على نحو متصاعد تلاحقت آراء محلِّلين وخبراء، لمستقبل جماعة الإخوان المسلمين، على خلفية إقصائهم من البرلمان، عقب انسحاب مرشحيها من جولة
الإعادة لانتخابات مجلس الشعب، وتوقع محلِّل أميركي أن تشهد الشهور المقبلة، لجوء الجماعة لاستعراض القوة، لا سيما مع اقتراب انتخابات الرئاسة، في نوفمبر 2011، فيما اعترف القيادي عبد المنعم أبو الفتوح بتبني العنف والبأس في أدبيات جماعته، وشهدت الفترة الأخيرة، تعاطي مكتب الإرشاد مع فكرة التحالف مع تيارات معارضة، والاحتشاد في مظاهرات صاخبة، والسيطرة على الحركات الاحتجاجية، كالجمعية الوطنية للتغيير.
وفي تصريحات للمفكر الأميركي ديفيد أوتاواي بندوة عقدها مؤخرًا معهد «ويدرو ويلسون» بواشنطن بعنوان "كارثة القيادة المُسنة في العالم العربي"، أكد أن جماعة الإخوان المسلمين، أحد قطاعات المعارضة البارزة على حد وصفه، قد تلجأ إلى مظاهرات حاشدة وعنيفة، إذا شعرت بإبعادها عن العملية السياسية، وعدم مشاركتها في انتخابات الرئاسة المقبلة.
وأوضح ديفيد أوتاواي أن الخلافة في مصر، بعد دراسة وتحليل، قد تؤدي إلى عدم الاستقرار، متوقعًا زيادة الاضطراب السياسي والطائفي، فيما يتعلق بالتوريث، إلا أن هناك أمرًا يقف أمام جمال نجل الرئيس مبارك، وهو ظهور العديد من المرشحين الآخرين للرئاسة.
العلاقة بين النظام المصري وجماعة الإخوان في مصر
ومن جهته كشف المحلِّل السياسي طارق سيف، أن الإخوان المسلمين استطاعت أن تدمر في خمسة عقود ما بناه الإسلام والمسلمون في 1400 عام، ولم يكن استعراض التايكوندو والكاراتيه لشبابهم بالملابس السوداء في جامعة الأزهر بمصر منذ عامين تقريبًا من قبيل "الفجور الإعلامي"، بل كان رسالة واضحة للجميع، حكومة وشعبًا، بأننا جاهزون ومستعدون للقتال يدًا بيد ضد كل من تسوِّل له نفسه الوقوف أمامنا، وهذا هو موقفهم في كل زمان ومكان.
وقال سيف إن الجماعة تعتبر المدرسة التي تخرجت فيها جميع حركات العنف والإرهاب الإسلامي لتحقيق أهداف سياسية، بعد أن استطاعت "تديين السياسة" أو "تسييس الدين" لتحقيق مصالحها والوصول إلى كرسي الحكم.
ومن يطالع خريطة العالم- وبخاصة الدول الإسلامية من إندونيسيا شرقًا إلى المغرب غربًا، ومن تركيا العلمانية الإسلامية شمالاً إلى الصومال جنوبًا- سيجد بصمة الإخوان المسلمين، وجميع أعمال العنف والإرهاب وقتل الأبرياء مذيلة بتوقيع هؤلاء، وسيشعر بمدى التشويه وعظم الجرم الذي ارتكبوه في حق هذا الدين ومعتنقيه، بقدر يفوق ما صنعه أعداؤه على مدى عقود من الزمن.
شاهد إخواني
واعترف القيادي الإخواني الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في كتابه "شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية في مصر" بأن فكرة التغيير باستخدام العنف كانت مقبولة لديه وزملائه في الحركة الإسلامية، لكن المشكلة في توقيت استخدام العنف للتغيير.
وقال أبو الفتوح: "كنا نؤمن بجواز استخدام العنف، بل بوجوبه في بعض الأحيان من أجل نشر دعوتنا وإقامة فكرتنا، كانت الفكرة المسيطرة على مجموعتنا ألا نستخدم القوة الآن، وإنما نعد أنفسنا لاستخدامها حين تقوى شوكتنا، ونصبح قادرين على القضاء على النظام الممسك بالحكم".
اعترافات أبو الفتوح باتت من الأفكار الرئيسية في أدبيات الجماعة، وتجلَّت في تصعيد للمواجهات ضد النظام قبل حوالي عامين، حين أدَّى طلاب من «الاتحاد الحر» لجامعة الأزهر والمنتمين للجماعة، عرضًا بأزياء شبه عسكرية أمام مكتب الدكتور أحمد الطيب رئيس الجامعة آنذاك، كاستعراض للقوَّة، والرد على أقاويل أكدت ضعف الإخوان.
