ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

طفل شهيد عراقي

نوري إيشوع | 2011-02-02 18:35:06

بقلم: نوري إيشوع
انا آدم, شهيد عراقي قبل ميلادي, في رحم أمي سمعت صراخ رفاقي و أخواتي, صوت خيل و رصاص و بارود و ألهبت نار الظلم و القتل أرضي و بيت أجدادي, أفسدوا حتى مع أمي همساتي, انا آدم طفل بريء و لكن شهيد عراقي قبل ميلادي, غزت بلادي جنود الشر و راية ابليس رفعوها من البوادي, دخلوا بلادي, قتل و نهب, و سرقة و سلب, قتلوا الطفولة و نزفت دماءها في الكنائس و دور العبادة, سرقوا تاريخنا الخالد, زرعوا سمومهم في أرضنا الطيبة , رموا أقذارهم في الوادي, طاردوا حتى طيور بلادي و أسكتوا البلبل الشادي, جعلوا أرض بلادي مقابر, و الجثث كالروابي.

انا آدم طفل عراقي و لكن شهيد قبل ميلادي, عمري أربع سنين, جئت للدنيا, لأرض أمجادي, لغرض نبيل و لهدف سامٍ غير عادي, يوم الأحد بعيد القديسين, لبستْ لباس العرس, أبيض و أحمر و وردة بصدري, أبيض, لون السلام و الطهارة, و أحمر, لون الحب و النضارة, وردة, رمز العطر و البخور, و حامل شمعة و ماشي من البيت الى كنيسة النجاةِ, عيني تدمع و أنا حافي, اتضرع الى ربي و أعرف اني طفل و لكن شهيد عراقي, أصرخ بلهفة و عيوني تنظر لمجد الخالق و اتضرع بحرقة و خشوع, يارب, يا رب, يا رب : أحمي بلادي و عرض أهلي و مجد أجدادي من الجن الخارج من جحور الوادي, يارب : أقمع شر الظالم و أنقذ الطفل الحالم, طفل رضيع حتى عيونهْ لم تفتح بعد على العالم, يارب أحمي بيتك, أحمي شعبك من الوحوش, من الذئابِ, من ساكني القبور و المغاور و لرب الشر تسجد و باسمه تنادي.

أنا آدم طفل عراقي و لكن شهيد قبل ميلادي, دخلت كنيسة النجاةِ, علت وجهي بسمة حلوة و انا أدري اني طفل عمري أربعة, و لكن شهيد عراقي قبل ميلادي, بيني و بين رب المجد لحظة, ملهوف لرؤية نور الخالق و أحضنه بالايادي, بَدأتْ الصلاةِ, وأهل العرس فرحين, و كان أجمل يوم للتلاقي, عيد الأبرار, بخور و ترانيم و أحلى الصلواتِ, أختلطت أنغام الكهنة و الشمامسة مع أصوات االملائكة, و أرواحهم الطاهرة تناجي أرواحنا كالأخواتِ.

في لحظة, و نحن في خلوة مع ربنا, نصلي و نركع و ننادي : يارب أحفظ العراق و انشر فيه أمنك و سلامك و أدحر الأعادي, فتحوا باب النجاةِ, عساكر أبليس مدججين بالسلاح و يغطيهم لباس الموت و موشحين بالسوادِ, قتلوا أول طالبي السلام و المحبة, الأباء الكهنة, أسكتوا بسلاح ربهم كل من بالحق ينادي, طفل ذات الأربعة أشهر صرخ في وجه الرعب دون وجل, طارده الموت برصاصة دون رحمة للطفولة و دون خجل و غطت جسمهْ الطري ثوباً أحمر, أكملوا على أمه برصاص كوابل المطر, صرخوا نحن أتباع رب الفسق و الدجل و سوف نذبح كل من يتبع يسوع الفادي.

انا آدم طفل عراقي و لكن شهيد قبل ميلادي, علا صوتي و ساد المكان الصمت! قلت لهم بصوت طفل شهيد لا يخاف من الأعادي : كافي, كافي , كافي قتل أهلي و أمي و أخواتي و كافي عبث في أرض بلادي, دار أجدادي!

جسمي نزف من وابل الأوغاد, قبل الوداع علت وجهي بسمة فرح و قلت للقاتل: جسمي تراب و فاني, أقتل, أذبح, فجر, أنا آدم طفل و لكن شهيد عراقي, أنا حفيد ملوك العراق و العالم يشهد أني أبن الأمجادِ, و أبشركم يا أعوان ابليس : يومكم قريب و استعدوا ليوم الحساب عند الوقوف امام عرش رب الأربابِ و ملك الملوك يسوع الفادي!!

ودعتْ أهلي و أرض أجدادي, التقتْ روحي مع أرواح أخواتي و مثل رف حمام حلقنا فوق سماء العراق و توجهنا للقاء الفادي.

أنا آدم طفل عراقي و لكن شهيد قبل ميلادي, أبشركم يا أجدادي: اني عائد مع الفادي, و أبشركم بعد اللحظة, تبقى أرضنا خضراء و أنهارنا دمعة وأشجارنا يعود يسكنها طيرنا الشادي و الويل لكم ايها الأعادي عند مجيء الفادي ديّان العبادِ!

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com