ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الأقصريون يستنجدون بالرئيس مبارك

صفوت سمعان | 2011-01-23 20:01:35

كتب: صفوت سمعان
يطل على وجوه أهالي الأقصر العبوس نتيجة شعور كبير من الألم والحزن والمرارة،  فقد أصبحت مدينة تحت الحصار، وذاق شعبها مرارة التشريد تحت دعوى التطوير وسرقت منازلهم وأراضيهم تحت دعوى طريق الكباش، وهم يبعدون عنه مئات الأمتار، فلقد كانت آثار الأقصر نعمة على أهاليها سابقًا، وجعلها محافظها الآن نقمة ولعنة عليهم.
دخلت الأقصر التاريخ في انتهاك كل بنود حقوق الإنسان، بجدارة ومن أهمها حق السكن وحق الملكية المحمي بالدستور، والمعطل بيد محافظها ورئيس الوزراء، فما من شارع تمشى فيه وإلا تجد أناسًا تئن تحت وطأة آلام تهجيرهم وتشريدهم إلى المجهول، وبكاء السيدات والأطفال.. وكم من المآسي الإنسانية لم أجدها في دولة في العالم ضد مواطنيهم، ومن حكام من المفترض أن يعملوا لصالح شعوبهم، لا لقهرهم موتًا وكمدًا وحسرة على بيوتهم وأراضيهم، وتعويضهم بأبخس الأثمان لصالح بيعها لمستثمرين بأعلى الأسعار، ضاربين بالقانون عرض الحائط، وما زاد من آلامهم هو البحث عن أماكن تحتويهم، وإن وجدت فهي تبتلع دخلهم، وستكون الطامة الكبرى هي خضوعهم للقانون الجديد للإيجارات، من قصر مدة عقد الإيجار على خمسة سنوات، والزيادة المطلوبة بعد تلك المدة، وهي الكارثة المحدقة المقبل عليها كل من شردوا وطردوا من سكنهم الآمن.. والأكثر صعوبة هو عدم تعويض أي مالك منزل أو أرض نزعت من سنوات حتى اليوم.
وقد وصلتنى رسالة من أستاذي "منتصر أبو الحجاج"، أنشرها بالحرف الواحد لما فيها من بلاغة تعبر عن مشاعر مواطن أقصري يئن من الظلم الواقع على المدينة بأسرها.
 الأقصريون يستنجدون بالرئيس مبارك
تخيم في سماء الأقصر حاليًا سحابة سوداء، حجبت عن شعبها شمس الأمن والاستقرار والراحة، حيث أصابتهم عواصف الهدم والتدمير بالفزع والاضطراب، وقلبت معيشتهم إلى آتون الشقاء، بعد أن داهمتهم جرافات الهدم بفعل قرارات جائرة، تعمل على تنفيذها أيدي شرسة، في حراسة قوات باطشة.
يا سيادة الرئيس: نرحب بك في زيارتك القادمة للأقصر.. وكان بودنا أن نحييك من شرفات منازلنا بزهور الورود والياسمين، ونبش في وجهك بعبارات الحب التي عودناك عليها وأنت جدير بها.. ولكن الحصار الذي نعيشه فرضوه علينا، أبعدنا عنك وجعل في حلوقنا مرارة، تدفعنا إلى التعبير عنها بآهات مكلومة.
نؤكد في البداية على خطأ وقعت فيه خطة تطوير الأقصر الشاملة، عندما أغفلت أمر ضرورة إنشاء مدينة الأقصر الجديدة شرق النيل، لينتقل إليها المواطنين الذين تقرر إخلاء وحداتهم السكنية القديمة، كما أغفلت الخطة ضرورة إنشاء مجمع مصالح الأقصر المقترح في الدراسات التي تناولت هذا الشأن، ليكون تفريغ الأقصر جاء وفق دراسة علمية أكدتها عقول علمائنا في كلياتهم ومعاهدهم.
فهل يرضيك يا سيادة الرئيس أن تدمر منازلنا، وعلى رؤوسنا بفعل قرارات هوجاء غير مدروسة، وليس لها أي مقدمات وتحت وطأة الإرهاب الجائر، وأصبح علينا مغادرة بيوتنا وهي ملجأ  أمننا واستقرارنا، لنهيم على وجوهنا مع عائلاتنا نلتمس المأوى البديل على أطراف المدينة، والويل كل الويل لمن يعترض أو ينطق.. وزاد من الأمر شدة ورعبًا وقوعنا في قبضة الملاك الجدد، والذين فرضوا شروطهم لإيوائنا، وليس علينا إلا الإذعان والخضوع.
