ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الثورة.. كثير من الآمال.. كثير من المخاوف

رمزى لوقا | 2011-02-25 00:00:00

بقلم: رمزي لوقا
 بالطبع من السابق لأوانه أن نحكم على ثورة شعبية رائعة ، نجحت فى تكسير كثير من الأصنام والأوهام ، لم نكن نحلم بسقوطها فى تلك الفترة القصيرة ، وبهذا الثمن - وإن غلا – فهو بخس قياساً بقيمة التغيير المنتظر ، وبقيمة الوطن العزيز ، وانظروا كم يدفع الشعب الليبىّ المناضل فى ثورته من دماء ، وهى ما زالت فى طورها الأول ، وهى حتى الآن لم تحرك إلا بعض المياه الراكدة فى النظام الليبىّ العطن.

وإن كنا سنعطى لمبارك تكريماً وعرفاناً ، فلأنه لم يسلك مسلك الزعيم الليبى فى قمع الثورة. إن الروح الثورية العالية الوثابة إلى نجدة الوطن ، والوقوف ضد الفساد ، وضد القفز على أكتاف الثورة ، والوقوف ضد الشعارات الفئوية أو الدينية ، لم يمنع من بروز تيار الأخوان ، وتمتعه بالحظ الأوفر من ثمار الثورة ، وقد ناديت قبل الثورة وبعدها وما زلت أنادى بالحوار معهم ، لأن تجاهلهم سيؤدى إلى إنفرادهم بالسلطة ، ومعاداتهم سيؤدى حتماً إلى فتنة طائفية ،الكل فى غنى عنها. كما ان إلتحام الهلال مع الصليب خلال أيام الثورة وبعدها ، فى وحدة وطنية رائعة، أصبح أمامه الآن علامة إستفهام كبيرة ، مع تسارع الأنباء عن إعتداءات على شخصيات و أماكن قبطية ، فى العديد من محافظات مصر.

ونحن الآن بين أمرين ، إما أن نتمسك بوحدتنا ، وقد نقدم جميعاً تنازلات مؤلمة للحفاظ عليها ، والعبور بالوطن الى بر الأمان ، أو ننساق كل منا وراء مطالب وتطلعات طائفية ، قد تؤدى بالوطن الى ما لا نتمنى . كما أن أخلاقيات الثورة التى رأيناها وعشناها ، باتت ديمومتها فى الشارع المصرى فى محل شك ، وخاصة بعد التردى الأمنى رغم إنتشار رجال الداخلية فى كل مكان ، إلا أن هناك غموض تجاه سلبيتهم، أو ربما قلة حيلتهم ، فى التصدى لحالات التحرش الجنسى والبلطجة والسرقة بالأكراه ، فالإنفلات الأمنى أصبح آفة تصيب المجتمع المصرى - وإن خفت حدته - وهنا نسأل ألم يحن الوقت لعودة رجال الأمن بصورة حقيقية إلى آداء دورهم - الأخلاقى - فى الدفاع عن الوطن .

ليس ثمة تغيراً فى فكر ونهج حكومة السيد أحمد شفيق الأولى ، فما زال رجال الأعمال - لا المواطن الفقير - أولية أولى فى سياساتهم وتوجهاتهم ، نعم ، من غير المنتظر، ولا المطلوب إنقلاب سريع فى توجهات الحكومة الجديدة ، فهذا يـُترك للحكومة التى ستأتى بالإنتخاب ، فبرنامجها وفكرها الأيدولوجى الذين يختارها الشعب بناءً عليهما ، هما النهج الذى سنسير عليه مدة حكمها ، وهى التى لها الحق فى تغيير مسار الوطن ، حسب المنهج الذى أختيرت على أساسه ، ولكن لابد من رفع الظلم فوراً عن الفئات المطحونة والمهمشة من المجتمع . إن حُكماً رأسمالياً لم يهتم إلا بالعائد الريعى - الذى كان يذهب لفئة صغيرة من رجال الأعمال المحظوظين - من أرباح بيع الأراضى والبورصة وبرنامج الخصخصة الغامض، الذى كان يستهدف حتى المستشفيات والحدائق العامة وكل ما يملكه المواطن الفقير ، الذى كان ينتظر اليوم الذى يباع فيه حتى الهواء الملوث الذى كان يتنفسه ، لولا معارضة الشعب ، لكانت حديقة الحيوان على سبيل المثال قد حل محلها ناطحات سحاب تباع بالمليارات ، وما كان على الشعب إلا أن يذهب للجحيم ، أو تترك له حرية الموت إنتحاراً بالطريقة التى يرغبها. إن نظرة حقيقية لحقوق الفقراء فى حياة كريمة ، لهى أولى بأن تكون نهجنا فى العمل العام فى الفترة القادمة ، فقد عودتنا حكومة الفساد السابقة على أن الفقير متهم بفقره ، وأن المريض متهم بمرضه ، وأن الجاهل متهم بجهله ، وأن الشعب هو مصدر كل الآفات.

إن إلقاء التبعة على منظمات العمل المدنى ، للقيام بأدوار هى من صميم مسئوليات حكومة الدولة ، لهو تهرب من واجبات يجب أن تؤديها الحكومات ، وإلا لماذا تفرض الضرائب والرسوم ، وهذا ما يجب أن نعيه فى المستقبل ، يجب على الحكومات أن تبذل كل الجهد ، وعلى المجتمع المدنى أن يكمل ما تعجز عنه الحكومات . ان عودة نظرة التقدير والإحترام إلى العمل اليدوى والإنتاجى ، و إلى العامل والفلاح ، التى كان قد إستلبها رجال الأعمال ، ومن ساروا على دربهم من سماسرة وتجار أوهام ، الذين أشاعوا نظرة دونية الى العمل اليدوى الشريف ، والمهارة الفنية اليدوية ، والابداع الفنى التى يصعب تعويضها ، واستبدلوها باستيراد منتجات مثيلة من الخارج باسعار ذهيدة ، مما أدى الى اغلاق آلاف المصانع والورش ، وإندثار صناعات محلية شهيرة ، كانت من موروثنا الحضارى والثقافى ، كما أدت تلك النظرة إلى عزوف الفلاح عن رعاية أرضه ،وتربية ماشيته ، وتحويله من منتج يصدر إنتاجه الزراعى إلى الحضر ،إلى مستهلك ومستورد عبىء على المدينة ، إن منع استيراد البضائع المماثلة لما تنتجه المصانع المصرية ، ودعم الزراعة يجب أن توليه الدولة من إهتمام ، فهذا طريق القضاء على البطالة ، وزيادة الإنتاج ، و حزمة كبيرة من المزايا ليس هذا مكان مناسب لحصرها . هذا بعض من كل ، فآمالنا فى الثورة عظيمة بقدر عظمتها ، ومخاوفنا عليها بقدر حرصنا على نجاحها .

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com