في هذا اليوم ارتدى نحو 50 طالبًا زيًّا أسود، ووضعوا أقنعة على رؤوسهم مكتوبًا عليها "صامدون"، وأجروا استعراضًا لمهاراتهم في لعبتي "كونغ فو" و"الكاراتيه"، بينما تابعت قوات الأمن العرض الذي اصطف فيه الطلاب في طوابير منظمة تشبه طوابير الميليشيات.
العلاقة بين النظام المصري وجماعة الإخوان في مصر
وبدأ الطلاب اعتصامًا مفتوحًا، في المدينة الجامعية، وشارك فيه نحو 3 آلاف طالب، انتقلوا إلى مقر الجامعة، وتظاهروا أمام مكتب رئيسها، ومبنى كلية الطب وردَّد المتظاهرون هتافات: "لما طالبنا بالحرية فصلوا الطلبة من الكلية"، و"يا عميد يا عميد إحنا طلبة مش عبيد"، و"نار نار طب الأزهر قايدة نار".
وكثفت قوات الأمن في ذلك الحين وجودها أمام المبنى الذي يضم مكتب رئيس الجامعة لمنع المتظاهرين من دخوله، والتقى طلبة الاتحاد الحر الدكتور محمد حمدي إمام وكيل كلية الطب لشؤون التعليم والطلاب، وأكد لهم أنه لن يستطيع إلغاء قرارات الفصل، ثم انتقلوا مرة أخرى إلى المدينة الجامعية لمواصلة الاعتصام.
فيما انتقد الإمام الأكبر وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الاتهامات التي وصفته بالشخصية ذات الصرامة العسكرية مع طلبة الإخوان المسلمين أثناء تولِّيه رئاسة جامعة الأزهر، نافيًا اختراق أفكارهم للأزهر.
التغيير والإرشاد
وفي تصعيد الجماعة لظهورها في كافة الحركات الاحتجاجية، سيطر أعضاؤها على الجمعية الوطنية للتغيير، في إطار الضغط على النظام في مصر، مما دفع عصام سلطان عضو الجمعية لإرسال خطاب إلى المنسق العام د. عبد الجليل مصطفى يتحفَّظ فيه على توطيد العلاقة بينه- أي د. عبد الجليل - وبين الإخوان المسلمين، وذلك دون تفويض من الأمانة العامة للجمعية، وتضمَّنت الرسالة مقارنةً بين تصريحات المنسِّق العام، وتصريح الدكتور محمود حسين عضو مكتب الإرشاد، بما يعطي انطباعًا أن قرارات ومواقف الجمعية الوطنية لا تنبع من داخلها، وإنما يشوبها الإملاء من قيادات الإخوان.
وأوضح سلطان في رسالته أن الجماعة ممثَّلة بشخصين داخل الأمانة العامة للجمعية، هما الدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد والدكتور محمد البلتاجي، يحضران كل اجتماعاتها وكل لجانها وكافة أنشطتها، بما يعطي الأولوية للمنسِّق العام في إجراء مثل تلك الاتصالات والزيارات لكيانات أخرى غير ممثَّلة في الجمعية مثل حزب الوفد.
عمرو أديب د. محمد البرادعي والإخوان المسلمين
فيما تضامنت تصريحات ديفيد أوتاواي مع د. البرادعي حين ذكر خلال مؤتمر صحفي، عقب لقائه الدكتور محمد سعد عضو مكتب الإرشاد، أن تجاهل جماعة "الإخوان المسلمين" في أية عملية للإصلاح السياسي، يعد أمرًا غير منطقي، وأنها جزء من المواطنين، ويجب أن يكون لهم حزب سياسي.
كما أعرب الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمنسِّق العام السابق للجمعية الوطنية في حديث مع الـ"دويتشه فيله"، موقع إخباري على شبكة الإنترنت عن سعادته بمساهمة الإخوان في حملة التوقيعات، وأن كل القوى المختلفة بالجمعية مطالبة بكل عمل ممكن لتنشيط الحملة، ولا يوجد أعضاء للإخوان يتصفحون مواقع الإنترنت الخاصة بهم فقط، مما سهَّل الوصول إليهم، وجمع توقيعاتهم من خلال الموقع الإلكتروني الجديد للإخوان.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com