كتب: محرر الأقباط متحدون
أصدرت سلسلة كتب مصورة جديدة هدف لجذب الانتباه لمشكلة الهجمات بالأسيد التي تشوه الكثير من النساء في الهند سنويًا. وتعاني الناجيات من صدمة عاطفية وجسدية والعيش في عزلة تامة. مونيكا سينج من الناجيات اللواتي يتحدين هذا الوضع.
رددت "الحياة أثمن من أن نقضيها في البكاء والنحيب"، بهذه الكلمات قالت مونيكا سينج التي ترفض ببساطة أن ترى الحياة من منظور مختلف، حسبما أفاد "مصراوي".
وأضافت: "لا أريد أن أفسد حياتي بالتفكير بالأحداث السيئة التي حدثت في الماضي، أنا على قيد الحياة، وهذا ما يهم".
عندما تنظر هذه الشابة لنفسها في المرآة الآن، ترى إنسانة مختلفة عما كانت عليه منذ عدة سنوات، وذلك ليس بسبب تقدمها في العمر، بل لأنها تمتلك وجهًا مختلفًا الآن".
تروي ندوب وجهها قصة الحادث المأساوي، في ذلك اليوم الذي غير مجرى حياتها في عام 2005، عندما ألقى الرجل الذي رفضت الزواج منه الأسيد عليها على مرأى ومسمع المارة في الشارع. مما تسبب لها بحروق بالغة في كل أنحاء جسدها قلبت حياتها رأسًا على عقب.
حينها، كان لدى سينج البالغة من العمر 19 عامًا، من مدينة دلهي، الكثير من الأحلام والتطلعات، ولكنها لن تتمكن من مسح ذلك الحادث المروع من ذاكرتها أبدًا.
وأضافت قائلة: "إنها لحظة لا تنسى في حياة أي فتاة، الحرق المؤلم، والصراخ طلبًا للمساعدة. أمر مروع، لا أريد الكلام عن ذلك أكثر".
وكما ذكرت سينج، فإن الجاني اعتاد ملاحقتها ومراقبتها والضغط عليها للزواج منه، وعندما رفضت طلبه، استشاط غضباً وقرر الانتقام منها.
في السنوات اللاحقة، دخلت سينج "30 سنة" المشفى تكرارًا وأجريت لها ما يقارب الـ 50 عملية جراحية، تلقت سينغ الدعم الكبير من عائلتها، من والدها بشكل خاص، ومن أصدقائها أيضًا. وهي تعيش الآن في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة حيث تدرس تسويق الأزياء كما أنها أسست مؤسستها الخاصة كما تظهر بشكل منتظم كمتحدثة لبقة في البرامج الحوارية.
التقت مونيكا بالمنتج والمخرج السينمائي رام ديفينيني عندما ألقت خطابا في الأمم المتحدة في ربيع الـ 2016. وبعد ذلك بأشهر قليلة، التقى ديفينيني بناجيتين من هجمات الأسيد أيضاً. كان المخرج مبهورًا بمدى شجاعة الشابات وبنفس الوقت كان غاضبًا. إذ أوضح ذلك بالقول: "اكتشفت بعد التحدث معهن بأنهن قد واجهن الوصمات الثقافية ذاتها التي تتحملها ضحايا الاغتصاب".
وأضاف: "لقد عاملهم المجتمع الذي يعيشون فيه بطريقة تزيد من مرارة المشكلة، إذ أثرت معاملة عائلاتهم والجيران والمجتمع المحيط بهم على ما سيقومون به لاحقاً، إذ عوملوا غالباً كجناة لا ضحايا، من خلال لومهن ونبذهن الدائمين".
أراد ديفينيني إحداث تغيير عبر رفع مستوى التوعية بين الناس عن طبيعة المشكلة، لذا قرر أن يستخدم الكتب المصورة وأطلق عليها اسم (مرآة بريا Priya`s Mirror) التي طرحت رسمياً فيما بعد.
في ذلك الكتاب المصور، تحارب مجموعة من ضحايا هجمات الأسيد جنباً إلى جنب مع البطلة بريا، التي تساعد الناجيات في التغلب على مخاوفهن والهروب من طغيان ملك الشياطين. قصة ناضجة رمزية. يترافق ظهور الشخصية بريا مع مقدمة (بريا شاكتي) التي تحكي قصة ضحية الاغتصاب الجماعي التي تتمع فيما بعد بالقوة الكافية لمكافحة الجرائم الجنسية.
