بقلم: ماهر طلبة
لا أدري.. ينتابني هذه الأيام إحساس غريب لا أفهم له مغزى، ولا سبب، وبالتأكيد يغير كثيرًا من داخلي، ويزيد من غربتي في هذه الحياة.
****
سألتني: لماذا تبحث في داخلك دائمًا عن تفسير للخارج؟
- لأنني أعرف ما بداخلي ولا أدري عن الخارج..
- لكن ألا ترى أنك بحصر الخارج فى داخلك تفقد الخارج خارجيته وتحمل داخلك فوق طاقته؟
- سؤال لم أفكر فى إجابة له من قبل ربما لأنه لم يخطر ببالى ألا الآن حين ألقيته على مسامعى، وصدقينى إنى أحس بغربة شديدة كلما نظرت إلى الخارج وداخلى هو الذى يحمينى من السقوط.
****
لا أدرى.. كيف تسلل هذا الإحساس إلى الخارج وأضفى على ملامحى الحزينة علامات متزايدة من الحزن جعلت من حولى يسألوننى كلما رأوا هذه الهيئة التى اكتسيت بها.. ما بك؟
****
سألتني: لماذا لا تنزل إلى بحر الحياة، وتبحث في قلب محاراته عن الحلول؟
- أنا محاصر بأمواج البحر فكيف أستطيع الهبوط إلى المحار القابع في القاع؟
- أنت دائمًا تبحث عن الأسهل ولا تحاول أن تجتهد، وأنا أرى أن بحثك الدائم في داخلك وتجاهل الخارج هو هروب.
- هروب؟!!.. لولا أن السماء مطبقة على الأرض لا تسمح لى بالحركة، لاخترقت حُجبها وانعزلت.
****
لا أدرى.. نعم .. لا أدرى.. لكن صديقي الوحيد المسافر دائمًا، عندما التقيته في زيارته الأخيرة أكد لي هو الآخر أنني تغيرت... مرت سنوات العمر دون أن أنتبه.. غزا الشعر الأبيض فروة الرأس.. وتساقطت الأسنان.. ليس هذا فقط.. بل أن أكثر ما أثار حيرته هو ميلي الذي اشتد إلى العزلة، حتى أنه أحس أنه غير قادر على أن يصهر ذاته المشتاقة في ذاتي – كما اعتاد أن يفعل في رحلاته السابقة – ليسترد الوطن ويعود من غربته.
****
سألتني: لماذا لم تساعده وتساعد نفسك؟!... لماذا لم تحكِ له ما حدث؟!!.. لماذا لم تحاول أن تفسر له ذلك وتركته يرحل دون وطن؟
- لم أعد أقدر أن أفسر.. أنا الأعزل في مواجهة الدنيا.. الحصار الذي أرفضه يزداد.. لو أملك أن أقول لما ترددت.
- أنت تسلم للمقادير بأكثر مما يجب، أحس أنك في طريق الانعزال الكامل.. أنا الآن أشعر أننا اثنان، وأن الأمر إذا استمر على هذا الحال قد تنتفي علاقتنا...
- منذ متى تسرب إليك هذا الإحساس الذى صار يحتويني؟.. كم من المرات شعرت به؟.. إنني أشعر أن علاقتنا قد انتهت منذ زمن.. انظري.. حاجز الوحدة... أحس وأنا أنْظُركِ من خلاله أننا غرباء.. غرباء.. غرباء.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com