ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

"الشارونى" و"محفوظ".. رحلة عمر مذاقها روعة الإبداع

ميرفت عياد | 2011-01-22 00:00:00

النظام  وتطوير الأسلوب الإبداعي هو سر عبقرية محفوظ
الفكر المتقارب و الموهبة الإبداعية ساعدت على توطيد العلاقة بيننا
أقمت معه العديد من الحوارات الأدبية المتعلقة بإبداعه وبالعديد من القضايا الأدبية
بدأت موهبة محفوظ منذ كان في العاشرة من عمره
بجائزة نوبل حصد محفوظ ثمرة التطور الروائي العربي
بعد ثورة 1952 ظن أن الثلاثية ختام إبداعه وأنه أنهى رسالته
الموت لا يستطيع أن يفرق بين الأحباء
بفضل نجيب محفوظ سيظل الأدب العربي متدفقًا
الأمية جعلت الأدباء والمثقفين في عزلة عن الجمهور

حوار: ميرفت عياد

"قدم قسم الفلسفة بكلية آداب القاهرة إلى الأدب العربي كاتبين لهما مكانة كبيرة؛ هما "نجيب محفوظ" و"يوسف الشاروني".. فإننا لا نخطئ عندما نؤكد أن "يوسف الشاروني" سيظل إذا استمر على حبه للتأليف بالنسبة للقصة القصيرة، ما هو لنجيب محوظ بالنسبة للرواية.. فالاثنين يتميزان بصفة واحدة؛ وهي دقة التعبير في الوصف".

جاء هذا فى مقدمة مقالة بالفرنسية عن إحدى المجموعات القصصية للأديب "يوسف الشاروني" الذي ولد عام 1924، وحصل على ليسانس الفلسفة عام 1945، وبدأ عمله الوظيفي بالمجلس الأعلى للثقافة الذي شارك في إنشاءه عام 1946، و تدرج في الوظائف حتى أصبح وكيل وزارة.
حصل على العديد من الجوائز؛ منها جائزة الدولة التشجيعية عامي 1969، و1978، وجائزة الدولة التقديرية عام 2000، كما حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، ووسام الجمهورية من الطبقة الثانية.
صدر له أكثر من 55 كتابًا؛ ما بين القصة القصيرة والدراسات الأدبية والكتب النقدية، كان آخرها كتابًا أصدره المجلس الأعلى للثقافة في بداية هذا العام يقع تحت عنوان "رحلة عمر مع نجيب محفوظ ".

وعن سمات هذه الرحلة التي امتدت لأكثر من نصف قرن، وعن سر توطد العلاقة بين الأديبين، كان لـ "الأقباط متحدون" هذا الحوار مع الأديب يوسف الشاروني، لمعرفة المزيد والمزيد عن أديب نوبل.

كيف تعرفت على نجيب محفوظ؟
تخرجت في كلية الآداب قسم الفلسفة في منتصف الأربعينيات، وفي هذا الوقت تعرفت على الأديب "نجيب محفوظ" من خلال رواياته، فانبهرت بأسلوبه وطريقة كتابته عن مصر المعاصرة بإيجابياتها وسلبياتها، وعندما عرفت أنه يذهب إلى كازينو الأوبرا في ميدان العتبة، سعيت أنا ومجموعة من أصدقائي إلى لقاءه، ومنذ ذلك الحين وقد نمت صداقة حميمة بيننا، لدرجة أنه كان يرسل لى نسخة من كل إبداع من إبداعاته منذ تعارفنا، عليها كلمات رقيقة بخطه، حتى الطعنة التي تلقاها عام 1994، والتى كان لها أثرًا كبير على صحته.

ما سر عبقرية محفوظ؟
النظام هو السر.. حتى في عاداته الشخصية، حيث كان يختلط بالناس بقدر ليستوحي منهم أفكاره، ثم ينعزل عنهم بقدر ليكتب إبداعاته، محققًا توازنًا جميلاً بين التواصل مع الناس، والانعزال عنهم، كما أنه لم يشغل نفسه بالنقد الأدبي، و لم يرد على أي هجوم وجه ضده أو ضد أحد أعماله، هذا إلى جانب قدرته المستمرة على تطوير أسلوبه، حيث مرت إبداعاته بالعديد من المراحل؛ منها المرحلة التاريخية، ثم الاجتماعية، و يليها المرحلة الواقعية.

ما سر توطد العلاقة بينك وبينه؟
هناك عاملان ساعدا على توطد علاقة الصداقة بيننا؛ هما الفكر المتقارب و الموهبة الإبداعية.

ما هى سمات رحلة العمر مع محفوظ؟
لهذه الرحلة عدة سمات؛ منها أن العلاقة الشخصية التي جمعت بيننا، والعلاقة الإبداعية حيث استلهمت من رواية نجيب محفوظ "زقاق المدق" قصتين قصيرتين، نشرتهما في أولى مجموعاتي القصصية عام 1954، هذا إلى جانب العلاقة النقدية، فقد كتبت الكثير عن مؤلفاته، وكان أولها دراسة نقدية عن رواية السراب نشرت عام 1950، وأخيرًا العلاقة الحوارية، حيث أقمت معه العديد من الحوارات الأدبية المتعلقة بإبداعه، وبالعديد من القضايا الأدبية.