وأضاف المخرج: "بريا هي البطلة الأولى في الهند الناجية من الاغتصاب. أُبدعت بعد حادثة الإغتصاب الجماعي في الباص عام 2012. ومهمتها تتمحور على مهاجمة نظام المجتمع الذكوري وخلق التعاطف مع الناجيات من الاغتصاب والتمييز بين الجنسين". وتكافح بريا ضد معايير المجتمع الذكوري السائدة في الهند التي تشجع على العنصرية ضد المرأة.
أكد المخرج أن سلسلة (بريا شاكتي) حققت نجاحاً دولياً مذهلاً، بما يفوق النصف مليون تحميل. وقال: "تردد صدى الشخصية الرئيسية بريا بين الجمهور، وكتب عنها في العديد من الصحف والمجلات التي تصل إلى حوالي الـ 20 مليون قارئ".
تعتبر (مرآة بريا) العمل الأول الذي يتلقى الدعم المادي من البنك الدولي. وهي متوافرة للتحميل المجاني على العديد من المواقع وبلغات مختلفة منها: اللغة الإنكليزية والهندية، والإسبانية، والإيطالية، والبرتغالية، ومن المتوقع أن تترجم إلى لغات أخرى أيضاً.
يأمل المنتجون بأن تكون ذات فائدة لتعليم المراهقين على وجه الخصوص والشباب حول المساواة بين الجنسين واحترام المرأة. إذ يشدد ديفينيني: "يكون المراهقون في سن حرجة أثناء تعلمهم عن العلاقات وتكوين أفكارهم عن بعضهم البعض. لذا تلعب هذه السلسة دوراً قوياً في التحدث عن قضايا المساواة بين الجنسين".
وأطلقت هذه الكتب بالتزامن مع إطلاق التطبيق الذي يتيح إمكانية لخلق صور شخصية، تشبه وجوه ضحايا هجمات الأسيد، لشبكات التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك، والواتس آب. والهدف من وراء ذلك رفع مستوى الوعي وتحفيز النقاش العام حول هذه القضية.
ووفقاً لمنظمة الثقة الدولية لمساعدة الناجيات من هجمات الأسيد (ASTI) تتعرض حوالي الـ1500 إمرأة حول العالم لهجمات الإعتداء بالأسيد سنوياً. وقد يكون الرقم الحقيقي يفوق ذلك. وأشار ديفينيني: " تفضل الناجية من هجمات الأسيد غالباً ألا تتحدث عن حقيقة الحادث بل تقول إنها تعرضت للحرق أثناء الطبخ أو ما شابه ذلك تجنباً للعار الذي قد يلحق بها". أما الأخريات مثل مونيكا سينغ، فلديهن الجرأة لقول الحقيقة.
قررت مونيكا سينغ مواجهة الوضع عوضًا عن الاستسلام، وقالت :" لا أخفي نفسي أبدًا، لكنني بالتأكيد أعرف شعور الإعاقة والخوف من أن أكون شخصًا غير طبيعي في المجتمع". وأضافت :" لم أسمح لنفسي أبداً أن أكون "الفتاة التعيسة". ربما لهذا السبب تحظى مونيكا من بين نساء قلائل بصور كثيرة في سلسلة (مرآة بريا).
لم تكن مهمة الرسم بالأمر السهل أيضاً إذ كان على الرسام دان غولدمان تصوير الندوب والتشوهات، وفي الوقت ذاته مراعاة مشاعر الناجيات. فقال :" كنت أرسل الرسومات إليهن قبل نشرها لأتأكد من موافقتهن عليها، فآخر ما أتمناه هو إزعاجهن".
حافظت مونيكا سينغ على صدقها مع نفسها قبل وبعد الاعتداء الذي تعرضت له. وشرحت لغيرها من الناجيات من هجمات الأسيد بأن أهم ما يمكنهن فعله هو تقبل الوضع، وإلا سيكون المضي قدماً في الحياة أمراً في غاية الصعوبة.
وقالت: "لا أقبل بكلمة ضحية وأجدها مسيئة وغير عادلة، أنا إمرأة واثقة ومثقفة وقوية. أتمسك برسالتي في الحياة، وأكثر من ناجية، أنا مخاطبة مؤثرة، مصممة أزياء، خبيرة تسويق،. كما شاركت بعرض الأزياء على منصة أسبوع الموضة في نيويورك. مؤمنة بأن قوتي تكمن في ثقتي وثقافتي وبذلك تعلمت التأقلم مع وضعي".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com