ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

لا بد مما ليس منه بد

رمزى لوقا | 2011-02-24 00:00:00

بقلم: رمزى  حلمى لوقا
                 *بعد إحتفالات  رأس  السنة  كل  عام ،  ومع  إحتشاد كل  العوامل  لإدخال  البهجة والسرور  والتفاؤل  الى قلوبنا  ،  يداهم الكثير  منا  فى  صبيحة اليوم  التالى   إحساس مُبهم ،هو أقرب الى  الشجن  أوربما   القلق أو  كليهما  ، وهذا  الإحساس  ذاته   هاجمنى  ، وربما  هاجم الكثيرين غيرى ، بعد  بيان  السيد  عمر  سليمان نائب  الرئيس السابق، الذى  أعلن  فيه  نهاية  حقبة  وبداية حقبة  جديدة ، بتخلى الرئيس  محمد  حسنى مبارك عن منصبه  الرئاسى، وترك صلاحيات المنصب الرفيع  الى  المجلس  الأعلى  للقوات  المسلحة.

                 *وكما  يقولون ذهبت  السكرة  وجائت الفكرة 
                 فقد  أنهينا للتوّ  مرحلة عانينا  فيها جميعنا ما عانينا  ، واُلـقِينا  فى  سفينة  لا  نعلم  وجهتها  على  وجه  اليقين  ، فى بحر  بدا  هادئاً  رائقاً متصالحاً  معنا ومع الكون ، كما  بدت السفينة كما  لو  كانت  تشى  للجميع  أنها  ستمر بهم  الى  بر  الأمان،  وستوفر  لهم  الراحة  والرفاهية ، ولكن  ما أن  بدأت  السفينة  تتحرك الى  وجهتها  الغامضة ،  حتى  بدأ  القلق والشك يتسربان  الى  البعض  ، إعتقاداً  منهم   بأن الربَّان بدلا ً من  أن  يقوم   بتسكين  الركاب ، كلٌ فى  قـُمرته  ،  ترك ذلك  الأمر  لطائفة  من  الركاب إختارهم  بناءً على  أسسٍ  مبهمة  ، بل  ترك لهم  دفة السفينة ، يوجهونها  كيفما  شاءوا، وجلس هو  يرقـُب  المشهد من طرفٍ  قصِىّ .

                *  إن  القلق  الذى ينتاب بعض طوائف  المجتمع ، تجاه بعض التيارات  الدينية  التى  تتعاطى  العمل السياسىّ ، لِهُـو  أمرٌ  قديم ٌ قِدَمْ  نشأتهم ، وربما   كان  أمراً مبرراً، بسبب بعض  أرائهم  الفقهية  التى  تخص المرأة  والفن والثقافة والبنوك و المغايرين  لهم  دينياً  من  أقباط وشيعة وبهائيين وغيرهم، بالرغم  من  تأكيدهم  الدائم على  أنهم  يكفلون  حقوق المرأة  والأقباط    والأقليات  الدينية التى لم  نسمع بوجودها  فى  مصر  الا مؤخراً - وهو دليل  واضح على ما  كانت تعانى  منه  هذه  الأقليات  الدينية من  تمييز  وإقصاء  فى  الماضى  .

                *ولكننا  يجب  ان  نعترف أن  الإخوان المسلمين فصيلٌ سياسيٌّ له  وجود  فى الشارع المصرىّ ،  وهوالآن  الفصيل السياسى الأكثر  تنظيماً  وربما الأكثر  عدداً فى  الواقع  المصرى الحالى  بين المصريين   المنضوين  فى  العمل  العام  ، وسبق  لهم  إعتلاء  منبر  البرلمان المصرى  بخـُمس  مقاعده، كما  كانت  لهم  الغلبة  فى  مجالس  إدارات  عدد من  النقابات   والجامعات  ، ونالوا  إعترافاً سياسياً  خلال ثورة يناير، وبالتالى  سيكون  لهم وجوداً سياسياً  ملحوظاً -  شئنا  أم  أبينا - فى  الفترة  القادمة ، وخاصة  بعد إنهيار الحزب  الوطنى، وتملص  معظم أعضاءه و رموزه من  شبهة  الإنتماء إليه  ، كما أن  الأحزاب  الأخرى  لم تستطع  فى  هذا  الوقت  الوجيز  ،  أن ترتب  أوضاعها  وتعلن برامجها  وتلتحم بشكل حقيقىّ مع  الشارع  المصرىّ ،   إن  مقدار تواجد الاخوان فى  الأيام  القادمة  سيعتمد على  فاعلية الأحزاب  والبرامج  الأخرى  فى إجتذاب الناخب  المصرى  بعيدا  عن  البرامج  والشعارات التى  تتحد  مع  الدين أو  تنطلق  منه  .

