ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

ظلم قرون, أصبح في خبر كان

نوري إيشوع | 2011-02-07 00:00:00
بقلم: المحامي نوري إيشوع
 
غريبٌ أنت أيها الإنسان,  تدعي الظلم وأنت الظالم, تمثل دور الضحية وأنت القاتل,  تصرخ و أنت الغاصب, تدعي السرقة و أنت السارق, تحارب الكره والبغضاء وأنت الذي لا تقبل غيرك كارهًا في الميدان, تنادي بالطهارة وتسابق الزاني في الخطايا والأدران,  تكّفر و تتبع إلهًا ضعيفًا جبانًا, لك ألهة كثيرة أولها المال، ولإبليس أصبحتَ عبدًا و له تحني الرأس وتركع خاشعًا كأفضل الأعوان, ترمي الوالدين لغدر الزمان, أنت أيها الإنسان أصبحت أبًا للكذب والقسم أضحى لك مستندًا وعنوانًا, تدين وتعاقب وتحاكم العالم كديان، وأنت الآثم المدان,  تلوث أيام الأقداس ولتجارتك تجنح وتتاجر بالولدان وببنات النيل الحسان.
غريب أنت أيها الإنسان, تتذمر وتشتكي,  تتظاهر وتبكي, تحرق وتدمر,  تبكي وتكّبر,  تسرق آثار مصر و تغزو أماكنها المقدسة, فتحرق كنيسة مار جرجس في رفح, و تفجر كنيسة القديسين في الإسكندرية, وتقتل أناس أبرياء في القطر, وفي دمياط و نجع حمادي، وتمحي التاريخ، وتحذف من الأوراق الكلمة والسطر,  و تغتصب بنات مصر, وأنت بحق مجرم العصر, تطالب برفع ظلم ثلاثين عامًا من أهل القصر, وتنادي بأعلى صوتك ارحلوا عن أرضنا, كفاكم تجويع أولادنا, توقفوا عن امتصاص دمائنا, احترموا حرياتنا, توقفوا عن بيع الوطن يا سادة الحصن.
غريب أنت أيها الإنسان, تناسيت غزواتك لمصر من زمان, قتلت واغتصبت و حرقت, وسلبت أرضًا لم تكن لك, ومثلت بأهلها منذ قرون. 
و نسبت مجدها لنفسك، ورفعت راية العدوان, وأنت القادم من صحراء النسيان, بوجوهٍ مصفرة, بأقدامٍ محمرةٍ, و بعقولٍ مغبرة, غذتها رمال الصحراء المكفهرة, بأفكارٍ عفى عليها الزمان و مضى و نثرتها رياح البغتان, وسجلت في دفاتر النسيان.
غريب أنت أيها الإنسان, تثور, تجوب الشوارع وتعتصم في ساحة الميدان ضد الذين حكموا مصر من البارحة العصر,  تشتكي لظلمٍ لم يدم إلا ثلاثين عامًا, فقط ثلاثين عامًا! وأنت الذي تهين وتلوث وتشوه وتظلم أهل الدار منذ قرون, منذ عهود وأزمان, تدك أديرتهم, وتهين قادتهم, تخطف بناتهم وتنادي بأعلى صوتك, هل من مقارع فأنا الغاصب الجبان.
غريب أنت أيها الإنسان الذي لا تستحق هذه التسمية بأمان, لان أعمالك تدينك وتجعل منك وحشًا بشريًا, و سفاحًا دمويًا, فاق بوحشيته كل دموية وحوش الغابة, والموت و التدمير أصبح له مرمى و عنوان.
غريب أنت أيها الإنسان, خذ كرهك, وأسلحتك الفتاكة, وأفكارك المريضة وارحل عن أرض مصر التي أثقلتها بأمراضك المعدية, قبل أن تطالب برحيل الذين سرقوها وأحكموا النير على رقاب أهلها الأصليين ولوثوا شطآنها الأبية, لأن برحيلك سينتهي الظلم, وسيعم السلم والآمان ربوع المحبة والسلام، وسوف تبنى من جديد صروح العلم وترفع رايات المسامحة وسوف ينادي الجميع وبصوت واحد، هلموا عودوا إلى صميم الإيمان، واتبعوا مخلص العالم, ابن الإنسان!
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com