بقلم: إيهاب شاكر
هذا التشبيه للتعديلات الدستورية المطروحة للاستفتاء قاله المستشار زكريا عبد العزيز، رئيس نادي القضاة السابق، حينما علق عليها قائلا: إن التعديلات تشبه عملية زرع أعضاء لجسد ميت.
فمع اقتراب موعد الاستفتاء، تتزايد " ال نعم" وتتزايد " ال لا " أيضا، وهذا أمر غير مسبوق في مصر، حيث كانت النسبة دائما أو غالباً" 99.9 %" لكن استطلاعات الرأي التي عملتها معظم الجرائد والمواقع الالكترونية تتقارب فيها نسبة الموافقة مع نسبة الرفض مع فرق بسيط هنا أو هناك، مع استبعاد بعض استطلاعات الرأي المشكوك فيها.
الأمر الغريب والملاحظ، أنه ولأول مرة تقريبا يتفق اثنان، لو اتفق الأهلي والزمالك أو حماس وفتح، أو الكوريتين أو أمريكا وإيران، لو اتفقا هؤلاء لما اتفقا هما، فلأول مرة يتفق الحزب الوطني، أو قل فلوله الباقية مع الإخوان المسلمين على الموافقة على هذه التعديلات المقترحة. حتى أن بعض اللافتات المنسوبة للإخوان جاء بها أن الموافقة على التعديلات الدستورية واجب شرعي. فماذا ترى عزيزي القارئ في هذا الاتفاق؟!
المثير في الأمر أن ائتلاف شباب الثورة رفض هذه التعديلات الدستورية المطروحة، وقال في مؤتمر صحفي عقده، الثلاثاء 15/3/2011 ، إن هذه التعديلات المقترحة طرحها من قبل الرئيس المخلوع، وهو شيء غير مقبول، بعد قيام ثورة أسقطته وأفقدت كل قراراته الشرعية.
وحدد بيان الائتلاف فى بداية المؤتمر، ٥ مطالب توفر حياة سياسية ديمقراطية:
1. إعلان دستور مؤقت يتضمن المطالب الثورية، ويحدد صلاحيات الحكومة الانتقالية.
2. تشكيل مجلس رئاسي مدني، يتكون من ٣ أعضاء، يتولى مع الحكومة الانتقالية إدارة شؤون البلاد، والتمهيد لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية.
3. تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد.
4. إلغاء مجلس الشورى.
5. تعديل القوانين المكملة للدستور مثل قانون الأحزاب ومباشرة الحقوق السياسية.
وطالب الائتلاف المواطنين برفض التعديلات الدستورية والتصويت بـ«لا»،وهو النظام الوحيد الذي ـ في رأيي ـ من حقه أن يطالب المواطنين بالقبول أو الرفض باعتباره المعبر عن الثورة التي قادها الشباب وانضم لها وأيدها كل الشعب المصري.
الجدل حول التعديلات الدستورية يتزايد مع قرب الاستفتاء عليها ما بين مؤيد لها وبين رافض لها. فجماعة الإخوان تكتل كل ما تملك لحث المواطنين على قبولها والموافقة عليها،فللوصول لمبتغاها توزع منشورات فى جميع المحافظات، لإقناع المواطنين بالتصويت بـ«نعم»، والتحذير من خطورة رفض التعديلات المقترحة.
وقال الدكتور ممدوح حمزة، فى مؤتمر صحفي، إن الموافقة على التعديلات الدستورية ستأتي ببرلمان يجمع فلول الحزب الوطني، وعملاء مباحث أمن الدولة، مما يعنى أن الدستور الجديد سيكون معبراً عن قوى الثورة المضادة. كما قال الدكتور حسن نافعة أن إحياء الدستور القديم يعطى فرصة لعودة النظام السابق.
على أي حال، يبدو أن موعد الاستفتاء سيتم في حينه، ويبدو أيضاً أنه سيختلف عن أي استفتاء حدث في مصر منذ زمن طويل، من حيث المشاركة العددية للمواطنين، ومن حيث دقة التصويت وعدم التلاعب فيه، وهذا ما شجع المشاركة العددية الكبيرة المتوقعة. وأيا كانت النتيجة، فهي تعبر عن مرحلة جديدة تعبر فيها مصر، ويقول فيها الشعب المصري رأيه دون تزوير في إرادته أو إذعان لها، وهذا الجدل حول هذه التعديلات في الأخير يصب في مصلحة الوطن، حتى تستنير العقول وتقرر بنفسها ما هو لصالحها، فأهلا بفجر جديد تشرق فيه شمس الحرية على الأراضي المصرية.
إيهاب شاكر
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com