بقلم: د.صفوت روبيل بسطا
بعد هذا الانجاز التاريخي والعالمي والغير مسبوق, للشعب المصري العظيم في التخلص من عصر من أسوأ عصور الفساد التي مرت عليه والتي فيها أستعاد المصري كرامته وإنسانيته المهدرة والمسلوبة من رجال داخلية العصر البائد..
وكان غير مسبوق, لأنه لأول مرة في التاريخ تُستخدم فيها التقنية الحديثة جدا في الدعاية للثورة السلمية من خلال شباب مصري أصيل كان الانترنت وسيلته الوحيدة لتفريغ أرائه وأفكاره وهمومه ومن خلالها لن يجد أحد يحجر علي أرائه ولا علي حرية تعبيره ,وللتخلص من حالة ’’كتم الأنفاس’’ التي إعتدنا عليها من مًن هُم أكبر منا سواء سناً أو مسئوليةً , وأيضا للتخلص من’’ ثقافة الخوف’’ التي رأيناها وقد سيطرت علي الجميع في هذا العصر الغابر وهم لا يعلمون أن... كتر الضغط قد يؤدي إلي الانفجار.. وهذا هو الذي حدث بالضبط في الثورة الشبابية , ثورة استعادة الكرامة ,ثورة 25 يناير التاريخية ,التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك ,وأطاحت بعصر الفساد والنهب والسرقة ,وأهم شيء أطاحت بثقافة كانت مسيطرة علي الكل ألا وهي ..’’ثقافة الخوف’’..وتيقن للجميع أنه.. لا خوف بعد اليوم ,,,
وبذكر ’’ثقافة الخوف’’ أحب أن أذكر أنني كنت قد قُمت بكتابة باكورة مقالاتي علي المواقع القبطية, ومن الصدف الغريبة أنه كان بتاريخ 28-1-2010 أي قبل عام كامل من ثورة الغضب أو بالتحديد ما سُمي بإسم ’’جمعة الغضب’’ التي كانت البداية الحقيقية للثورة والغضب والتي فيها بدأ الرئيس المخلوع في التنازلات والرعب من الثورة
كان عنوان المقال ’’مظاهرة أقباط(...) وثقافة الخوف’’’ وكان أيضا من الصدف الغريبة أنها كانت بسبب نفس الدوافع, التي جعلتني أكتب هذا المقال هو سياسة ..كتم الأنفاس ..عندما أردت أن أُعبر عن رأيئ في المظاهرة(مظاهرة شهداء نجع حمادي) ووقتها طلبت من المسئول عن المظاهرة حينها, أن يسمح لي ويتركني أوجه كلمة للرئيس مبارك, ولكن للأسف صُدمت بكلمتين ’’لا داعي الأن لذكرهم’’’ ورفض ,فأنا بعدها عبرت عن خيبة الأمل وكتم الأنفاس!!هذه ,,عن طريق الإنترنت,, وكان هذا المقال ,,الذي تم نشره في 28-1-2010 وفي خلال 24 ساعة فقط, وصلت التعليقات إلي 64 تعليق وواجهت فيها حرب شرسة وشتائم وإهانات من الأغلبية !!لأنني تجرأت وقلت رأيئ في حرية, ومن غير خوف, وعندما رأيت البعض يستغل المقال لتوجيه الأهانات لأشخاص محترمين في الكنيسة ولتصفية حسابات شخصية!!! ,أرسلت بسرعة للموقع لحجب المقال عن الموقع وقد تم هذا بأسرع وقت
وإليكم مقطتفات من هذا المقال الذي مر عليه اليوم سنة كاملة ..لأنني بعد إعادة قراءته هذه الأيام وجدت فيه .. أنني حذرت الرئيس السابق من.. غضب.. رب الأقباط.. عليه بسبب ظلمه للأقباط , وأيضا ذكرت فيه.. ميدان التحرير التاريخي
مظاهرة أقباط(...) وثقافة الخوف----28-1-2010
وعندي بعض الملاحظات علي هذه المظاهرة :
في بداية الأمر كانت هناك أصوات رافضة لقيام المظاهرة من الأساس حتى(....) ولكن مع إصرار الشباب الثائر في الكنيسة للتعبير عن غضبنا المكبوت داخليا وخارجيا .. كنسيا وغير كنسيا .. داخل مصر وخارجها!!!!!! ...
أه صدقوني حتى هنا في أوروبا (...) مستكثرين علينا أن نقول رأينا بحرية ...
المهم أخيرا قمنا بالمظاهرة ولكن ...
قام احد الشباب الغيور بعمل خمسة عشر صورة بالحجم الكبير, الصور لرئيسنا المُفدي ويداه تُقطر دما!! ألا وهو دم الأقباط الذي يسيل علي أرض المحروسة من سنين كثيرة, وحتى يري العالم الحر تهاون رئيسنا ورجال داخليته!! في حماية الأقباط في مصر يلدنا... ...
