغم من أن العالم قد أصبح على بعض العلم بما يلاقيه مسيحيو الشرق الأوسط عامة من محاولات الإفناء, فان الموقف قد أصبح من الخطورة بمكان يتطلب المزيد من الجهد لاستدعاء سريع للقادرين من المهتمين بحقوق الإنسان، و استقرار الأمن في العالم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مصير الأقباط فى وطنهم.

بناء على ما سيق, لا أرى مفرًا من مضاعفة الجهود لتعريف العالم بمأساة المسيحيين فيما يسميه البعض ببلاد الإسلام. لذلك, اقترح الآتي:
أولا: يتطلب الأمر جمع المال  للاستعانة بالمحترفين في شئون الدبلوماسية و حقوق الإنسان و الإعلام المحترم ذو المصداقية العالية. ناهيك عن تعويض اسر الشهداء و غيرهم من المتضررين ماديًا من تخريب امة لا اله إلا الله. و بالرغم من تواجد أعداد كبيرة جدًا من الأقباط الأثرياء, القادرين على تمويل هذا الجهد الحيوي داخل مصر و خارجها، و بالرغم من أن جميعهم يعلمون تمامًا بحقائق صراع الأقباط للبقاء, إلا أنهم لا يستجيبون إلى النداء بتأسيس صندوق مالي يتولى الإنفاق على هذه الضروريات، بينما لا يترددون مطلقًا في إشادة الكنائس, شبه الخاصة بهم في بعض الأحيان, و تزيينها بالغالي و النفيس من الرخام و البلور و غيرها. و لكنهم يستجيبون عادة بسخاء إلى نداء رجال الاكليروس خاصة من المطارنة و الأساقفة و لا يبخلون عليهم بالأموال.

ثانيا: اقترح أن يجتمع جميع أساقفة الكنيسة في بلاد المهجر في اقرب وقت مستطاع في لقاء خاص لتأسيس الصندوق المقترح، و يدعون القادرين من الأقباط على المساهمة الفعالة في إقامته. فقد فشل العلمانيون منا إلى الآن, لعيوب جسيمة فينا, في التعاون على إقامة كيان موحد يتمتع بالشرعية و الجدية و الفاعلية, لتبنى قضايا أخوتنا من ضحايا الوطن.
 و بالرغم من رغبة الجميع في إبعاد الكنيسة عن السياسة إلا أن للواقع أحكامه و ضرورياته. فلا شك أن الأقباط يغدقون الأموال بكرم إذا جاء النداء من رجال الكهنوت. و لعل من الفوائد الفرعية الهامة التي قد يثمر عنها مثل هذا الاجتماع أيضًا, زرع نواة الهيئة السياسية العلمانية العالمية لأقباط المهجر التي طالما داعبت أحلام الجميع، ولكنهم فشلوا في إقامتها لتفضيلهم المجد الذاتي على مسؤولية الخدمة.

دعني هنا أن أؤكد بكل جلاء ووضوح أنني لا أدعو إلى إقامة "مجمع مقدس" خاص بالمهجر منفصل عن مجمع كنيسة الإسكندرية الواحدة الوحيدة. بل أن الأمر لا يتعدى أن يكون إجراء مؤقت يتناول الظروف التي نواجهها بوضوح في هذا العصر الأسود، و التي هي قضية حياة أو موت الوجود القبطي في"مصر".  ليس في الأمر دعوة إلى غرس الكنيسة في متاهات و أوحال السياسة أيضًا, بل هو محاولة لرفع هذا العبء عنها.
 
واقع الأمر هو أن النظام القائم في" مصر" قد اختزل الوجود القبطي في رئاسة الكنيسة في البلاد، وهو يعلم تمامًا أنها في ذات الوقت رهينة لمناوراته القذرة, و أنها تعف عن مقابلة هذه القذارة بالمثل, فيتمادى و لا يتردد في الإتيان بأي عمل غير أخلاقي في سبيل الحفاظ على السلطة، بما في ذلك محاولات استرضاء الإسلام المتوحش بإلقاء الأقباط العزل إليه في ساحات الافتراس. لن يكون لحكومة مصر الفاشلة القدرة على الاستقواء على أقباط المهجر كما تفعل برئاسة الكنيسة في"مصر"كما هو الحال الآن. بل أن الأمور ستنعكس عندما يصل صوت الأقباط إلى العالم و يحد ذلك من شراسة الإسلام و السلطة.
وربما كان في وضع البشير و ما ينتظر سودانه الذي وعد بإلزامه بالشريعة السمحاء بعد الانهيار، و التفتت الذي سيلحق به بعد أيام, ما يروض الوحوش و يوقظها إلى حقيقة أمرها وهى أنها هوام و عالات و أوبئة على المجتمع الدولي و خطر محدق يتهدد سلام العالم.

علينا نحن أقباط المهجر, أكثر الذين عانوا علما بحقائق ومخاطر الإسلام, و قد فشل في التوصل إلى صيغة تعايش مع أربعة أخماس سكان هذا الكوكب, و أصر على التمسك بمعطيات خاطئة و خطيرة و ضارة, أن نقود العمل على إرشاد العالم إلى الوسائل الفعالة لإحلال السلام على الأرض، و استئصال ربكة الكراهية والعدوان و الإرهاب و العنصرية من كافة أركانها.

اقتراح آخر أرجو أن يتسع صدر رئاسة الكنيسة له هو الاكتفاء بالصلاة في الكنائس عشية عيد الميلاد، و عدم استقبال المنافقين الذين يدعون المجيء للتهنئة بينما يضلعون في التآمر على الأقباط، و ما زال طعم كحك العيد في أفواههم الآثمة.

أما عامة الأقباط أمثالي فليخرجوا  إلى كنائسهم ألوف ألوف و ربوات ربوات، يمجدون الرب وإن اختفت المسرة من قلوبهم في هذا العام. لا تتراجعوا أمام الكلاب الشرسة. كلنا نعلم إنها تلاحق من يجرى أمامها و تتراجع بجبن أمام من يتصدى لها.
لقد أطفأت أضواء زينة عيد الميلاد في منزلي.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com