شىء جيد أن ينعقد مؤتمر الشباب، وأن تكون هناك ورش عمل وندوات ولقاءات، وأن يشارك فيه ٣ آلاف شاب تحت سن الأربعين. وشىء جيد أن يكون اختيارهم بناء على ترشيحات الجهات المدعوة وليست الداعية. على سبيل المثال «الشروق» تلقت اتصالا من مؤسسة الرئاسة تطلب منها ترشيح ستة من شباب المحررين، قامت باختيارهم إدارة تحرير الجريدة وليس رئيس التحرير.. لكل شخص منهم قناعاته وأفكاره وآراؤه الذاتية، وبعضها قد يكون مختلفا مع الحكومة والرئاسة.
وأتمنى أن يكون ذلك هو ما حدث فى بقية المؤسسات والهيئات المختلفة، وكنت أتمنى أيضا أن تشارك كل الأحزاب ولا تقاطع، وأن تذهب إلى شرم الشيخ وتختبر جدية المؤتمر وتطرح ما تشاء من أفكار وآراء. لكن للأسف فإن بعض الأحزاب قاطعت اعتقادا منها أن الحكومة غير جادة فى الأمر.
كل ما سبق جيد، لكن رسالتى إلى القائمين والمشاركين فى المؤتمر هى الآتى:
أرجوكم انسوا تماما الكلمات المنمقة والمعسولة والإنشائية والشعارات والخطب الحماسية. كل ذلك لن يصمد خمس دقائق فى ظل الأزمة الطاحنة التى نعيشها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا.
أفضل شىء يمكن أن ينتهى إليه الموضوع، أن يرسل الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاح أو نهاية المؤتمر رسالة طمأنة إلى كل أو غالبية فئات الشعب المصرى بأن هناك أملا فى الغد.
وبالطبع فإن «أمل فى الغد» هى جملة إنشائية شعاراتية تحتاج إلى تفصيل واضح، بحيث تتضمن قرارات وإجراءات محددة على الأرض تفتح الأفق المسدود أمام كثيرين يعتقدون أنه لا أمل على الإطلاق.
لو أن الرئيس السيسى على سبيل المثال دعا رؤساء الأحزاب وقادة القوى السياسية الحقيقية وليست الديكورية وجلس معهم واستمع منهم إلى رؤيتهم لحلول الأزمات التى نمر بها، فربما يكون ذلك تطورا مهما، وفى هذا الأمر لا يتم استثناء أى قوة أو حزب طالما أنها تؤمن بالقانون والدستور.
لو أن الرئيس أعلن عن لقاء مماثل مع قادة النقابات المهنية، وخصوصا الأساسية منها مثل الأطباء والتجاريين والمهندسين والمحامين والصحفيين، فسوف يبعث ذلك برسالة مهمة إلى عدد كبير من المصريين الأعضاء فى هذه النقابات، بأن هناك أملا فى الغد.
لو أن الرئيس التقى مع أبرز قادة المجتمع المدنى والمنظمات الحقوقية، واستمع إلى همومهم أو شرح لهم وجهة نظره، فربما يقود ذلك إلى تخفيف حدة الأزمة بين الجانبين بنسبة كبيرة.
يستطيع الرئيس مثلا أن يلتقى مع أعضاء اتحادات الطلاب أو ممثلين منهم ليؤكد لهم أن الدولة ليست فى حالة صدام معهم.
لكن أهم إجراء من وجهة نظرى يمكن أن يقود إلى حلحلة للأزمة الشاملة هو أن يصدر الرئيس السيسى قرارا بإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من المسجونين خصوصا الشباب.
أرجو أن تدرس مؤسسة الرئاسة إجراء محددا فى هذا الشأن بحيث يتم إطلاق عدد كبير من المقبوض عليهم، طالما أن أيا منهم لم يتورط فى عمليات عنف أو إرهاب وأيديهم ليست ملطخة بالدماء.
أعرف أن هذا الملف فى يد النيابة والقضاء، ولابد أن يتم الأمر بصورة قانونية، ويمكن وضع معايير محددة، بحيث يكون الهدف هو تخفيف الاحتقان.
إطلاق سراح أى شاب يعنى نهاية مشكلة شخصية وعائلية وكل من يعرفه، وبنسبة 99% من الذين سيفرج عنهم فربما لن يعودوا حتى للعمل بالسياسة من بعيد أو قريب.
لو حدث قرار مثل هذا، فقد يكون أفضل بداية جادة بين الدولة والشباب، بل بين الدولة وكل المجتمع.
نقلا عن الشروق
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com