«الأوضاع الاقتصادية المتأزمة حالياً تتطلب إجراءات فعالة من قبل الحكومة لا سيما وزراء المجموعة الاقتصادية لإدارة الموارد الاقتصادية للدولة بمزيد من الذكاء والحرص حتى تعود بالنفع على الاقتصاد المصرى مع ضرورة ربط الحزام ووضع آليات واضحة لخطة التقشف الحكومى».. هكذا أكد الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب والخبير الاقتصادى، لافتاً إلى أن الحديث عن مليارات الصناديق الخاصة وغيرها من الحلول «كلام وهمى وعبث» فى وقت يتطلب العمل بجد وواقعية للخروج من النفق المظلم، مؤكداً أن تعويم الجنيه ورفع أسعار المواد البترولية قادم لا محالة، ولا بد من التحول إلى الدعم النقدى.
وإلى نص الحوار..
«فؤاد» لـ«الوطن»: على الحكومة «ربط الحزام» ووضع خطة تقشف محددة
■ ما تقييمك للوضع الاقتصادى حالياً؟
- للأسف الوضع الاقتصادى سيئ للغاية ونحتاج إلى إجراءات عاجلة للخروج من الظروف الاقتصادية الراهنة.
■ وما إجراءات الخروج من الوضع الاقتصادى؟
- يجب السيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة المزمن وتفاقم الدين العام، وإيجاد حلول لمشكلة انفلات أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الجنيه إضافة إلى إيجاد حلول عاجلة للسيطرة على المستويات المرتفعة للتضخم وحتى هذه اللحظة لا أرى آليات واضحة من قبل الحكومة للسيطرة على هذه المشكلات الثلاث.
■ لكن المجموعة الاقتصادية تقوم بإجراءات لتحسين المناخ العام للأعمال..
- هم يتحدثون أن قانون الاستثمار على رأس أولوياتهم لكن «خلينا نتكلم بصراحة.. مين هييجى يستثمر عندك وفيه أكتر من سعر للدولار»، كما أن المستثمرين لا يتوفر لهم دولار فى السوق ويضطرون للجوء للسوق السوداء، والشركات تشكو من عدم قدرتها على تحويل أرباحها للخارج، فالأولويات التى يجب أن تضعها الحكومة أمامها هى السيطرة على عجز الموازنة والارتفاعات المتتالية فى التضخم.
■ فيما يتعلق بالسيطرة على عجز الموازنة، ما البدائل غير اللجوء للاستدانة؟
- يجب التعامل مع الموارد المتاحة، أما الحديث عن بدائل ابتكارية وحلول خارج الصندوق وما إلى ذلك فكل ده «كلام هلس» غير واقعى وأرى أن الواقع الحالى يحتم علينا التعامل مع الأزمة الراهنة بالطرق الكلاسيكية.
■ رئيس الوزراء أعلن مؤخراً عن اتجاه للتقشف فى النفقات الحكومية، ألا تراها كافية؟
- لابد من توضيح بنودها، فالحديث عن التقشف الحكومى نسمعه منذ 2015 حيث وضعت الحكومة آنذاك خطة للتقشف الحكومى وكان ضمن خطة للإصلاح الاقتصادى وكانت ممتازة وحددت إجراءات لزيادة الإيرادات منها فرض ضريبة 5% كضريبة ثروة، وعمل قانون للتعدين وقانون القيمة المضافة ورخصة المحمول الرابعة والتصالح الضريبى إضافة إلى ترشيد النفقات.
■ لكن الحكومة بالفعل قامت بتنفيذ نسبة كبيرة من هذه الإجراءات..
- نعم، تم الإعلان عن بعض هذه الإجراءات وبعضها فى إطار التنفيذ حالياً، لكن النتيجة هى المقياس بالنسبة لى وليس الحديث عن الإجراءات، فالنتائج هى الفيصل، أما الحديث عن إجراءات وهمية فلا جدوى منه.
■ ما الذى تقصده بالإجراءات الوهمية؟
- الحديث الدائر حول أن الصناديق الخاصة هى الحل أو تحويل رسوم المرور بقناة السويس إلى الجنيه بدلاً من الدولار.. هذه حلول «خزعبلية.. حماسية» لا تتفق مع العقل أو المنطق.
الحديث عن حل الصناديق الخاصة أمر «خزعبلى».. والأثر السلبى للتعويم وقع بالفعل وتحمله المواطن ولا مجال لأى تخوفات
■ لكن رئيس البرلمان وجه وزير المالية لحصر الصناديق والحسابات الخاصة لسد عجز الموازنة؟
- مع احترامى لقرار رئيس البرلمان، هذا ليس حلاً، خاصة أن كثيراً من الصناديق الخاصة هى بالفعل تخضع للرقابة وإذا بحثنا عن الحسابات الخاصة المنسية، كما يسميها البعض، فما القيمة المتوقعة منها، 100 مليون جنيه مثلاً، هل هذا الرقم يسد عجز الموازنة العامة، مصر لن تنظم إلا بإدارة محكمة لمواردها بشكلها التقليدى، أما الحديث عن موارد وهمية منتظرة فهو مجرد كلام «مايأكلش عيش».
