ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مبادرة لجعل 25 يناير عيدًا وطنيًا للمصريين!!

جرجس بشرى | 2011-02-07 00:00:00
بقلم: جرجس بشرى
 
من المؤكد أن ثورة الغضب على الظلم والاستبداد والفساد والقهر، والتي انطلقت شرارتها الأولى يوم 25 يناير الماضي، تعتبر بمثابة البداية الحقيقية لانهيار عصور الطغيان والقهر والاستبداد التي أمعن فيها الطغاة حكامًا وحكومات في ممارسة كل صنوف الصلف والجبروت والاستعباد والاستغلال بحق شعوبهم، ومن المؤسف أن هؤلاء الحكام والمحكومين تخيلوا ووضعوا في أذهانهم أنهم بمنأى عن الأذى، ومحصنين من أن تطولوهم غضبة شعوبهم!!
لقد جاءت ثورة 25 يناير 2011 لتنسف حصون الشر والفساد التي كان يتحصن بها هؤلاء الطغاة، فهوت هذه الحصون ودُكت أساساتها الشريرة دكًا، وأعطت الدرس لكل حاكم طاغية أو حكومة فاسدة بأنه لا إرادة تعلو فوق إرادة الشعب، ولا صوت يعلو فوق صوت الحق والعدل، فمن يتأمل ويدقق في الدروس المستفادة من هذه الثورة يرى عجباً، وأنه لمن المدهش حقاً أنه رغم الانفلات الأمني المُخطط  لإشاعة الفوضى في البلاد في أيام الثورة إلا أن عبقرية المصريين جعلتهم ولأول مرة في تاريخهم يطبقون الديمقراطية بشكل تلقائي وعفوي على أنفسهم، حيث شكلوا جماعات ولجان شعبية لحراسة وتأمين الشوارع والممتلكات العامة والخاصة، ونظموا المرور وقاموا بجمع القمامة وتنظيف الشوارع، وهذه هي الديمقراطية وهي "حكم الشعب للشعب"، ومن الدلالات الغريبة أنه ومع هذه الفوضى والانفلات الأمني غير المسبوق لم يتم الاعتداء على كنيسة!! حتى من قاموا بأعمال السلب والنهب لم يتعرضوا لكنيسة أو يهجموا عليها لدوافع دينية متطرفة طيلة هذه الفترة، وهو ما يثير علامات استفهام خطيرة حول مسئولية الأمن في صناعة الفتنة!! هل تساءل أحدكم أين القاعدة والمتطرفين والإرهابيين الآن؟؟ 
إن ثورة 25 يناير ثورة تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويجب أن يتم تخصيص يوم 25 يناير من كل عام للاحتفال بهذه الثورة واستلهام دروسها المستفادة ونتائجها، وحتى يكون دافعا لشباب المستقبل ليسيروا على نفس الطريق دون كلل ولا ملل ولا خوف، ولكي يكون ذلك اليوم بمثابة جرس إنذار لكل حكومة فاسدة أو حاكم مستبد طاغية!
ومن منظور المكسب والخسارة، فبشكل عام  كل المصريين كسبوا وجنوا ثمار هذه الثورة، إلا أن ذلك لا يجب أن يجعلنا نلغي عقولنا وموضوعيتنا في حكمنا على الأمور ونسير وراء عواطفنا الوقتية المصاحبة للثورة، فأي معركة بها مكسب وخسارة، ومن المكاسب التي حققتها هذه الثورة الإطاحة بحكومة فاسدة وإسقاطها، ثم تعيين نائب للرئيس في وقت حرج كانت تمر به الأمة، تشكيل شبه وزارة جديدة، وإعلان الرئيس مبارك عدم ترشحه للرئاسة الفترة المقبلة، ونسف مخطط التوريث الذي تم حبكه وصياغته على نجل الرئيس "جمال مبارك" والإطاحة بشخصيات عتيقة في الحزب الوطني وأمانة السياسات، والإعلان عن تعديلات دستورية  ـ لم تتم حاليًاـ وإصدار قرارات من قبل النائب العام بملاحقة وزراء تورطوا في قضايا فساد، و.. و.. ولكن لا يستطيع أحدًا أن ينكر أن هناك من تربصوا بثورة شبابنا وقفزوا لحصد ثمار الثورة، ومن أولئك الذين ركبوا موجة الإصلاح الجماعة المحظورة التي تتاجر بالديمقراطية للوصول للسلطة، وهؤلاء متى أوصلتهم الديمقراطية للحكم فإنهم يقمعون شعوبهم بلا هوادة  -على حد تعبير الرئيس الأمريكي "باراك حسين أوباما" في خطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة، وأنا هنا أتكلم عن الجماعة التي أعلنت على مضض مشاركتها في الانتفاضة قبل أن تبدأ، ولكن بعد أن حققت الانتفاضة أهدافها راح المرشد يتكلم في وسائل الإعلام مفتخرًا بشعبية الجماعة!!، كما راح الشيخ القرضاوي في وسائل الإعلام ينادي بمُجاهدة الحاكم الظالم على ظلمه!!، ولأول مرة تعترف الدولة على لسان نائب رئيس الجمهورية "عمر سليمان" بشرعية جماعة الإخوان المسلمين، بل وتتحايل عليها للمشاركة في الحوار الوطني حول التعديلات الدستورية!