شعبك في الأقصر يا زعيمنا يستجدي صرف التعويضات التي يزعمون توفيرها، ولكنها أصبحت مثل السراب الخادع، فمنذ اقتلاعنا من دورنا ولأكثر من ثلاث سنوات مازلنا نقف على أسوار ديوان المحافظة، وهيئة المساحة نستجدى حقوقنا، ولكنه ليس هناك من مستمع أو مجيب!!
يا رئيسنا: شعار تحويل الأقصر إلى متحف مفتوح عاد على أغلب الأقصريين بأضرار بالغة، حيث انقلب الأمر في عمومه إلى مشهد مفضوح.. فها هي معاول الهدم تجرف في طريقها أغلب مدارسناي، وأمسى الباقي منها يعمل بنظام الفترتين وأكثر.. وهاهم أولادك طلاب  المدارس  يهيمون كل يوم على وجوههم من أقصى المدينة إلى أدناها، وهو الأمر الذي يعاني منه أيضًا أولياء الأمور، بعد أن بعدت المسافة بين منازلهم ودور تعليم أبنائهم.. حقًا لقد تردت العملية التعليمية إلى الحضيض، وتراجعت جودتها إلى أنفاق سحيقة مظلمة صعبة المنال.
وأشد ما يؤلمنا يا سيادة الرئيس هو أن هذه التصرفات غير المسئولة والمفاجئة، قد وقعت على رؤوس المواطنين مثل الكوارث والنكبات، حيث سارع الجهاز الإداري بمحافظة الأقصر إلى تنفيذها بسرعة البرق.. فالجرافات واللوادر وأدوات الهدم العملاقة تزمجر في معركة ضروس، لتزيل في طريقها أحياء كاملة في نواحي الكرنك، وقطاعات الأقصر وبيوت العوامية، ولم تسلم من هذا الشطط حتى مباني المصالح الحكومية، ومرافق الخدمات  ودور العبادة، والمنشآت الاجتماعية، وأغلبها يقع في أغلى بقعة في شمال المدينة، وتبين أن كل ذلك يتم بحجة إعداد مساحة أطلقوا عليها "المثلث الذهبي" وهي التي يتردد أنها ستطرح للاستثمار العالمي...
وهي أمور غامضة تبرق في خيال الواهمين وتقترب في حقيقتها إلى كنوز تداعب نهم السفاحين.. حتى أطلق عليه الأقصريون "مثلث برمودا"، تندرًا من عجائب ما يحدث بها... فها هي مباني جديدة لم يصرف الختامى لها وقد هدمت رأسًا على عقب، وآخر تم تسليمه من شهر، ويجري الشروع في هدمه!!
وخوفنا يا سيادة الرئيس أن ينتهز الحاقدون والعملاء هذا المناخ المضطرب، فيؤججون في الأقصر "عالمية التراث " نيران الغضب، ويثيرون عواصف الاحتقان، ليقع في آتونها ضحايا المضارين.. فهل يثوب المسئولون إلى رشدهم، ويتحلون بالرؤية العاقلة، وهم يتولون شأن الأقصر، حتى لا تخيم في سماء بلدنا نذر الشر والاحتقان..
نحن ندين بشدة أن يفخر أي مسئول بأنه أزال سبعة مساجد وكنيسة، وهدم أربعمائة منزلاً من أجل إعادة اكتشاف أثر، حتى ولو كان طريقًا للكباش، فدور العبادة لها في سويداء العقيدة كل قدسية وتعظيم.
وأشد ما يحزنني ويدمي قلبونا يا زعيمنا أن بعض المتخصصين قد أشار إلى أن ما تم هدمه في الأقصر من ممتلكات عامة للدولة، وخاصة للمواطنين، قارب على ثلاثين مليار جنيهًا.. وهي تمثل جزءً من الثروة العقارية القومية.. تخصم من عزم الشعب الذي يصارع من أجل التقاط قوت يومه.. فلصالح من يتم كل ذلك؟؟
سيادة الرئيس: الأقصريون مع التطوير.. ولن يكفروا بأهدافه أو يعوقوا تنفيذه.. وهم عون لكل من يعلي من شأن البناء.. ولكن سيبقى الجانب الإنساني، وضرورة احترام حقوق المواطن الأقصري وكرامته فوق كل اعتبار، وهي المطلب المشروع  الذي نعقد الأمل على سيادتكم للأمر بتحقيقه، والحفاظ على ضوابطه.   
 والله يوفقكم ويسدد على طريق الحق والخير خطاكم..
منتصر أبو الحجاج - مواطن أقصري
 

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com