الله وحده أعلم في سبب التهاون, هل خوفا من الإرهابيين, لأنه رأي بأم عينيه مجزرة المنصة الشهير.. أم هو أصلا يكره كل ما هو مسيحي... الله أعلم
* ونحن في الميدان اقتربت من المسئول وطلبت منه أن يسمح لي أن أوجه كلمة مختصرة جدا لرئيسنا المؤمن - كنت أُريد أذكر فقط.. أن سيادته أمر برفع محامي خاص للشهيد مروة الشربيني" بثلاثة مليون يورو .. وأطلق أسمها علي أحد شوارع الإسكندرية - وقام بالسفر بطائرته الخاصة وفي نفس اليوم إلي سيناء وأسوان بسبب السيول - حسنا فعل طبعا ...
ولكن في المقابل أمر بسرعة إعدام الخنازير وفي نفس اليوم أيضا (لأنه عادل) لأن الخنازير دي تخص المسيحيين - أه علشان ماحدش يقول أن الريس بتاعنا بيتاخر...
لكن عند قتل المسيحي أو نهبه أو حرق بيته ودكانه وحرق دمه بعد ما يصفيه من كل الكرات الحمرا والبيضا والبنفسجي, مادام الدم ده قبطي فهذا لا يعنيه في شيئ!!! ...
وبعدها يُرسل رجال أمنه بعد مايكونوا خلصوا علي الضحيه--ثم يظهر ريسنا وحامينا!! أخيرا في عيد الشرطة ليؤكد سيادته أن الكنيسة والجامع هما معا مسؤولين عن الفتنة الطائفية في مصر ,,,, أنا كان نفسي أقول لرئيسنا... أنت أكيد لا تعرف رب الأقباط... بس ثق... هايجي يوم. ولن يطول,,, هذا اليوم,,, وهاتشوفه تاني ,,!! لأنك شفته قبل كده سنة 1981 ولكن شكلك كده.. بتنسي كتير ياريس الفترة الأخيرة - وده مش حلو عشانك!! ...
=هما دول الكلمتين اللي كان نفسي أقولهم لرئيسنا وإحنا في المظاهرة ورغم تأكيدي أنني لا يمكن أن أغلط في شخص سيادته لأن إنجيلنا علمنا - أن لا تسب رئيس شعبك - ...
ولكن إتخبطت بكلمتين علي رأسي دوخوني وأخرسوني ولم أنطق بحرف واحد .
= جلست أتامل كل هذه الأحداث التي مرت علينا في السنوات الأخيرة .. ورد فعل المسئولين عنا ورد فعل الجميع ..... وجدت حاله من,, ثقافة الخوف,, مسيطرة علي الكل .. وورث جديد وإن لم يكن بجديد ألا وهو موروث الخوف ..
الخوف حاله دخيلة علي هذا الجيل من المسيحيين ...
المسيحي الأول لم يكن أبدا يعرف حاجه إسمها الخوف ...
المسيحي الأول كان يعيش في الكوخ ويسير بالأيام في الصحاري والجبال ...
المسيحي الأول كان عنده قدوة صالحة , قدوة قوية , قدوة لا تخف ...
المسيح هو هو أمس واليوم وإلي الأبد - الذي قال لاتخف زمان .. هو نفسه لم يتغير .. ويقولها لنا الأن كل يوم وكل صباح وكل أيام السنة(لا تخف) المشكله فين ؟ ...في القدوة ...
إذا كُنا بهذا الخوف - فكيف يخرج مننا مسيحي حر .. مسيحي قوي لا يخاف الموت- ولا يخاف من الرؤساء والسلاطين الظالمين ...
إذا أستمر المسئول!! يكتم أنفاسي .. إمتي نري بطل مسيحي ليقف ضد الظلم مثل يوحنا المعمدان ليقول للحاكم.. لا يحل لك أن تقتلني ...
كيف يخرج من وسطنا واحد مثل مارجرجس البطل الذي مزق منشور الملك .. ويذهب إلي ..ميدان التحرير.. ويمزق المواد الظالمة من الدستور الظالم ...
كيف يخرج مننا جدعون جبار البأس ...
كيف ونحن بهذا الخوف نجد في يوم من الأيام.. داوود آخر ليقاتل جليات المفتري ...
لماذا الخوف وليه تعلمونا الخوف .. من مًن تخافون ؟ ...
أتخافون من له سلطان علي الجسد فقط؟؟!! .. ولا تخافون من له سلطان علي الجسد والروح ويلقيهما كليهما في النار ...
. هل تريدون ان تُذبح أولادنا وتُرمل نسائنا وتُيتم أولادنا .. ثم تقولون لنا ربنا يسامحهم ...
