ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

د. "أحمد أبو زيد": العنف ظاهرة ينفرد بها الجنس البشري

ميرفت عياد | 2011-01-21 00:00:00

* د. "أحمد أبو زيد":
- الاضرابات عنف مستتر وراء دعوات السلام والوقفات السلمية.
- الجماعات المهمَّشة تمارس العنف ضد المجتمع كي تحقق ذاتها.

كتبت: ميرفت عياد

أقامت لجنة الدراسات الاجتماعية بالمجلس الأعلى للثقافة، ندوة بعنوان " فلسفة العنف "، ألقاها د. "أحمد أبو زيد"- رئيس لجنة الاجتماع والأنثروبوجي- والذي أكَّد أن اختياره لهذا الموضوع، جاء لكثرة ما قيل وكتب عن العنف، والأوضاع الراهنة التي تتميَّز بالعديد من التقلبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مشيرًا إلى أن العنف سلوك إهتم بتفسيره علم الفلسفة، حيث كان الفلاسفة يحكمون على السلوك طبقًا لأحكامهم الأخلاقية التي كانوا يصدرونها. وأن المشكلة تكمن في أن جميع الدراسات العلمية والمواد الإعلامية، تتطرق إلى ظاهرة العنف عن طريق رصدها للواقع دون أن تقدِّم أي تفسير علمي يعلو عن الوقائع المشاهدة، وهي دراسات لا تقوم بدراسة جوهر العنف، ولا تجيب عن السؤال الجوهري: لماذا يوجد عنف في المجتمعات الإنسانية على اختلافها؟

مدى مشروعية العنف
وأكّد "أبو زيد" أن الفلاسفة وجدوا أن العنف ظاهرة ينفرد بها الجنس البشري، وخاصة العنف الجماعي الذي تمارسه أعضاء الجماعة الواحدة ضد بعضها البعض. موضحًا أن دراسة هذه الظاهرة من قبل الفلاسفة والمفكرين بدأت تتوسع بعد الحرب العالمية الثانية التي أدَّت إلى خلق نوع من الاستبداد والعنف، وازدهار الدعوة إلى استقلال المستعمرات، وقيام حروب وتمردات ضد المستعمرين- وخاصة في الدول الأفريقية- حيث وجدوا أن الوسيلة الوحيدة للاستقلال هي محاربة المعتدين، أي محاربة العنف بالعنف بشرط أن يكون العنف مبررًا! وقال: السؤال المحوري هو: هل هذه التبريرات مشروعة أم لا؟ ومن الذي يحكم على مشروعيتها؟

العنف محرِّك التاريخ والتقدُّم الحضاري
وأشار "أبو زيد" إلى أن الحكومة التي تمارس العنف على شعبها، تجعلهم أيضًا يمارسون العنف من خلال المظاهرات والإضرابات ضد الحكومة، الأمر الذي يخلق رد فعل عنيف من قبل الحكومة تجاه هذا الشعب، حيث أن العنف يولِّد العنف. مؤكدًا أن هناك فرق بين العنف واللاعنف الذي يظهر بطريقة معينة مثل الإضرابات السلمية، موضحًا أن الإضرابات السلمية هي فعل يحتوي على عنف مستتر وراء دعوات السلام والوقفات السلمية. مدللًا على ذلك بقول "سارتر"- فيلسوف الحرية- "إن العنف هو محرك التاريخ والتقدُّم الحضاري"، وأضاف: "إن كل مرحلة حضارية تسود من خلال هدم المرحلة التي تسبقها، فالثورة الصناعية هدمت المجتمع الزراعي، وهو نوع من العنف الرمزي، كما أن الحضارة الرقمية قتلت الحضارة التي تسبقها، وهكذا".

حريتي الشخصية جحيم للآخرين
وأوضح "أبو زيد" أن ممارسة الإنسان لحريته لفرض وجهة نظره أو نظامه السياسي، يخلق نوعًا من الاعتداء على حرية الآخرين، وأن "سارتر" قد صدق حينما قال: "حريتي الشخصية هي جحيم للآخرين"، وخاصة الحرية السياسية التي تمارسها الدولة، سواء كانت ديكتاتورية أو ديمقراطية، حيث أنها حرية تخلق نزاعًا وصراعًا قائم على العنف؛ مشيرًا إلى أن التحرُّر السياسي لابد أن يقوم على العنف بين الهيئات والجهات والنظم السياسية، وخاصة الجماعات المهمَّشة في المجتمع، والتي تمارس العنف ضد المجتمع كي تحقق ذاتها، وهو عنف لم يهدف إلى تحقيق أهداف معينة، إنما يهدف فقط إلى تحقيق للذات المضَّطهدة. مؤكِّدًا أن الإنسان المضَّطهد إذا جاءته الفرصة، يسلك سلوك الإنسان المسيطر، ويحاول أن يقتبس منه.

الاستعمار القديم والحديث
وذكر "أبو زيد" أن هناك نوعين من الاستعمار؛ أولهما الاستعمار القديم المعروف، والذي تستعمر فيه دولة دولةً أخرى، وثانيهما الاستعمار الحديث الذي يتم داخل البلد ذاتها، والذي فيه أخذ الزعماء الوطنيين أفكار المستعمر، وحاولوا إتباعها وتطبيقها على أبناء جنسهم، وهي مأساة غير موجودة إلا في بلاد العالم الثالث؛ حيث أن الزعماء الذين سعوا إلى الاستقلال، أصبحوا أداة لتنفيذ السياسة الاستعمارية الذين قاموا في الأساس بمحاربتها، مما أنشأ نوعين من ظاهرة العنف: الأول- أعمال العنف التي كانت تُمارس ضد الاستعمار القديم الذي كان يمثِّل الغربيين،  والثاني- العنف الذي يُمارس ضد الحكام الوطنيين الذين سلكوا سلوك المستعمر. وبالتالي اتخذت مجتمعات العالم الثالث العنف كاستراتيجية ثورية.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com