الوحدة بين مصر والسودان قادمة وأنا بادرت مع المشير بالخطوات الأولى.
ليبيا تحولت إلى ساحة فوضى والتدخل الخارجي يدق الأبواب
كتب: محمد زيان
كنا على موعد للعشاء مع الرئيس السوداني "عمر البشير"، في إطار جلسته في القاهرة التي التقى فيها المشير "حسين طنطاوي"، حيث كان بالنسبة له لابد من الوقوف على رأي الأحزاب ورؤاها لما يجري في المنطقة، خاصة بعد ثورة 25 يناير.
المشير تناول العشاء مع عدد من رؤساء تحرير الصحف الحزبية أيضًا، خلال لقاء دام لساعة ونصف، استعرض فيها نتائج ما آلت إليه الأمور فى مصر بعد ثورة 25 يناير، والحقائق الجديدة التى أقرتها على أرض الواقع، وانعكاسات الوضع على عدد من الدول العربية، والوضع الليبي، والعلاقات المصرية السودانية في الفترة القادمة، لا سيما بعد انقطاع دام لسنوات، أرجعها البشير لطبيعة النظام الذي كان قائمًا في مصر في الفترة الماضية.
الرئيس السوداني استعرض في جلسته العديد من الرؤى والأفكار، لا سيما المؤدية إلى التكامل الاقتصادي بين مصر والسودان، استمع إلى وجهات النظر السياسية في مصر حول هذا الأمر، خاصة في أمر التبادل الزراعي العلمي التقني، واوجه الاتفاق بين الدولتين في المرحلة المقبلة، لوضع البلدين على طريق الوحدة الاقتصادية الحقيقية، حسب رؤيته.
حضر اللقاء الذي استضافه السفير السوداني في منزله بالمعادي، رؤساء أحزاب الوفد، الأحرار، العمل، الأمة، الغد، الأمة، مصر العربي الاشتراكي، الاتحادي الديمقراطي، الشعب الديمقراطي، الجمهوري الحر، الجيل الديمقراطي، والسلام الديمقراطي.
أعلن الرئيس البشير أن السودان كان متابع بشكل دقيق لكل ما يجري في مصر، إبان بدايات ثورة يناير، مؤكدًا على أهمية مصر بالنسبة لسائر الدول العربية، مؤكدًا أنه لم يكن يتوقع أن يحدث ما حدث بهذا الشكل، ذاهبًا إلى أهمية الدور المصري في المنطقة، وتأثيره على مجريات الأمور فيها، خاصة ما يتعلق بأمن واستقرار السودان، معبرًا عن سعادة السودان بالنهاية التى آلت إليها الأمور في مصر.
قال الرئيس السوداني أن مصر كانت مغيبة في الفترة المنقضية من عمرها، عن المشهد الإقليمي والدولي، بحكم طبيعة القيادة السياسية، التي كانت تدير أمور البلاد لكنه جاء على القاهرة، لكي يهنىء المصريين بإنجاح الذي حققته الثورة على حد قوله، عبر عن سعادته بلقاء المشير طنطاوي ورئيس الوزراء، وعددد من القيادات فى مصر. البشير قال عن الثورة أنها أعادت مصر إلى وضعها الطبيعي والريادي بين الدول العربية، خاصة وهي الدولة العربة الرائدة في مجال التحرر والثورات، صدرتها إلى البلاد الأخرى، مؤكدًا أن الشعب كتب تاريخًا جديدًا لمصر، على أن الفترة القادمة سوف تشهد مرحلة جديدة بالطبع في العلاقات بين مصر والسودان، ستخرج بشكل أو بآخر في مشروع وحدة وادي الميل الذي سيضعه هو شخصيًا في أولوياته في الفترة القادمة، لا سيما مع تطلعه للتكامل على مستويات عديدة، في الجانب الاقتصادي، السياسي، وتبادل الخبرات، والمحور الغذائي لتحقيق الاكتفاء الذاتي في البلدين، وتقليل الاعتماد على الخارج في ظل وجود اتفاقية الحريات الأربع، والاتجاه إلى التكامل في المشروعات، خاصة الربط بين البلدين بأشكال مختلفة في الطرق المواصلات.
قال البشير إننا نتطلع إلى استقرار سياسي في مصر في المرحلة القادمة، في ظل قيادة القوات المسلحة، لإعادة الأمور إلى نصابها الحقيقي، وتحققيق انتقال سلمي للسلطة، لكي تسترد دورها في الريادة، بوصفها الدولة سليلة الحضارت، على حد قول الرئيس، وما يستلزم ذلك من ضرورة إعادة الثقة في دور الشرطة، وبناء جهاز أمني قوي، مهمته حماية الوطن بأكمله، وليس حماية المجموعة الحاكمة فقط، وعودة الانضباط إلى الشارع، وإعادة تشكيل مؤسسات الدولة.
