بقلم : نبيل المقدس
من واجبي أن أقدم كل الشكر للسيد رئيس الجمهورية , لإهتمامه بحادثة كنيسة القديسيَن ... وإعلانه صراحة بداية الحرب علي الإرهاب ... وهذا ما كنا ننتظرهُ من وقت طويل ... فقد سبق أنه أعلن الحرب علي الإرهاب عندما مس الإرهاب النواحي الإقتصادية ... لكن أخيرا وبعد عدة حوادث قتل وإرهاب علي مسيحي مصر وكنائسهم , وجدنا هذا التصريح المُفرح والذي أعطانا كمية من الأمل بل التأكيد بأننا جزء من هذا الوطن العزيز علينا
لكن سألتُ نفسي ... ياتري من هم الذين وراء الإرهاب , والذي أعلن سيادته الحرب عليهم ؟؟؟ .. هل هم الموساد .. ؟ لا أظن أن يكون تفكيره يتوجه إلي الموساد .. فلو كان هذا صحيح فإن سيادته كان إتخذ إجراءات فورية مع إسرائيل , وهذا لأن العدو هنا واضح أمامه يمكنه أن يواجهه .. كما لا يمكن للموساد أن تقوم بهذا العمل ضد مصر لأنها تعلم تماما أن مصر ليست سهلة , كما أنها هي التي تحتاج إلي مصر وحكمة رئيسها في كثير من مشاكلها في المنطقة وخصوصا في إيجاد حل للقضية الفلسطينية .
توجه تفكيري إلي دولة إيران .. لكنني إستبعدتها لأنها تحاول بقدر الإمكان أن تثبت نفسها وتظهر نفسها بأنها الدولة التي تعلو هذا التفكير , كما أنها ايضا تعلم تماما ثقل مصر في المنطقة .. كذلك فإن معركة إيران اساسا مع إخوتنا المسلمين الذين يتخذون المذهب السني منهجا لهم ... كما إنها مشغولة في مشاكلها النووية ووقوف العالم ضدها .. فهي علي الأقل تريد كسب البلدان العربية بقدر الإمكان وخصوصاً مصر لما لديها قوة إقليمية .
أخذني تفكيري إلي بلاد حاقدة علي مصر ... وتريد الإستلاء عليها من كثر خيراتها .. لكن مصر ومنذ الثورة اصبحت إيد ورا وايد قدام ... اي خالية تماما من الثورات ...!!!
إذاً من يكون هذا الإرهابي الذي يقتنص الفرصة من حين إلي حين آخر لكي يهز عرش مصر ؟؟؟ لم أجد إلا هؤلاء الذين يريدون تحويل الدول الإسلامية إلي خلافة إسلامية بشريعة إسلامية .. ومن الطبيعي ان وجود شعوب غير اسلامية تعيش في هذه البلاد , سوف تكون العقبة في تنفيذ خطتهم , كما أن جميع الدول تعلم تماما أن هذا النظام قد ولي , ولم يصبح مجديا بل سوف يجلب الدمار والخراب لها .. لكن هذه الفرق القليلة والتي لا تتعدي 10 % من تعداد الشعوب الإسلامية مصممة في تحقيق أهدافهم عن طريق الوصول إلي السُلطة وتحويل هذه الدول إلي أمة واحدة بنظام الخلافة. إذاً لا بد من تصفية كل مَنْ هو غير مسلم في هذه البلدان .. لكي يصبح الطريق ممهدا لهم .. وقد إتخذوا منهج زرع الرعب والخوف في نفوس المسيحيين بعمليات القتل والإستفزاز وتعطيل عبادتهم والكيل بالمكيالين والإزدراء بكتابهم المقدس , بالإضافة إلي دعوات تدميرهم علناً في الآذان سبعة مرات يوميا .. لعل يفلحوا في القضاء عليهم عن طريق تحويلهم إلي الإسلام أو تهجيرهم ... كما فعلوا في العراق , حيث تم تهجير اكثر من 35 % من شعبهم المسيحي إلي بلاد اوربا وامريكا.
