ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

أين ذهب التطرف في أحداث مصر؟

| 2011-02-04 15:40:14

رغم تواتر الأحداث وسرعة تصاعدها على الساحة المصرية، إلا أن المتابع ربما يلفت انتباهه شيء مهم، وهو عدم وقوع أي اعتداءات على أي كنيسة في مصر، وهي ملحوظة مهمة، خاصة بعد أيام قليلة من حادث الاعتداء على كنيسة القديسين في الإسكندرية مطلع العام الجديد، هذا الحادث المريع الذي راح ضحيته العشرات، والذي حاولت بعض الجهات في خارج مصر استغلاله ضد مسلمي مصر، وتصويرهم بأنهم متطرفين يكرهون المسيحيين، وقد سمعنا تصريحات بعض الجهات الرسمية في الغرب وداخل الاتحاد الأوروبي تردد هذه الادعاءات، وسمعنا بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر وهو ينادي الدول الكبرى للتدخل لإنقاذ مسيحيي مصر والشرق عموما!

الآن، ترى ماذا يقولون في الغرب وماذا يرى البابا في مصر؟ ها هي الفوضى العارمة تعم شوارع المدن المصرية، وتنسحب الشرطة وتختفي تماما، وتقع الاعتداءات الشديدة والمروعة على الناس والأملاك والمنازل، وحتى على أقسام الشرطة نفسها، ولا مغيث ولا مجيب، ورغم هذا كله لا يقع أي اعتداء على أي كنيسة أو أي دور للعبادة في أي مكان في مصر، ولا حتى على المعبد اليهودي الذي تحيطه المظاهرات من كل جانب في وسط القاهرة، علما بأن كافة أشكال الحراسة على هذه المنشآت اختفت تماما أثناء تصاعد الأحداث في شوارع المدن المصرية، ولو كان هناك بالفعل تطرف وكراهية لدى أحد من المسلمين المصريين تجاه إخوانهم المسيحيين، لكان من السهل على المتطرف هذا أن يفعل ما يشاء في الكنائس خلال الأيام الماضية، ولكن شيئا من هذا لم يحدث إطلاقا! أتمنى أن أسمع رأي الفاتيكان وكذلك تجمع المسيحيين المصريين في الولايات المتحدة، الذين يتهمون مسلمي مصر بالتطرف وكراهية إخوانهم المسيحيين.

ما حدث في مصر خلال الأيام القليلة الماضية، أكبر دليل على متانة ورسوخ الوحدة الوطنية لدى هذا الشعب، وأكبر دليل على أن كافة أساليب التطرف وأشكال الإرهاب التي تقع للمسيحيين في مصر، إنما هي صناعة أجنبية تستهدف زرع الفتنة والفرقة والاضطرابات في الشارع المصري، وتفتيت وحدة هذا الوطن. ولو كانت هذه الفتنة وهذا التطرف من داخل مصر، لوجد في الأيام الماضية فرصا ذهبية لا تعوض لممارسة أنشطته التخريبية، ولم يكن بحاجة لوقت طويل ليخطط وليتفادى المواجهة مع الأمن، فقد كانت كل الطرق ممهدة دون أي عائق طيلة الأيام الماضية، علما بأن كنائس مصر كانت مكتظة بزائريها من المسيحيين خلال هذه الأيام، وخاصة الأحد الماضي، وجميعهم ذهبوا ليصلوا ويدعوا الله أن يحمي مصر ويرعاها ويخرجها من أزمتها بسلام.

مئات الآلاف وربما الملايين في ميادين المدن المصرية يرفعون العديد من الشعارات واللافتات، ولا نرى بينها أي شعار يحمل أي توجه ديني، حتى جماعة الإخوان المسلمين التي حاول أعضاؤها أن يثبتوا للجميع أنهم موجودون في وسط هذه الحشود، لم يجرؤ أحد منهم على رفع أي شعار من شعاراتهم التي عادة ما يملأون بها الشوارع في مواسم الانتخابات مثل «الإسلام هو الحل». لقد جمع الحدث الكبير بين المسيحيين والمسلمين المصريين في موقع واحد وفي موقف واحد، ذلك لأنهم ببساطة أبناء وطن واحد، قضاياهم وهمومهم وأهدافهم ومصالحهم الوطنية واحدة، وكم من المسيحيين نعرفهم في قيادات التشكيلات السياسية الحزبية وغيرها، كانوا موجودين في الشارع بجوار إخوانهم المسلمين.

الفتنة الطائفية أمر دخيل على المجتمع المصري، وقادمة من الخارج من قبل أعداء مصر، والدليل على ذلك اختفاؤها في اللحظات العصيبة التي تمس مصير الأمة كلها والوطن ككل، مسلميه ومسيحييه معا، ولم يحدث أن كان هناك أي فرق بين مسلم ومسيحي في مصر في أوقات أزمات الوطن الكبرى، ولم يتقاعس أي منهما عن أداء واجبه في هذه الأزمات.
نقلاً عن موقع البيان

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com