■ دعنا نرجع للموارد التقليدية الحالية.. كيف نعظّم الإيرادات الضريبية؟
- أولاً يجب العمل على رفع كفاءة التحصيل مع طرح أنواع جديدة من الضرائب، إخضاع شرائح جديدة للمنظومة الضريبية، خاصة الاقتصاد غير الرسمى، وتوسيع القاعدة الضريبية عبر منح بعض التيسيرات مثل التسجيل فى مأموريات الضرائب بالإخطار، وهناك ملايين الأكشاك، فالاقتصاد المصرى معظمه اقتصاد صغير.
■ إذاً أنت مع تخفيض الضريبة؟
- بالعكس أنا مع فرض الضرائب بذكاء، فيمكن للدولة رفع الضريبة تدريجياً على مدى زمنى وفقاً لارتفاع المستويات العامة للدولة، وأقول للمسئول فى الجهاز الحكومى عن تخفيض الضريبة على الدخول إلى 22.5% بعد أن كانت 25% بدعوى جذب الاستثمارات الخارجية، إن المستثمر لا يتخذ قرار الاستثمار فى السوق المصرية لأن سعر الضريبة منخفض.
■ وما الإجراءات الواجب اتخاذها للسيطرة على التضخم؟
- التضخم ناتج عن طبع النقدية من قبل البنك المركزى أو ضخ أموال لا يقابلها إنتاج أو الاقتراض المباشر، كل ذلك سيؤدى إلى ارتفاع مستويات التضخم والاقتراض المباشر للحكومة، وإذا تابعنا مؤشر السيولة العامة فى السوق لدى البنك المركزى سنلاحظ أنه فى ازدياد مستمر ويتحرك بوتيرة متوازية مع ارتفاع مستويات التضخم، إضافة لتوفير البنك المركزى لسيولة نقدية للحكومة لا يقابلها إنتاج أو سند ورقى، وهذه السيولة وصلت 600 مليار جنيه، هذه الأموال غير مدرجة فى الديون على الحكومة والمقدرة بـ3 تريليونات جنيه، فهذا أمر تسبب فى ارتفاع معدلات التضخم، وفى لقاء جمع أعضاء البرلمان مع طارق عامر، محافظ البنك المركزى، وعدنا بالعمل على السيطرة على مؤشر السيولة العامة فى السوق.
■ برأيك كيف يمكن السيطرة على أزمة سعر صرف الدولار؟
- مشكلة سعر الدولار فى مصر هى وجود سعرين للصرف، والحل هو تعويم الجنيه، فتعويم الجنيه حدث بالفعل فى السوق لكن ينقصه اعتراف الحكومة رسمياً بذلك، وأؤكد أنه طالما الحكومة متمسكة بالتعامل مع صندوق النقد الدولى فعليها القيام بذلك، فلم يحدث أن صندوق النقد الدولى تعامل مع دولة لديها سعران لصرف الدولار، فالإعلان الرسمى عن التعويم قادم لا محالة، كما أن رفع أسعار الطاقة قادم لا محالة.
■ لكن الشارع المصرى متخوف من تأثير تعويم الجنيه على مستوى المعيشة..
- دعنا نتحدث بصراحة.. الأثر السلبى لتعويم الجنيه بالفعل حدث وتحمله المصريون فى الواقع.
■ لكن هناك تخوفات من تفاقم الأثر بعد إعلان الحكومة رسمياً..
- لا بديل لدينا، فهناك مشكلة وجود سعرين للدولار ولابد من توحيد السعر عبر تعويم العملة، المعضلة الوحيدة أمام الحكومة ومحافظ البنك المركزى ليس التعويم وإنما امتصاص الدولار من السوق السوداء، ولتحقيق ذلك عليه أن يوفر سيولة العملة الصعبة فى الأسواق وطرح عطاءات استثنائية لسحب الدولار من يد المضاربين ليعود للمنظومة الرسمية، أما التعويم بدون توفير السيولة الكافية للسوق فسيدخلنا فى نفق مظلم لأن المشكلة الرئيسية للدولار هى تزايد الطلب عليه من المستوردين والمستثمرين وعدم توافره بالشكل الكافى فى السوق الرسمية مما يدفعهم للجوء للسوق السوداء.
■ ما الإجراءات الأخرى الواجب على الحكومة القيام بها لتحفز الاقتصاد المصرى؟
- أهم هذه الإجراءات هو تغيير توجه الحكومة نحو المشروعات القومية والتى تستنزف أموال الخزانة العامة للدولة.
■ هل ترى أن الدعم النقدى أفضل من العينى؟
- بالفعل، فمثلاً دعم أنبوبة البوتاجاز بأكثر من 35 جنيهاً لتصل إلى المستهلك بـ12 جنيهاً غير منطقى، لأن المستهلك فى النهاية يحصل عليها بسعر 35 جنيهاً و50 جنيهاً أحياناً، بما يعنى أن دعم الحكومة لأنبوبة البوتاجاز مثال للدعم «الأخرق»، ولا بد من بيع السلع بتكلفتها الحقيقية ومنح المستحق للدعم قيمة الدعم نقدياً، كما يجب تحديد آلية الصرف عند التحول للدعم النقدى مع مشروطية منح الدعم النقدى بضرورة تعليم الأطفال والمحافظة على صحتهم العامة.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com