البشير وصف مصر بأنها مفتاح المنطقة، وإذا سلمت مصر ليد القوى الكبرى تتم تسليم المنطقة بأكملها، معرجًا على وجود ما أسماه "مؤامرة صهيوأمريكية" لضرب أمن واستقرار مصر، وتقسميها إلى3 دويلات، معبرًا عن سعادته لمشاركة الأقباط في ثورة يناير، والتحامهم مع بقية المصريين وتجاوز الفتنة الطائفية، مطالبًا جموع المصريين بالحفاظ على الأقباط، وبناء جهاز أمني قوي لحماية البلاد من المخططات الخارجية، التي تستهدف النيل من وحدة واستقرار الوطن.
الوضع في ليبيا كان محورًا هامًا في حديث الرئيس البشير الذي قال: "إن الوضع في ليبيا أوقع تأثيرًا مباشرًا على السودان، مؤكدًا أن هناك احتمالات أن تعم الفوضى الشارع الليبي وتتحول الأمور لصراعات وحرب داخلية، ستكون النتيجة معه كارثية للغاية، في ظل تحول المشهد هناك لما يشبه ترسانة الأسلحة، التي لو انفرطت منظومة الأمن معها، فإنها ستؤدي بالتأكيد إلى تدخل خارجي، وهو ما سيكون له تأثير بشكل أو بآخر على كل من مصر والسودان في ظل هدف واحد للقوى الخارجية؛ ألا تخرج مصر من هذا الموقف متعافية.
تحدث "ناجي الشهابي" -رئيس حزب الجيل الديمقراطي- حول وجود مؤامرة صهيوأمريكية، تهدف إلى تفكيك الدول العربية في هذا التوقيت، لإنشاء ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير، مطالبًا الرئيس السوداني بأهمية تفعيل التكامل الثنائي بين مصر والسودان في الفترة القادمة، لا سيما من خلال محور هام، هو وحدة وادي النيل.
الدكتور "محمد عبد العال" -رئيس حزب العدالة الاجتماعية- أشار لضرورة الاهتمام بقضية النيل، فيما أشار "حسن ترك" -رئيس حزب الاتحادي الديمقراطي- إلى تجارب الحزب في عرض الشراكة على السودان، إبان فترة حكم الرئيس السابق "جعفر النميري"، وإطلاق مبادرة إنشاء جامعة وادي النيل، التي تحققت الآن على أرض الواقع، في الفترة الماضية بالتعاون بين الحزب الوطني في مصر، والسودان، في اشارة إلى أن معظم المشروعات التي عرضتها المعارضة على السودان، احتكرها الحزب الوطني والحكومة في مصر فقط، لا سيما مشاريع التبادل الزراعي، واستزراع مساحات القمح هناك.
"موسى مصطفى موسى" -رئيس حزب الغد (المتنازع على رئاسته)- عرج على فكرة استقلال إمارات بعينها في دارفور، وهو الأمر الذي يفتح الباب للحديث عن دول أخرى، بخلاف الجنوب هناك، فيما طرح "حلمي سالم" رئيس حزب الأحرار ضرورة وجود محكمة عدل عربية، للفصل في النزاعات التي تنشأ في الدول العربية، وهي الفكرة التي قال أنها لو كانت موجودة فترة الخلاف بين العراق والكويت، لكانت تقطع الطريق على الأمريكان.
أما "أحمد الجبيلي" -رئيس حزب الشعب الديمقراطي- فقد دعا الرئيس السوداني لأن يأخذ مبادرة الخطوة الأولى نحو الوحدة مع مصر، مقارنا وضع البلدان العربية بالوضع الأوروبي.
علق الرئيس السوداني "عمر البشير" على أطروحات الأحزاب بقوله إن السودان في الفترة القادمة ستمنح تمييزًا إيجابيًا للاستثمار المصري في جميع المجالات، وبخاصة المجال الغذائي، كاشفًا النقاب عن حديث دار بينه وبين مبارك، حول الاكتفاء الذاتي من القمح بين مصر والسودان، قال له مبارك "أمريكا لن تقبل هذا الموضوع".
الرئيس السودانى قال: إن أمريكا والحلف الصهيوني، ضد أن يملك العرب مصادر غذائهم، حتى يظلوا في احتياج للعون الأمريكي -في وقت تبدو فيه مصر بحسب كلامه- أكبر مستورد للقمح.
الرئيس السوداني كشف عن تعاون مصري سوداني في مجالات الطرق والربط الكهربائي، كخطوة لاستزراع المزيد من القمح في الفترة القادمة.
ختم الرئيس السوداني كلامه بأن هناك مخططًا أمريكيًا صهيونيًا لتقسيم مصر إلى ثلاث دويلات؛ إسلامية، ومسيحية، ونوبية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com