العقيد متقاعد أسامة صدقي: إقالة جميع الوزراء والمحافظين، ومحاسبة من يوضع عليه علامات الاستفهام.
اللواء متقاعد طلعت مسلم: القوات المسلحة تريد أن تسلم البلاد إلى سلطة مدنية منتخبة من الشعب بأسرع ما يمكن.
اللواء متقاعد مختار يونان: المظاهرات الفئوية والاعتصامات تضاعف من مشكلات المواطنين.
المؤرخ عبد العزيز جمال الدين: مطلوب تأسيس دولة مدنية ودستور مدني يساوى بين جميع أبناء الوطن في الحقوق والواجبات
تحقيق: ميرفت عياد
أشرقت شمس الخامس والعشرين من يناير، لتعلن بداية مرحلة جديدة تمر بها مصر، بدأت بمظاهرة سلمية، تنادي بالعدالة الاجتماعية والديمقراطية، ومحاربة الفساد والظلم، إلا أن هذا لم يلق استحسان نظام الحكم السابق، الذي أعلن رفضه لهذه المطالب في صورة قوات الأمن التي تعاملت مع المتظاهرين بمنتهى القسوة، وهكذا استمر التصعيد في الأحداث، وتقديم التنازلات من النظام الحاكم الواحدة تلو الأخرى، إلى أن أعلن الرئيس السابق "محمد حسني مبارك" يوم الجمعة 11 فبراير، تنحيه عن الحكم نهائيًا، وترك مقاليد الحكم للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، في البيان الذي ألقاه النائب "عمر سليمان".
عن القوات المسلحة، والمهام التي تقع على عاتقها، ودورها في إعادة الأمن والانضباط إلى الشارع المصري، وعلاقتها بالمخاوف الإسرائيلية، وتاريخ الجيش المصري الذي يعد أقدم جيش نظامي في العالم كان لنا هذا التحقيق.
حماية الوطن من المخاطر الخارجية والداخلية
يقول العقيد متقاعد "أسامة علي صادق" أن القوات المسلحة تقع على عاتقها مهمتان أساسيتان؛ وهما حماية أمن الوطن والدفاع عنه من الأخطار الخارجية، التي قد تلاحقه؛ سواء في البر أو البحر أو الجو، والدفاع عن حدوده ضد أي محتل أو معتدي، أما المهمة الثانية؛ فهي حماية الشرعية الدستورية للدولة، أي حماية ما ورد في بنود الدستور المصري، من أحكام خاصة بأشكال الحكم وأدواته، والمسئوليات والعلاقات التي تربط ما بين السلطات، وبالنسبة للمهمة الأولى؛ فدور القوات المسلحة معروف لدى الجميع، وهو مواجهة الأعداء، مثلما حدث في حرب 1973.
أما بالنسبة للمهمة الثانية؛ فهي مرتبطة بحدوث حالة من الخطر والفوضى تهدد أمن الوطن، وفي نفس الوقت تفوق قدرة الشرطة المدنية على مواجهتها، وهذا على سبيل المثال ما حدث في أحداث الأمن المركزي الشهيرة، والتي حاول فيها بعض الجنود من الأمن المركزي، القيام بأعمال تخريبية لمنشآت وممتلكات عامة وخاصة، ولهذا نزل الجيش إلى الشوارع لضبطها وإعادة الأمن والأمان بها، أما بالنسبة لهذه الثورة فقد نزل الجيش يوم 28 يناير، من أجل حماية المنشآت الحيوية، ومساعدة الشرطة على إعادة الأمن، والانضباط إلى الشارع المصري، مشيرًا إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بعد تنحي الرئيس مبارك، هو الذي يتولى تصريف أمور البلاد، لذلك يطالبه بأن يتم إقالة جميع الوزراء والمحافظين، ورؤساء الهيئات، ومحاسبة من يوضع عليه علامات الاستفهام، وتعيين أشخاص عسكريين بدلاً منهم، لحين تعديل الدستور، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة.
معاهدة السلام ومدى الالتزام بها
بينما يؤكد الخبير العسكري المصري والمحلل الاستراتيجي، اللواء أركان حرب متقاعد "طلعت مسلم"، على أن القوات المسلحة هي مصدر الشرعية في الوقت الحالي، بعد تنحي رئيس الجمهورية عن منصبه، وتفويض سلطات إدراة البلاد إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهي تقوم بدور استثنائي، وواضح من البيانات والتصريحات والإجراءات التي يقوم بها المجلس، أنه يريد أن يسلم حكم البلاد إلى سلطة مدنية منتخبة من الشعب، بأسرع ما يمكن، حتى أنه قرر أن يكون هذا في غضون ستة أشهر، حيث تجري الانتخابات البرلمانية والرئاسية، مشيرًا إلى أن من الطبيعى أن يكون لدى إسرائيل التخوفات بخصوص معاهدة السلام، ولكن القوات المسلحة أكدت في بيان لها أنها ملتزمة بجميع المعاهدات، والاتفاقات الدولية التي أجرتها مصر، وهو التزام عسكري ولا رجعة فيه، معربًا عن أن قانون الطوارئ موجود في جميع دول العالم، لمواجهة الإرهاب، وتجارة المخدرات والأوبئة، وهو مهم جدًا، خاصة في ظل وجود عدد كبير من المساجين الهاربين في أحداث الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد، أما إعلان حالة الطوارئ، فالمفترض أن تنتهي قريبًا فور استقرار أحوال البلاد.
