لوحة زيتية، يظهر عليها طفل يبكي طوال الوقت، ولا تخلو جدران البيوت المصرية من تلك اللوحة العالمية، التي تم تقليدها بالطبع في شكل نُسخ متعددة، تتضمن كلها بُكاء الطفل نفسه، ولكن لذلك الطفل حكاية تعود إلى الستينيات من القرن الماضي.
في أواخر عام 1969، كان الفنان «برونو اماديو»، الشهير بـ«جيوفاني براغولين»، يجوب شوارع العاصمة الإسبانية، مدريد، مُمسكًا بريشته وألوانه، وأثناء سيره سمع صوت بكاء طفل، تتبّع «جيوفاني» مصدر الصوت، وإذ به يرى ولدًا يرتدي ملابس قديمة، جالسًا أمام أحد المحلات القديمة باكيًا، كما ذُكر في موقع The Paranormal.
وعندما اقترب «جيوفاني» من الطفل وسأله عمّا يُبكيه، نظر إليه الولد صامتًا، فأشفق عليه «جيوفاني»، واصطحبهُ معه وجلب لهُ الطعام، ووسط تناول الوجبات، رسم لهُ لوحة بورتريه، وبعد ذلك أصبح الولد يزوره كثيرًا فرسم له العديد من اللوحات، والغريب في الأمر أنه في جميع زيارات الطفل للرسام كان أيضًا يبكي ولا يتكلم، وهذا ما يفسر النسخ الأخرى التي رسمها جيوفاني للطفل وهو باكٍ، وفي يده كسرة الخُبز.
وبعد فترة قصيرة زار «جيوفاني» كاهنًا ليسأله عن الطفل، وأخبره بأن اسمه «بونيللو»، وسبب بكاء الطفل هو أن منزله تعرّض للحريق ورأى والده بعينه وهو يتفحم من الحريق حتى الموت، فأصبح الطفل يجوب في الشوارع وهو يبكي طوال الوقت.
لم يتحدث الكاهن كثيرًا، لكنه نصح «جيوفاني» بألا يساعد الطفل أكثر من ذلك، لأنه أينما ذهب تشب النار في إثره، وبعد سماع «جيوفاني» نصيحة الكاهن شعر بالرعب كيف لرجل دين أن ينصحه بأن يكف عن مساعدة طفل يتيم وضعيف، ولذلك لم يأخذ بنصيحة الكاهن وتبنّى الطفل، وفي تلك الفترة أصبح يرسم له الكثير من البورتريهات، وعرض رسوماته في أوروبا حتى أصبح من أشهر الأثرياء جراء هذه اللوحات.
وفي منزل الرسام، عاش معهُ الطفل الباكي، وذات مرة عندما عاد «جيوفاني» إلى المنزل بعد مشوار طويل، وجده محترقًا كاملًا، بما في ذلك أشهر لوحاته، ماعدا لوحات الطفل الباكي، فاتهم «جيوفاني» الطفل بإحراق منزله متعمدًا، إلا أنّ الطفل هربَ من المنزل، ولم يعد يراه «جيوفاني» أو يعرف عنهُ شيئًا.
وفي عام 1976، ورد في الأخبار خبرٌ عن حادث سيارة كبير وقع في برشلونة، حيث إن سائق السيارة اصطدم في جدار خرساني لسرعته في القيادة فاحترقت السيارة ومات السائق بداخلها وتشوهت ملامحه فلم تعد تُعرف هويته، ولكن تم العثور على جزء من رخصة قيادة السائق الذي تبين أنه شاب يبلغ من العمر 19 عامًا، وكان اسمه «دون بونيللو».
وبعد فترة، ظهرت تقارير صحفية عديدة عن حوادث حريق غريبة في أوروبا، ولم يُعثر في السجلات على موت شاب باسم «دون بونيللو» في حادث سيارة، ولا حتى عن حريق منزل باسم برونو أماديو أو جيوفاني براغولين، ولذلك تعدّدت الأقاويل والأساطير في شأن هذه اللوحة، خاصة أن جيوفاني براغولين رسم العديد من اللوحات باسم لوحة الطفل الباكي وكان الأطفال بهيئات مختلفة وبأعمار مختلفة، وقد يكون بونيللو واحدًا من هؤلاء الأطفال.
وذكرت صحيفة «الصن داي» البريطانية أن هناك بعض رجال الإطفاء ذكروا أن جميع المنازل التي احترقت وكانت تحوي هذه اللوحة تفحمت فيما عدا اللوحة ذاتها، وقد اعتقد الكثير من الناس بأن روح الطفل كانت تحوم حول اللوحة وصدقوا هذه الرواية، فقاموا بالتخلص من اللوحة خوفًا من اندلاع حريق في منازلهم، لذلك وصفتها الصحافة العالمية بـ«اللعنة».
يفسر البعض سر نجاة لوحات «الطفل الباكي» من حوادث الحريق هي المواد التي كانت تصنع منها اللوحات، حيث إنه عادة عندما يتم عمل نسخ ضخمة من لوحات معينة تتم طباعتها على أسطح قوية، وكانت لوحات «الطفل الباكي» تُصنع من ألواح مضغوطة تتسم بصعوبة اشتعالها، مما يفسر عدم احتراق اللوحات في المنازل التي كانت تحترق.
لم تؤثر كل هذه الأقاويل والأساطير عن اللوحة في شعبيتها، بل العكس تمامًا، فقد ازداد الإقبال على اللوحة، خاصة في بداية القرن الواحد والعشرين، حيث كان لا يخلو منزل إلا ويضع هذه اللوحة.
وفي عام 2006، قام مجموعة الطلاب الهولنديين المعجبين في اللوحة بمحاولة تجميع نسخ اللوحات التي تبلغ 27 لوحة للطفل
لباكي، بهدف وضعها في موقع إلكتروني، ولكن الموقع اختفى بعدها تمامًا
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com