بقلم : عبد الرحيم على
"إيهام القول للمصلحة" أحد المبادئ الأساسية التي تعتمد عليها جماعة الإخوان المسلمين في برامج التربية الداخلية لكوادر الجماعة، وهو مبدأ يعتمده أعضاء الجماعة دائماً في الحديث إلى الرأي العام، سوى عبر أجهزة الإعلام، أو عبر الندوات والمؤتمرات، كما يستخدمونه في مخاطبة خصومهم السياسيين بشكل عام.
و"الإيهام" هو واحد من فنون البلاغة العربية، ويُسمى أيضاً بـ"التورية"، ومعناه ذكر ألفاظ لها معنيان (قريب وبعيد) كـ (جاء القطار على عجل) فعجل هنا تحتمل معنيين: معنًى قريبًا وهو عجلات القطار التي يسير عليها، وبعيدًا وهو ما يشير إلى سرعة القطار في الوصول، وكذا (أكلت العيش بالجبن) فالمعنى القريب للجبن هو الجبنة التي يؤكل بها العيش، والمعنى البعيد هو الخوف والذل.
فقه العنف:
فعندما يُسأل الإخوان عن التأثيرات السلبية لفقه العنف الذي وضعه أستاذهم سيد قطب، على أجيال عديدة ممن يعرفون بالجهاديين، يقولون إن الذين قرؤوا لقطب هم من فهموه خطأ، فالرجل لم يكفر أحدا على الإطلاق؛ لقد كان أديباً وشاعراً يتمتع بلغة مجازية ينطق ظاهرها بخلاف ما تبطن أو يقصد صاحبها، ومن ثَمَّ فإن الذنب يقع على الذين قرؤوا لقطب ولم يفهموه على الوجه الصحيح. يتصادف أن هؤلاء الذين فهموا "قطب" فهمًا خاطئًا كثيرون، منهم العالم الجليل كالأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي، ومنهم قادة تيار ما عرف بالسلفية الجهادية بدءاً من صالح سرية الذي اعتمد على سيد قطب في إخراج "رسالة الإيمان"، تلك الوثيقة التي اعتمد عليها تنظيم "الفنية العسكرية" في تكفير الرئيس السادات، ووضع – على أساسها - مبدأ الخروج عليه وعزله وتنصيب حكومة إسلامية بديلاً عنه. ومروراً بفقيه الجماعة الإسلامية المصرية عبد الآخر حماد صاحب كتاب "مراحل الجهاد نسخ اللاحق للسابق" الذي اعتمدت عليه الجماعة الإسلامية في تأصيل أعمالها الإرهابية ضد الحكومة المصرية في تسعينيات القرن الماضي. وانتهاء بفقهاء تنظيم القاعدة سيد إمام الشريف الذي اعتمد على قطب في تكفير كل من يتحاكم إلى القوانين الوضعية، ومصطفى الست مريم (أبو مصعب السوري) الذي اعتبر قطب زعيم فقهاء السلفية الجهادية في القرن العشرين.
وانتهاء بأيمن الظواهري الذي أكد في كتابه (فرسان تحت راية النبي) أن "دعوة قطب إلى إخلاص التوحيد لله والتسليم الكامل لحاكمية الله ولسيادة المنهج الرباني شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج، والتي مازالت فصولها الدامية تتجدد يوما بعد يوم".
وقائع العنف:
وعن وقائع العنف والنظام الخاص (الجهاز العسكري للجماعة) يقول الإخوان دائماً: إن هذا الجهاز أنشئ لمواجهة الصهاينة في فلسطين المحتلة والإنجليز على أرض مصر في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، ويروجون لكونهم لم يقوموا بحادث عنف واحد تجاه "مسلم"، ولكنهم يستدركون فيوضحون أن حوادث العنف التي جاءت في مواجهة مسلمين كانت أحداثًا فردية قام بها نفر من الإخوان قال عنهم مؤسس الجماعة حسن البنا إنهم "ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين"، وينسى الإخوان أن للتاريخ ذاكرة، وأن ثبت العنف ووقائعه المنسوبة إليهم تمتد إلى تسعينيات القرن الماضي (خمسون عاما بالتمام والكمال)، ويتجاهلون أيضاً أن العنف رؤية تربت عليها أجيال تلو أجيال، حتى صارت منهجًا أساسيًّا من مناهج التربية داخل الجماعة، وفى ميليشيات جامعة الأزهر 2006 المثال الأوضح.
فتاوى الأقباط:
في خضم التوجه الجديد للجماعة الذي ينحو نحو التجهيز لحملة علاقات عامة تهدف إلى اختراق صفوف الإخوة المسيحيين، في محاولة لتحييدهم في أي انتخابات برلمانية قادمة، يحلو للإخوان أن يخططوا لكل شيء، زيارة المرضى والتهنئة بالأعياد والحديث المعسول مع الزملاء، ولكنهم أبداً لا يتذكرون أنهم كانوا وراء فتاوى سوداء عديدة ضد إخواننا الأقباط، بدءاً من تشريع منع بناء الكنائس في بلاد الإسلام، ومروراً بعدم جواز دفن المسلم مع القبطي حتى لا يتأذى الأول بعذاب الثاني في القبر، حتى إنهم طالبوا ببقر بطون السيدات الحوامل إذا كن قبطيات تزوجن بمسلمين في حالة وفاتهن حتى لا يتأذى الطفل المسلم بعذاب أمه المسيحية في القبر، وانتهاء بضرورة تطبيق المنهج الإسلامي وقوانين الشريعة – بالمخالفة لكل فقهاء الإسلام – على المسيحيين في دولة الإخوان المنشودة. إن خطتهم لا تكتفي بعدم النظر إلى هذه الفتاوى السوداء فقط، ولكنها تتجاهل أيضاً مجرد تقديم اعتذار باسم الجماعة لهؤلاء الذين أُضيروا من جراء تلك الفتاوى لسنوات طويلة؛ حيث استخدمها شباب الجماعات المتطرفة في مهاجمة الكنائس وقتل المصلين فيها دون وازع من ضمير.
فتاوى المرأة:
لا يؤمن الإخوان المسلمون بأي حقوق طبيعية للمرأة، على عكس كل علماء المسلمين المستنيرين، بدءاً من حق العمل إلى حق تولى المناصب الكبرى في الدولة، وانتهاء بحق الاختلاط المبرأ عن الهوى بالرجال في مواقع العمل وأماكن تلقى العلم. يقول الإخوان هذا صراحة في فتاواهم التي يدرسونها سراً لكوادرهم وأعضائهم من الشباب والفتيات، لكنهم عندما يضطرون إلى مخاطبة الرأي العام يتبنون خطاباً براجماتيًّا يقول بجواز ترشيح المرأة في المجالس النيابية، وجواز قيامهن بعملية الاختيار (الانتخاب)، وذلك من أجل توسيع دائرة المصوتين للجماعة في أي انتخابات تشريعية أو نقابية، ولكنهم يقفون موقف الرفض –غير المبرر- من كافة الحقوق الأخرى، ومنها حق المرأة في تولي القضاء، وكافة مناصب الدولة العليا، بما في ذلك منصب رئاسة الدولة. أما بالنسبة للبنية التنظيمية للجماعة فهم يرفضون تمثيل المرأة في أي مستوى تنظيمي، سواء كان مجلس شورى الجماعة أو مكتب إرشادها، بل وصلت المفارقة إلى اختيار رجل على رأس قسم المرأة، على أن يتعامل مع النساء عن طريق زوجته.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com