              *ومع  أخذ  تلك  الفرضيات  فى  الإعتبار  لابد  من الإعتراف  بجماعة الإخوان   كقوة  سياسية صاعدة ، و التعامل  معهم ،  بل  و  ربما الترحيب  بهم ،  وإجراء حوار حقيقى بناء ،لاستجلاء  المخاوف والشكوك، والوصول  الى  أرضية  مشتركة  للتعايش فى  سفينة  الوطن  ،  التى لن  يستطيع أحد أن  يلقى  بالآخر-  كل الآخر  - فى لـُجـَّة  البحر  وينفرد  هو  بها ،  كما إن  تجاهل تيار  بهذا الحجم والتأثير ،لا يعنى  بالضرورة  درأ دوره  وتأثيره.

              *كما  على  الاخوان  الذين  طالما أكدوا – إعلاميا  - على  كفالتهم لحقوق الآخر  - المخالف  لهم -  ان يكشفوا  ما استغلق  على  الآخرين ، ويعلنوا بوضوح برامجهم العملية ، بعيداً  عن التنظيرات الشعاراتية  المعروفة والمعلنة منذ  زمن بعيد، ويحولوا  تلك   الطمأنة  الأعلانية  الشفهية  الى  اطمئنان حقيقى وواقعى  .

كما  عليهم  أن  يبرزوا  التيار  الأكثر  إعتدالا الى  الواجهة وينحوا  جانباً  التيار  الأكثر تشدداً ،  إن جاز لنا  ان نمايز بين  تيارات  داخل  الجماعة ، ولأنهم  الفصيل  السياسى  الذى  إستطاع  ان  يقتطف  لنفسه -  بطريقة  أو  بأخرى - النصيب  الأوفر  من ثمار  الثورة ، فعليهم  الدور  الأكبر فى  تهدئة  المخاوف  والشكوك  المثارة  حولهم ، وعليهم  ان  يسعوا  هم بوتيرة  أسرع  الى  الحوار، كما  عليهم  أن  يكبحوا  جماح  تطلعاتهم ، ليحققوا  الدولة  المدنية  التى  نادت بها الثورة  ، والتى شاركوا  هم  أيضاً  فيها على  ذات المبدأ.

  ان  الجماعة  ربما  تكون  مسئولة  عن  الصورة  الذهنية   لدى المخالفين  لها  فى  الرأى ، وإلا لماذا  فشلت فى  رد  المتخوفين   عن  مخاوفهم  وشكوكهم ، بالرغم  من إشتراكهم  الفعلى  بنصيب  وافر من مقاعد  المجلس  النيابى  على  مدار  الخمس سنوات  الماضية .

            *  اننا  ننادى  بالوحدة  الوطنية ، و لا  نسعى  أبدا  خلف  خطابٍ  طائفىّ، و نتوقع  أن  تتحرر  عقولنا  من  أسر الماضى، كما  تحررنا  من ذل  العبودية  والظلم ، وننتظر أن ننطلق  إلى  الغد ، فى  ظل  دولة  مدنية ، مصونين  بحرية الرأى و  الفكر  والعقيدة،  غدٌ   يشارك فى  صياغته مختلف  ألوان الطيف السياسى  بما  فيهم  الإخوان   .

إننا  عشنا  تحت  الحكم  الاسلامى المدنى منذ  دخول الإسلام الى  مصر ، وسنظل كذلك بحكم  التركيبة  الديموغرافية  للشعب  المصرى ، فلا  غضاضة  فى  ذلك طالما يتم  ذلك  وفق  ممارسة  ديمقراطية  سليمة ، وطالما ظل  حكماً مدنياً ،دون  الإرتكان لنصوص دستورية  وقانونية تكرس  الفرز و التمييز .

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com