هل يعجبكم أن تُغتصب بناتنا ويخطفوا نسائنا ويُعتدي علينا وعلي بيوتنا ويُرعبوا أطفالنا .. والرجال بالداخل يبكون مثل النساء لاحول لهم ولاقوة .. لأنهم لم يتحصنوا من الكنيسة ضد الخوف .. ثم تقولون لنا - الرب يدافع عنكم وأنتم صامتون- نعم أؤمن بذلك ولكن لأ لأ .. أبدا لا أعتقد أن ربنا يقصد ذلك في تلك الحالة - ممكن يكون المقصود بها قوي الشر الروحية ...
هل ترضون أن نكون ملطشة ثم تقولون لنا - من لطمك علي خدك الأيمن حول له الآخر- لا طبعا المسيح أبدا لم يقصد هذه الحالة أيضًا ...
أنا لا أطلب منكم أن تعلمونا أن نحمل السلاح والرشاش ونقتل مًن يقتلنا ..لا لا .. المسيح لم يعلمنا ذلك .. وسيرة أبائنا الشهداء لم نجد فيها أبدا أحدهم حمل سلاح أرضي ودافع به عن مسيحيته وإيمانه ...
ولكن أطلب سلاح الكلمة .. كلمة الحق - لماذا تلطمني - لماذا تقتلني- كلمة تكلم ولاتخف لا يقع بك أحد ليؤذيك - ودفاعي المشروع عن نفسي وعرضي لا يتعارض أبدا مع تعاليم الانجيل .. فقط علمني أن لا أخاف.
المسيحي الحق لازم يكون محصن من الكنيسة بالإيمان القوي بوعود إلهنا وعدم الخوف من أي شيء في العالم مهما وإن كان ..
و....إن عشنا للرب نعيش وان متنا فللرب نموت ..
تشددوا وتشجعوا لا تخافوا ولا ترتاعوا لان معنا أكثر مما معهم .. معهم ذراع بشر ومعنا الرب الهنا ليساعدنا ويحارب حروبنا 2اخ32-7و8
تعقيب أخير
هذه كانت صرختي التي كانت مكتومة داخل صدري من عام مضي بالضبط مثل (شباب الثورة) وعندما أخرجتها من بين ضلوعي تعرضت لهجوم شرس من الكثيرين, سواء من المطبلين والمزمرين للمسئولين أو من الخائفين!!,وكان لي مقال أخر أيضا بإسم ...الإهمال وفساد الذمم.... ذكرت فيه الفساد الأخلاقي الرهيب الذي كان منتشر في كل مكان ببلدنا تلك الفترة,
ولكن بعد 25 يناير تكشفت لنا الكثير من الحقائق أهمها.. أن يد الله معنا ولن يترك دم أبنائه المدعوين علي أسمه القدوس وسيطلبها من مًن كانوا السبب في ذلك ومهما طال بهم الزمان وها هم ينالون عقابهم الأرضي ولسه عقاب السماء , وأننا كُلنا كمصريين كُنا السبب في ما وصلوا إليه من فساد ,بسكوتنا وخنوعنا وخوفنا طوال هذه السنين وعلي رأي المثل(يا فرعون إيه اللي فرعنك....!!!)وأيضا نحن كمسيحيين, قد حان الوقت أن ننخرط في العمل الوطني ونطالب بحقوقنا من بلدنا مباشرة كمصريين قبل أن نكون مسيحيين محصنيين من الكنيسة فقط بالغذاء الروحي والأيمان وعدم الخوف,وننزع عن كاهلنا.. ثقافة الخوف.. التي ضيعت حقوقنا, ويكون شعارنا ..لا للخوف ..لا للسكوت..لا للضعف ..
لذلك عندما بدأ الشباب المصري في التجهيز لثورة 25 يناير علي الانترنت سواء.. مواقع أو فيس بوك أو تويتر , الحمد لله أنني كُنت من أول المشجعين للشباب علي الثورة ضد الفساد وأرسلت لهم تعليقات كثيرة بالتأييد والتشجيع ,وأننا كُلنا كمصريين ورائهم ,ولكن ما صدمني وأحزنني هو قبل بدء الثورة بيوم فوجئت ببعضهم!! يُناشدون الأقباط بعدم الخروج في هذه المظاهرات!!!! ولكن كًم كانت فرحتي عندما شاهدت وتأكدت أن الشباب القبطي كانوا متواجدين وبقوة في الثورة ومن أول يوم, مع إخوتنا المسلمين المصريين وسالت دمائهم الطاهرة جميعا في حب مصر, وكان أجمل مشهد في ميدان التحرير .. مشهد الشيخ والقسيس,مشهد غير تقليدي, والدليل هو..تفاعل الشعب من مسلمين ومسيحيين معاهم وقولهم بصوت وأحد ...كُلنا إيد واحدة
عشت يا مصر حرة بكل أولادك المصريين الشرفاء
وأنتهي عصر"مبارك ",أنتهي عصر الخوف
وولي زمن ..ثقافة الخوف
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com