انا لا اقصد بتاتا كل إخوتي المسلمين بأنهم أصحاب هذا الفكر ... لكن أقصد هؤلاء القلة الذين إنفصلوا عن أغلب إخوتنا المسلمين وإنضموا إلي ما يُسمي بالجماعات السلفية والتي ربما لها علاقات غير مباشرة بالقاعدة , والتي هي أصلا صاحبة فكرة دولة الخلافة والخليفة .
هذا هو العدو الذي يواجهه الوطن .. علي الحكومة برئيسها وجميع مؤسسات الدولة أن تعترف بأن جميع الإعتداءات علي المسيحيين هم أصلا من هذه الجماعات ... كما يجب ان يتوقفوا عن الكلام حول وجود أيضا متطرفين مسيحيين .. فعلي مدار مئات السنين , لم نقرأ او نسمع أن هناك متطرفين مسيحيين اعتدوا علي جامع .. او قتلوا مجموعة من الأخوة المسلمين في اي تجمع من التجمعات الإسلامية .. أو اعتدوا علي محلات اصحابها من المسلمين .. أو يطلبون من الله الموت للمسلمين اثناء تسابيحهم او وعظاتهم.
هؤلاء الجماعات ظهرت في مصر تدريجيا من أوائل السبعينات وبدأت تتغلغل في جميع مؤسسات الدولة حتي بدأنا نشعر بالتمييز الديني الواضح في التعينات .. وبدأنا نشعر بالإضهادات والتعدي العلني علي الكنائس .. بدأ شكل مصر يتغير ويتخذ الشكل الإسلامي المصطنع , وغير الحقيقي .. الذي نحن كمسيحيين لم نتعوده من قبل إخوتنا المسلمين .
أول جرثومة دخلت في بعض من إخوتنا المسلمين هي جرثومة عدم قبول الآخر . وبدأت هذه الجراثيم تنتقل إلي أغلب اخوتنا المسلمين .. وإن كان البعض كان يخفيها .. إلا انها كانت ظاهرة وواضحة لنا كمسيحيين .
بدأت ثقافة عدم قبول الغير متزامنة مع بدائة تفسيرات الشيوخ لبعض من الأحاديث والأقاويل .. وكانت تُعتبر المرات الأولي لكثير من اخوتنا المسلمين سماعها وإدراكها.. لذلك نجد إخوة مسلمين معتدلين وقلة متشددين البعض منهم ولا اقول جميعهم يُستغلون من قبل هؤلاء القوم الذين يريدون تحويل البلاد إلي امة خلافية اسلامية ذات الشريعة الإسلامية . وكان آخـــر إستغلال لهم هو الإعتداء علي كنيسة القديسين بالإسكندرية ...!!!
كلمة اقولها لهؤلاء الإرهابيين ... نحن سوف لا نترك مصر ولا نيلها ولا حتي طميها... سوف لا نترك حياتنا الروحية ... سوف لا نترك أجدادنا ... سوف لا نترك تراثنا ... سوف لانترك تاريخنا من عصر الفراعنة حتي عصرنا هذا ... مهما كان ملة هذا العصر ... فنحن لا ننظر للديانة كمقياس هويتنا ... بل ننظر إلي ترابنا وطمينا بأن مصر هي هويتنا.
لذلك اقول أن هذه العمليات الإرهابية هي طائفية ... لكن نتائجها هدامة للوطن الف في المية ..!
أخيرا ليس لي كلام إضافة فقد اعلنت مصر بجميع توجهاتها من رئيس الجمهورية إلي اعضاء الحكومة والمجالس النيابية والشوري والمحليات والمحافظات والأحزاب , حتي المؤسسات الدينية الإسلامية إستنكارها لهذا الإعتداء الإجرامي , ولا انسي النجاح العظيم التي حققته الفضائيات الخاصة والحكومية لتناولها هذا الحدث بكل حكمة ووضوح وصراحة ... ولم يُملي عليها كلمات مرصوصة من قبل الحكومة ... كما اشكر رجال الشرطة التي تحملت ثورة غضب الشباب المسيحي في المظاهرات التي تشجب هذا العدوان وقد شارك في بعضها اخوة من الشباب المسلمين المعتدلين ... كما اشكر واقدر مجهودات النائب العام وفريقه في العمل المضني لكشف الجناة و القتلة ...
اخي المسلم وإلي كل مصري مسيحي "كل سنة وانت طيب بمناسبة عيد ميلاد الرب يسوع ..." .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com