بقلم: عماد توماس
لم يأتِ حصول جراح القلب د. "مجدي يعقوب" الأسبوع الماضي على أرفع الأوسمة المصرية "قلادة النيل" من فراغ؛ فجهوده العلمية والطبية والإنسانية، وخدماته العلاجية المجانية للمرضى المصريين، خاصة من الفقراء، كانت دافعًا لهذا التكريم الشرفي الكبير.
تكريم متأخر
ورغم أن هذا التكريم قد تأخر، خاصة أنه سبق أن نال تكريمًا عالي المستوى عندما منحته ملكة بريطانيا لقب "سير" عام 1991م. كما فاز بجائزة "الشعب" عام 2000م من هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". كما تم منحه جائزة "فخر بريطانيا" في 11 أكتوبر 2007، والمقدَّمة من قناة "اي تي في" البريطانية، بحضور رئيس الوزراء "جوردن براون"، هالتي تُمنح للأشخاص الذين ساهموا بأشكال مختلفة من الشجاعة والعطاء، أو ممن ساهم في التنمية الاجتماعية والمحلية.
ونال "يعقوب" هذا الجائزة بعد أن أجرى أكثر من (20) ألف عملية قلب في "بريطانيا"، أنقذ فيها الآلاف من المرضى، وساهم في إنشاء جمعية خيرية لمرضى القلب الأطفال في دول العالم النامية.
وحصل سير "يعقوب" على ألقاب ودرجات شرفية من عدة جامعات بريطانية وسويدية وإيطالية، وغيرها من الجامعات.
يعقوب" والانتماء لـ"مصر"
ولم ينس "يعقوب" بلده الأم- مصر- رغم حصوله على الجنسية البريطانية، ومعيشته وعمله في الخارج لفترات طويلة. إنه دائم الزيارة لـ"مصر" بصورة شهرية؛ لإجراء عمليات جراحة القلب مجانًا للفقراء من المصريين، فقد أنشأ مركزًا لجراحات القلب، وأسس جمعية خيرية هي جمعية "سلاسل أمل" تتولى علاج الأطفال ومرضى القلب والمحتاجين من "مصر" والعديد من الدول العربية. بالإضافة إلى مبادرته بإنشاء مركز علمي بحثي متخصص في علاج الأطفال وكبار السن، بمشاركة جراحين مصريين وعالميين، وفرق تمريض متخصصة من "مصر" ومختلف دول العالم.
"يعقوب".. المتواضع
دائمًا ينسب الفضل لنجاحاته إلى الفريق المعاون له، ويكفيه فخرًا أنه استطاع أن يخلق جيل ثانٍ لإكمال عمله.
عندما قلَّده الرئيس "مبارك" قلادة النيل، وبعد انتهاء مراسيم التكريم، ارتجل سريعا إلى مطار "القاهرة" ليذهب إلى مرضاه الذين ينتظرونه.. ترك الإعلام بصخبه وكاميراته وصحفييه، ولم ينتظر لإجراء أحاديث صحفية؛ فهناك مرضى ينتظرون أن يشفيهم الله عن طريقه.. لقد قدَّم درسًا رائعًا لمحترفي "الشو" الإعلامي في إتقان العمل والاهتمام بالإنسان على حساب "الذات" و"الأنا".
"يعقوب".. العالِم
نجح فريق طبي مصري بقيادة سير "يعقوب" في تطوير صمام للقلب باستخدام الخلايا الجذعية. ويقول د. "يعقوب": إنه في خلال عشرة أعوام، سيتم التوصل إلى زراعة قلب كامل باستخدام الخلايا الجذعية.
"مجدي يعقوب".. النشأة
يبقى أن نذكر، أن سير "يعقوب"- كما تخبرنا موسوعة ويكيبديا- من مواليد 16 نوفمبر 1935 بـ"بلبيس" بـ"مصر"، لعائلة قبطية تنحدر أصولها من "أسيوط". درس الطب بجامعة "القاهرة"، وتعلَّم في "شيكاغو"، ثم انتقل إلى "بريطانيا" عام 1962 ليعمل بمستشفى الصدر بـ"لندن"، ثم أصبح أخصائي جراحات القلب والرئتين بمستشفى "هارفيلد" (من 1969 إلى 2001)، ومديرًا لقسم الأبحاث العلمية والتعليم منذ عام 1992. عُيِّن أستاذًا في المعهد القومي للقلب والرئة عام 1986. واهتم بتطوير تقنيات جراحات نقل القلب منذ عام 1967.
في عام 1980 قام "يعقوب" بعملية نقل قلب للمريض "دريك موريس"، والذي أصبح أطول مريض نقل قلب أوروبي ظل على قيد الحياة حتى موته في يوليو 2005. ومن بين المشاهير الذين أجرى لهم عمليات، كان الكوميدي البريطاني "إريك موركامب". ويُطلق عليه في الإعلام البريطاني لقب "ملك القلوب".
في الخامسة والستين من عمره، اعتزل "يعقوب" إجراء العمليات الجراحية، واستمر كاستشاري ومُنظر لعمليات نقل الأعضاء. وفي عام 2006، قطع اعتزاله العمليات؛ ليقود عملية معقَّدة تتطلب إزالة قلب مزروع في مريضة بعد شفاء قلبها الطبيعي. حيث لم يزل القلب الطبيعي للطفلة المريضة خلال عملية الزرع السابقة، والتي قام بها السير "مجدي يعقوب".
سير "يعقوب" متزوِّج من السيدة الألمانية "ماريان"، ولديهما من الأبناء "أندرو" و"ليزا" و"صوفي"، حيث يعمل الأول طيارًا، أما الابنة الوسطى فهي إخصائية اجتماعية تساعده في عمله في سلسلة "الأمل"، والصغرى "صوفي" طبيبة متخصصة في طب المناطق الحارة في "أفريقيا" و"استراليا" و"جنوب أمريكا".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com