متى بدأت بذور موهبة نجيب محفوظ؟
منذ كان في العاشرة من عمره، حين استعار من أحد زملاؤه فى المدرسة احدى الروايات البوليسية التى قادته الى قراءة العديد من الروايات الاخرى و هذه القراءات الكثيرة هى التى نمت موهبته و قادته الى التاليف الذى كان يعتقد انه كان يتسلى به الى ان كبرت الموهبة بداخله .

لماذا لم يكتب نجيب محفوظ سيرته الذاتية؟
لقد صدر كتاب بعنوان "نجيب محفوظ يتذكر" للكاتب جمال الغيطاني، وعن هذا الكتاب قال "نجيب محفوظ" أنه أغناه عن التفكير في كتابة سيرة ذاتية، لما يحويه من حقائق جوهرية في مسيرة حياته، حيث غطى العديد من المحاور؛ منها طفولته ونشأته وتكوينه والمكان الذي عاش به، وآراؤه السياسية، وعلاقته بالسينما وحياته الشخصية.

ماذا عن جائزة نوبل؟
صرح "نجيب محفوظ" فور إعلان فوزه بجائزة نوبل: "إن الشيء الذي أعتز به إنني كنت مخلصًا لعملي ومحبًا له، وكل هذا جاء تتويجًا للاجتهاد" وأنا في رأيي أن نجيب محفوظ حصد ثمرة التطور الروائى العربي، الذي بدأ منذ أكثر من مائة عام.

هل كانت هناك لحظات حرجة فى حياته؟
مر بأربعة لحظات حرجة، أولها عندما بدأ الكتابة في أوائل الثلاثينيات، وكان في حيرة من أمره حول أي اتجاه يسلك؛ الدراسات الفكرية والفلسفية، أم الأعمال الأدبية، إلى أن حسم الأمر باختيار الكتابات الأدبية، أما اللحظة الحرجة الثانية فكانت تدور حول تردده في كتابة تاريخ مصر كله في صورة روايات تاريخية، مثلما فعل في رواياته الأولى، إلا أنه حسم هذه الحيرة، وحطم عباءة التاريخ، وكتب إبداعاته الروائية المتنوعة، وجاءت اللحظة الحرجة الثالثة في حياته بعد قيام ثورة 1952، حيث ظن أن الثلاثية ختام إبداعه، وأنه أنهى رسالته، إلا أنه أدرك أن إبداعه في حاجة إلى الغوص في مشكلات الإنسان الداخلية، حيث اكتسب أدبه في هذه المرحلة نوعًا من الرمزية لم تكن مألوفة، وأخيرًا جاءت اللحظة الحرجة الرابعة؛ التي كاد أن يفقد فيها حياته عام 1994، بسبب رواية "أولاد حارتنا".

لماذا تأخر في زواجه حتى وصل إلى الأربعين من عمره؟
كان يخشى أن يعطله الزواج والأسرة والأبناء، وما يترتب عليهم من مشاغل تعطله عن إنتاجه الأدبي، ولكن عندما ظن أن هذا الإنتاج توقف بعد الثلاثية، قرر أن يقدم على الزواج.

كيف كانت نظرته للأوضاع الاجتماعية التي نشأ بها؟
كان يرى أن الطبقة المتوسطة التي نشأ فيها في بدايات القرن الماضي، كانت شديدة المحافظة فيما يتعلق بالأخلاق والمعاملات، بقدر ما كانت متقدمة فيما يتعلق بالسياسة، أما بالنسبة للفن والأدب فلم يحظى بالاهتمام الكافي بالمقارنة بالطب والهندسة وغيرها، فالمجتمع في هذا الوقت كان يحب الفن و لكنه لا يحترمه، لهذا كان يخفي عمله الأدبي حتى و هو موظف، حتى لا يتعرض للسخرية.

كيف استقبلت خبر وفاة نجيب محفوظ؟
وفاته كانت متوقعة خاصة عندما نقل إلى المستشفى، ومع هذا فإن الموت لا يستطيع أن يفرق بين الأحباء، كما أن بفضل "محفوظ" سيظل الأدب العربي متدفقًا في أجياله التالية التي سيولد فيها عشرات من أبناء نجيب محفوظ.

ما هى أهمية ودور الأدب في المجتمع؟
لكي نتحدث عن أهمية الأدب في المجتمع، يجب أن نقضى على الأمية الأبجدية، والأمية الثقافية، وهذه الأمية هي التي جعلت الأدباء والمثقفين في حالة عزلة عن الجمهور، وجعلت المجتمع يعاني من التخلف.

كيف نعمق الوحدة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد؟
هذا يبدأ من البيت؛ من أبوين يتمتعان بقدر كبير من التسامح وقبول الآخر، وهذه هي البذرة التي يجب أن تغرس في الأطفال، ثم يأتي دور المدرسة التي يجب أن تعمق تلك المفاهيم من خلال المناهج الدراسية، ومن خلال المدرسين الذين يجب أن يعتنقوا ثقافة التسامح والحوار، هذا إلى جانب دور وسائل الإعلام التي يجب أن تنزع بذور الفتنة والتعصب من المجتمع، ببث خطاب عقلاني متوازن، يدعو إلى ثقافة المواطنة.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com