ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

ثورة التحرير ... و ازدواجية المعايير

سوسن إبراهيم عبد السيد | 2011-03-09 09:24:51

بقلم :سوسن إبراهيم عبد السيد
لا شك إن قيام الثورة و نتائجها فاقت كل التصورات و التوقعات و خاصةً لمن هم معاصرون لجيلنا .... و ثورة 25 يناير كانت ثورة شعب بكل أطيافه و لم تُنسب إلى قائد بعينه ...حملت فى باطنها كل الشعور بالمظالم و القهر الذى عاناه الشعب المصرى على مدى عقود كاملة...
و ما أراه اليوم و بعد انفضاض جموع المعنصمين فى ميدان التحرير و انقضاض البعض على اكتساب ثمار هذه الثورة يثير القلق فى نفوس الكثيرين و يضع علامات استفهام لابد من الوقوف على إجابات لها و إلا سنصبح فى منحدر لا يعلم مداه إلا الله..
و الأسباب التى تدهشنى حاليًا و أدعوكم معى للتفكير فيها هى أنه و عبر تواصلى على موقع الفيس البووك للكثير من الأطياف التى شاركت فى هذه الثورة و الآخرون الذين هاجموها و الآخرون الذين تشككوا فى إمكانية نجاحها أو فشلها..
و المتابع الجيد لهذا الحراك سيجد أن المشتركين على هذا الموقع قد قاموا بعمليات إقصاء للآخر من لائحة أصدقائهم إذا ما وجدوهم اختلفوا معهم فى توجههم و الواضح أن ثقافة قبول الآخر و لو عبر تواصل افتراضى لأصدقاء موجودين على قائمة صفحتك نادرًا ما تجد له صدى يسمح بحوار عقلانى يجمع بين هؤلاء و هؤلاء. ....

و لنبدأ بالإعلام :
فلقد اسقطت الثورة القناع الزائف للإعلام المصرى و الذى كان يبث أكاذيب من شأنها بلبلة الأفكار و الاتجاهات، و عادت برامج التوك الشو و البرامج الإخبارية لتسرد الحدث بكل حيادية بعيدًا عن أية توجهات سيادية تملى عليها فيما يجب أن يقال و ما يجب ألا يقال..
و لم تمر سوى فترة قصيرة حتى وجدنا إن الإعلام رجع مرة أخرى لإلقاء الضؤ ء بشدة على أحداث بعينها و تجاهل أحداث أخرى تستحق المناقشة و سرعة ايجاد حلولاً لها مثلما حدث فى حادثة كنيسة الشهدين بأطفيح ...
فلقد ظل المعتصمون أمام ماسبيرو لمدة يومين يهتفون و يستغيثون أن تتحرك القوى المعينة لإنقاذ الموقف و مع ذلك أصر الإعلام على تجاهلهم فى البداية ثم نشر خبر كاذب مفاده فض الاعتصام و تلبية جميع الرغبات و أخيرًا و فى اليوم الثالث بدأت المناقشات بعد أن تم هدم الكنيسة بالفعل و تهجير الأقباط قسريًا من بيوتهم ..

نأتى بعد ذلك إلى جموع شباب و شعب ثورة 25 يناير الذين أقروا بأن للأقباط مشاركة فعلية فى هذه الثورة و منهم من مات و منهم من جُرح و منهم من فُقد ولم يستمعوا إلى الكثير من النصائح الكنسية التى كانت تحثهم على عدم المشاركة و كسروا بذلك حاجز التبعية الشعبية للقيادات الدينية و ضربوا أروع الأمثال فى التلاحم الشعبى بعيدًا عن أية توجهات دينية..
المثير للغرابة هنا إن هؤلاء الشباب أكتفوا بشجب الحدث على صفحاتهم فى الفيس بووك و لم أجد دعوة واحدة منهم للانضمام إلى جموع الأقباط أمام ماسبيرو الذين يطالبون بحقوقهم فى هذا الوطن و كأن الدعوات إلى الديموقراطية و الحرية والعدالة التى نادوا بها ذهبت أدراج الريح فى أول اختبار فعلى على أرض الواقع...

و تاتى المفاجأة الثانية لازدواجية المعايير حينما أجد شبابًا للأسف الشديد مسيحى الديانة يستهجن اعتصام ماسبيرو ويردد فى نبرة بها الكثير من السخرية بعدم أحقية الأقباط بهذه المطالبات طالما لم يشارك هذا الجمع فى 25 يناير و كأنهم يريدون معاقبة الجميع دون التحقق من إمكانية اشتراك هؤلاء من عدمه..
و كأن تلك الثورة أصبحت مكاسبها قاصرة على المتواجدين فقط هناك آنذاك و لا أحد غيرهم..و لهؤلاء أقول لستم قضاة حتى تحاكموا الآخر..
واجبكم أن تساندوا إخوتكم الذين يمرون بمحنة الاضطهاد الممنهج منذ عام 1972 و حتى يومنا هذا... فالوقت ليس وقتًا للمحاسبة ...الثورة مستمرة و فى كل يوم نجد من يجنى ثمارها من الحركات المتطرفة و نحن واقفون مكتوفى الأيدى...و المؤشرات خطيرة جدًا لتهميش و إقصاء الأقباط تأخذ فاعليتها على أرض الواقع بداية من ترأس المستشار طارق البشرى للجنة تعديل الدستور و عدم الاستجابة لانتقاداتنا لهذا الشخص نظرًا لتوجهاته المعروفة للجميع و مرورًا باعتلاء القرضاوى وقادة الإخوان المسلمين للمنصة فى التحرير فى أيام الجمع و نهايةً بحادث كنيسة اطفيح و ما نجم عنه من مآسي يندى لها الجبين و تقشعر لها الأبدان من ممارسات تعدت سحق حقوق الإنسان إلى نظام إبادة جماعية....فإن كنتم لا تريدون مشاركتنا فى الاحتجاج على كل تلك الأوضاع فعلى الأقل لا تحاربوا من يريدوا أن يثبتوا لهم حقوق فى هذا الوطن...

أما الصحافة المكتوبة فحدث و لا حرج عن كم الإشاعات التى أصبحت تنقلها وسرعان ما تجد الخبر يدوى كالصاعقة و بعد أقل من أربعة و عشرين ساعة يتم نشر تكذيب له...
و يبقى الاختبار الأخير لثمرة هذه الثورة وهو الانتخابات على تعديل الدستور والانتخابات الرئاسية و ما ستسفر عنه تلك النتائج خاصة و إننى أرى جليًا ايجابية كل أفراد الشعب المصرى عامة و الشعب المسيحى خاصة للاشتراك فى إبداء رائيهم، فلقد نفضت الثورة السلبية التى كانت تجهض كل جهود الناخبين الذين كانوا لا يروا فى الانتخابات السابقة سوى انعكاسًا لحالة التزوير التى كانت تلف المجتمع المصرى كله.
و لكن سيظل السؤال يطرح نفسه إلى أين تأخذنا تلك الازدواجية فى الحكم على الأمور من النقيض الى النقيض؟
إلى متى ستظل حقوقنا كمصريين فى هذا الوطن ينظر لها على أنها حقوق أقلية لا أولوية لها الاآ و عليهم دفع الثمن سابقًا و لا حقًا؟
إلى متى ستظل تعلو نبرة الوحدة الوطنية عند كل حدث فيه اضطهاد للأقباط و ما أن تهدأ الأمور ننتظر المزيد القهر و الإذلال فى أرض تسمى وطننا ؟؟؟

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com