بقلم : نوري إيشوع
عيوننا تبكي, و قلوبنا تنزف دماً, و ارواحنا تناجي الخالق, و نحن نرى خراف المسيح تُذبح أمام بيت الرب, شعب مسالم, محب, متسامح, يصلي حتى للقتلة الذين باعوا انفسهم لأبليس, إله هذا الدهر, بان يلمس الله قلوبهم و يعرفوه عن قرب ليكونوا ثمرة نعمة و بركة. مومنين حاملين شموعهم, و صلواتهم و اجتمعوا في ليلة ميلاد إله المحبة و السلام في كنيسة القديسين, وهم يتضرعون و يرنمون للرب بان ينشر سلامه و أمنه على كل المعمورة و خاصةً و طنهم مصر الذي أحبوه و بذلوا أرواحهم رخيصة من أجله ليبقى الوطن بهم شامخاً و أبيا, شعب مؤمن مفعم بايمان غير منقطع النظير لربٍ عشقوه و أصبحوا ذبائح حية تهرق دماءها أمام باب معبده المقدس و هي تعلم بان الشهادة لن تكون مكافأتها ملذات جسدية, أرضية, بل سينتقلون الى ملكوت السموات كأرواح طاهرة, نقية, و سوف ينعمون كملائكة في حضرة الله وهم يرنمون له.
منذ 2010 عام وُلد في بيت لحم, يسوع المسيح الطفل الذي جاء ليخلص العالم دون تمييز من براثن أبليس و لكن لأبليس اعوانه في كل مكان و زمان و شغله الشاغل محاربة الخير و الأمن, دحر المحبة و زرع الحقد و الشقاق بين أبناء أدم و حواء, فسخر الشيطان, هيرودس الملك الذي أرسل جنده فقتلوا كل أطفال أورشليم من سنتين فما دون و ابادوهم عن بكرةِ أبيهم, قاصداً بذلك الإله المتجسد يسوع المسيح ((13 وبعدما انصرفوا اذا ملاك الرب قد ظهر ليوسف في حلم قائلا قم وخذ الصبي وامه واهرب الى مصر وكن هناك حتى اقول لك.لان هيرودس مزمع ان يطلب الصبي ليهلكه.14 فقام واخذ الصبي وامه ليلا وانصرف الى
مصر. 15 وكان هناك الى وفاة هيرودس.لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل من مصر دعوت ابني))مت 13:2
أعزائي, التاريخ يُعيد نفسه, على الرغم من أختلاف المكان و الزمان و الأشخاص, ها هم خراف و أطفال المسيح تلاحق و تذبح و هم يحتفلون بميلاد رب الأرباب و ملك الملوك, أطفال حملوا محبة العالم و سلام فاديهم و هم ذاهبون الى الصلاة و الدعوات لرب المجد أن يظلل العالم بثوبِ أمنه و سلامه و محبه, متضرعين الى الله أن يمدهم بالصحة و العمر المديد ليكونوا ورود تنشر عبير محبتها على الناس أجمعين دون النظر الى اللون و الجنس و العقيدة, و لكن أعوان ابليس تغيظهم الصلاة, يكرهون أضواء الشموع, تصم آذانهم أنغام الترانيم, ترعبهم براءة الطفولة, فحولوا الصلاة الى بكاء و الترانيم الى صراخ و عويل, وانتهكوا براءة الأطفال و قتلوا آمالهم و قطعوا لحظات تأملهم مع أبيهم السماوي, لكن للحظات قليلة لاننا جميعا لنا ثقة باننا سنحيا بالمسيح مخلصنا.
فالقتلة ليسوا إلا وحوش آدمية, محضرة عن طريق أرواح شريرة, تعاليمها فاسدة, عقولها غزتها أفكار الشر, من قتلٍ و تدمير, من سلبٍ و تهجير, قلوبها مليئة بأحقاد هذا العالم الفاني, لانها تتبع إله هذا الدهر, أعداءها هم طالبي السلام و المحبة, يحملون قلوب ظلامية, تمقت البراءة, و تعشق الحاق الأذى و الألم في نفوس الأخرين, تخطط, تسرق, تسلب, تهدد و تبتز للحصول على الأموال الباهظة لشراء أحدث الأسلحة الفتاكة التي بها يقتلون الأبرياء.
عصابات منظمة, سادتها يدعون العولمة, و يلبسون عباءة الصدق و الوطنية و المحبة و التعايش السلمي و لكنهم يخفون وجوهاً قبيحة, تفوح منها رائحة الموت, عصابات عناصرها قنابل موقوتة تحمل الموت و الدمار لكل من يرفع وجه الى السماء متضرعا و طالباً ليعم السلام في الأرض, وحوش آدمية تختبئ في الأوكار كالثعالب, و تخرج في عتمة الليالي كالوحوش الضارية لتدمر و تقتل لتشبع عطشها للدماء.
عصابات سادتها, ذات سلطة و جاه, تصول و تجول في وسائل الأعلام و تنفث سمومها في عقول مغلقة محشوة بافكار تحارب كل ما هو روحاني و نوراني, مبرمجة على العنف و الجنس, أعوان ذات عيون عمياء غطتها شرور ابليس و لا تسمع الا الى سادتها و لا تتلقى الا أوامرهم لانها منقادة و عمياء البصر و البصيرة.
و لكن الذي يثير السخرية, و يحز في النفس هو ان دولة ممثلة برئيسها, و قادتها و جيشها و قواتها الأمنية و أجهزتها المخابراتية لا تستطيع حماية مواطنيها العزل, دولة تعتبر الأقوى في الشرق الأوسط لا تستطيع توفير الأمن و السلام لرعايها و هم يؤدون صلوات الميلاد, بينما نرى تلك الدولة نفسها, تستطيع القبض على اي مجرم خلال ساعات من ارتكابه الجريمة و تقديمه للعدالة و تنزل به أقسى العقوبات, بينما دور عبادة تُدمر, و العشرات من الأناس الأبرياء تُقتل, و تهان قيادتها الروحية و على مرأى من وسائل الأعلام بعد كل خطبة جمعة. دولة أتخذ البعض من مواطنيها لانفسهم صفة العلماء فيعتلون المنابر و يحرضون من خلالها على التكفير و القتل و الحقد و الضغينة ضد الأقباط, دون أن تحرك تلك الدولة المسؤولة عن حماية مواطنيها ساكن! ألم يعتبر تحريضهم تلك جريمة يُعاقب عليها القانون المصري؟ الا يستوجب القانون توقيف هؤلاء و تقديمهم الى العدالة لينالوا عقابهم العادل؟
و هنا السؤال الذي يطرح نفسه و بقوة, هل القيادة المصرية و اجهزتها الأمنية لا تعرف الجناة و سادتهم؟ أم انها مشتركة في ارتكاب تلك الجرائم بطريقة أو بأخرى؟
من مصر يدعون أبناء الله!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com