ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

خواطر قلقة

د. مينا ملاك عازر | 2011-03-10 00:00:00

بقلم: مينا ملاك عازر
اسمح لي عزيز القارئ أن أروي لك هذه الحكاية البسيطة التي قد تكون تعلمها، وذلك لا لشيء، إلا لكي تعلم ما أعاني منه ليل ونهار من خوف وقلق على الثورة ومن بعدها مصر، أو قل العكس، المهم أنا قلقان، وسأقول لك لماذا؟ ودون أن تسألني.
قامت ثورة يوليو المجيدة على ستة أهداف، قل مبادئ، قل ما شئت، المهم أنهم ست. سأذكر لك منهم ثلاث، ولنرى سويًا ماذا حدث؟ طالبت ثورة يوليو إللي كانت في الأول حركة بإقامة حياة ديمقراطية سليمة، وإعداد جيش وطني قوي، والقضاء على الإقطاع، طبعًا من ضحك عليهم ناصر سينسون ما سأحكيه الآن، وسيقفوا فقط عند ما سبق، ويقولوا شفتم بقى الأهداف النبيلة الجميلة، ولكن الحقيقة لن تكتمل إلا إذا فتحت عيناك على باقي الصورة، فالحياة الديمقراطية السليمة التي كانت تريدها الثورة بدأت بحل الأحزاب، ولم تعد حتى وفاة ناصر، وعشنا في ظل الحزب الواحد، ومجلس نيابي غير مجدي، ولم يكن ذي قيمة سياسية، أما عن إقامة جيش وطني قوي فحضرتكم تعلمون تمام العلم ماذا جرى بالجيش في حرب العدوان الثلاثي ثم حرب اليمن، وكيف سقط منه الآلاف شهداء في معارك لم تستفد منها مصر، وكانت الطامة الكبرى حين خسرنا الجيش، وزهرة شبابنا، وأحدث أسلحتنا، كما يقول السوفييت، في حرب خمسة يونيو، ثم أعادوا بناء الجيش أو قل بنوا الجيش بعد ان كان يسيطر عليه رجال لا علم لهم بالعسكرية، فقدموا الجيش لقمة صائغة للعدو. أما آخر الثلاث أهداف التي ذكرتها، فقد استبدلت ثورة يوليو الإقطاع بمراكز القوي، فقد قضت على رأس المال ولم تقضي على رأس الفساد، وساد وسيطر رجال ناصر على مقاليد الأمور، ومن عارضهم صار خائنًا، ألقوا به في المعتقلات كتكريس صارخ للحياة الحرة، والتعبير عن الرأي، فقد يكونوا قد أمنوا له حرية التعبير عن رأيه في المعتقل.
هل بعد كل ما ذكرته تحتاجون أن أشرح أكثر لماذا أنا قلق على مستقبل الثورة وأهدافها وبالتالي على مصر؟ أم أن الرؤية أصبحت واضحة، أن الأهداف النبيلة والمبادئ والشعارات الرنانة رائعة، لكن على أرض التنفيذ تفتقد للمصداقية أو تعرقلها مطامع أشخاص ضعيفي النفوس، فيشوهوا نبل قادة الثورة، فيا هل ترى شباب الثورة سيتركوا أهدافهم يحققها آخرون، أم سيتابعونها وإن تابعوها فهل سيحصنون أنفسهم من داء العظمة، ومرض الكراسي الذي يصاب به معظم الثوريين حال جلوسهم على الكرسي، ويتوحدون به، ويسعون لتنفيذ مبادئهم النبيلة ولا يدرون أنهم يحطمون دولة، أظنهم شباب أكثر وعيًا من هذا، لذا أتمنى منهم أن يمنعوا تهمة التخوين التي صارت سلاح يشهر في وجه كل من خالفهم في الرأي، والرؤية، وإلا سيقضون على كل فرصة لهم ليعودوا عن خطأ قد يقترفونه، كما فعل النظام الراحل حين حاول القضاء على المعارضة البرلمانية الرسمية، فقضى عليه الشعب قضاءً -بإذن الله- مبرمًا، إلا إذا كانوا يرون في أنفسهم منزهين عن الخطأ ومعصومين منه، ومن منا لا يخطئ؟!.
المختصر المفيد: التاريخ لا يعيد نفسه ولكن الأخطاء قد تتكرر.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com