حكم عسكري أم مدني
و يشير اللواء السابق "مختار يونان"، إلى أن الحكم العسكري يعني أن تحكم البلاد عن طريق القوانين العسكرية، التى يتم تطبيقها على أفراد الجيش، وهذا غير مطبق الآن، ولكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يقوم بعملية إدارة وتنظيم لشئون البلاد، وتأمين المرافق والمنشآت الحيوية بها، خاصة في ظل ضعف التواجد الأمني من قبل الشرطة، مؤكدًا على أن القوات المسلحة هي ملك للشعب طبقًا لمواد الدستور، وهي درعه الأمين، ولن تقدم بأي خطوة تسئ لها لدى الشعب المصري، الذي تعزه وتحترمه، وتقدره.
مشيرًا إلى أن المظاهرات الفئوية والاعتصامات تعطل سير العمل، وتوقف عجلة الإنتاج، الأمر الذي يضاعف من مشكلات المواطنين، وخاصة المتعلقة بزيادة الأجور، فكيف تقوم الدولة بهذه الزيادة، في ظل عدم الإنتاج، وتوقف سير العمل، والخسائر بالملايين، والمليارات لاقتصاد البلد، مطالبًا جميع العاملين بالدولة، أن يتحلوا بالصبر قليلاً، لنعبر هذه المرحلة الانتقالية الدقيقة، لنستعيد أنفاسنا، وحالتنا الاقتصادية، ومن هنا يكون من السهل أن يعم الرخاء والخير على جميع المواطنين، الذين قاسوا الكثير من الظلم و الفساد.
الجيش المصري دفاعى وليس هجومي
و يشير المؤرخ "عبد العزيز جمال الدين" إلى أن الجيش المصرى هو أحد مؤسسات الدولة المصرية، وهو جيش دفاعي وليس هجوميًا، و لم يسع إلى احتلال أي دولة أخرى، ولكن ظهرت الحاجة إليه لحماية الدولة المصرية من أطماع البدو في المنتجات الزراعية، والدفاع عن الأرض والمواطنين، وهكذا استمر الجيش يدافع عن وحدة الدولة ونظامها، وتعددية الأديان بها، مؤكدًا على أن المصريين فضلوا أن يبنوا مجدهم ليس بالتوسع الاستعماري، ولكن بالتفوق الحضاري، عن طريق توظيف قوتهم البشرية، وعلمهم في بناء الصروح الضخمة والأهرامات، وتحويل مجرى النهر، وشق الترع، وزيادة الإنتاح دون الحاجة إلى الاستعمار، ونهب خيرات البلاد الأخرى، أما أقصى توسعات حدثت في أيام الفراعنة، فكانت من أجل تأمين الحدود ضد الغزوات.
مشيرًا إلى أن "محمد علي" باشا أحدث تطورًا كبيرًا في الجيش المصري، خاصة أيام سعيد باشا، الذي أصدر اللائحة السعيدية، التي سمحت لكل المصريين بالتجنيد في الجيش المصري، دون أي تفرقة دينية، وبهذا تم تشكيل الجيش الوطني من المسلمين والأقباط، وهذا هو الجيش الذي قام بثورة عرابي، التي تعد أول ثورة في تاريخ مصر الحديثة ضد الاستعمار الأجنبي، ولكن فشلت هذه الثورة وتحول الجيش المصري إلى مجرد وحدات عسكرية، تخضع للاحتلال البريطاني، ومع ثورة 1919 عاد الجيش المصري من جديد للقيام بواجبه الوطني، في الدفاع عن مصر في ظل الحرب العالمية الأولى والثانية، و لكنه هزم في عام 1967، وتحقق له النصر في عام 1973 بالعبور، والنصر في حرب أكتوبر المجيدة.
أما الآن، وفي ظل الظروف الراهنة، فمطلوب من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يحكم مصر، أن يبعد عنها شبهة الحكم العسكري، بتأسيس دولة مدنية ودستور مدني، يساوي بين جميع أبناء الوطن في الحقوق والواجبات، دون أي تفرقة مبنية على الدين أو الجنس.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com