والسؤال المنطقي والخطير هنا: على أي أساس ستحاور الحكومة جماعة  هدفها الأساسي أن تحكم مصر بالشريعة الإسلامية؟!!
من المؤكد أن الجماعة التي تنادي بالديمقراطية للوصول للحكم سترفض رفضًا قاطعًا تولي مسيحي أو شيعي رئاسة الجمهورية، ومن المؤكد أن الجماعة سترفض رفضًا قاطعًا الحرية الدينية، خاصة حرية التحول الديني من الاسلام للمسيحية، والسؤال هنا: ما موقف الجماعة من الفن وعمل المرأة، والقضاء المصري وهوية الدولة المصرية، وتولي مسيحي رئاسة الجمهورية  و.. و..!!!
 إنني لا أرفض التحاور مع الجماعة إذا كان الحوار مبنيًا على الديمقراطية الكاملة وعلى قبول كافة مقومات الدولة المدنية التي تحكم بالقانون والدستور المدني والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وبالتالي مطلوب من الإخوان أن يجيبوا على هذه الأسئلة أولا ً قبل الدخول في أي حوار ديمقراطي.
وبالنسبة لإعادة الاستقرار فمطلوب فورًا من الحكومة اتخاذ قرارات سريعة لمقاومة الفساد وتخصيص إعانة بطالة للشباب، وعزل الفاسدين، واستعادة الأراضي المسروقة والمال العام المنهوب، وإجراء تعديلات دستورية توافق عليها كافة أطياف المجتمع المصري وأخطر مادة في رأيي يجب أن يتناقش فيها كافة جموع المصريين، المادة 76 من الدستور، لأنها ستجيب على هذا التساؤل: من سيحكم مصر الفترة القادمة؟ هل هو رئيس ديمقراطي أم ديني؟ أم عنصري؟ وأقترح إجراء تعديل على المادة الثانية من الدستور، ويجب أن تكون هناك لجنة من الفقهاء الدستوريين من كافة أطياف المجتمع لتعديل الدستور لكي يكون الدستور معبرًا عن كل المصريين!!والأهم من ذلك كله يجب إعادة هيكلة الجهاز الأمني من جديد على أسس غير دينية، ووضع تشريعات تضمن تمثيل كافة المصريين في هذا الجهاز، فبدون وجود جهاز أمني قوي ووطني لا قيمة لأي تعديلات أو إصلاحات شكلية، فالأمن القوي قادر على حماية القانون وتنفيذ القانون. أما بالنسبة للأقباط فقد شاركوا بفاعلية مع إخوانهم المسلمين في هذه الثورة هذه إيجابية من إيجابيات الانتفاضة، ولكن مطلوب من الأقباط أن يكونوا ممثلين ومؤثرين في معادلة الحوار الوطني حول التعديلات الدستورية المقترحة، ويجب على الأقباط أن يكافحوا للوصول لذلك لأن الحقوق تنتزع ولا تمنح. إنني أدعو كافة القوى الوطنية وشبابنا الواعي أن يطالب بجعل يوم 25 يناير من كل عام عيداً للثورة الشعبية على الظلم والاستبداد والفساد! أنه بالفعل يستحق أن يكون عيدًا!!
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com