كتب: عماد نصيف
تصدر مؤسسة "ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان" تقريرًا تحت عنوان "الفساد في قطاع الآثار" عن مصر في الفترة من 9/1/2001 إلى 23/1/2010، وهو التقرير السادس حول الفساد في مصر الذي تصدره المؤسسة، ويرصد وقائع وثائقية من صور الفساد داخل المجلس الأعلى للآثار، والتي تنوعت ما بين إهدار المال العام في مشروعات مختلفة، والإهمال في حماية الآثار، والتنكيل بالعاملين، الذي وصل إلى حد تلفيق إدارة الشئون القانونية اتهامات لموظفي المجلس دون أسانيد قانونية، ويقع التقرير المزمع صدوره اليوم في (137) صفحة وينقسم إلى ثلاثة فصول..
الفصل الأول "إهدار المال العام"
يتناول هذا الفصل ممارسات الشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضي، في منطقة العياط، من واقع تقارير المجلس الأعلى للآثار، حيث حصلت الشركة على 26 ألف فدانًا بغرض الاستصلاح الزراعي، إلا أنها قامت بتدمير المواقع الأثرية من تلال ومقابر وأهرامات، وتعدت على 16 فدانًا أخرى، واتجهت إلى إقامة محاجر وتجمعات سكنية بالمنطقة، وأهدرت مليارًا و82 مليونًا و600 ألف جنيهًا تقريبًا.
كما تعرض لأحد القيادات بالمجلس الأعلى للآثار، والذي قام بصرف شيكات لنفسه بآلاف الجنيهات، في فترة زمنية قصيرة (حوالي 74 ألفًا و935جنيهًا و45قرشًا) وأكدت مصادر من داخل القطاع أن المبالغ تفوق الملايين وأيضًا يلقي الضوء على شبهات إهدار المال العام التي أحاطت ببعض مشروعات الترميم، مثل مشروع ترميم قصر إسماعيل المفتش (مليون و233 ألفًا) ومساجد رشيد (105مليونًا و119 ألف و37 جنيهًا) ومسجد مصطفي ميرزا (17مليونًا و486 ألفًا و435جنيهًا) ومنزل "عبد الواحد الفاسي" وسبيل "أحمد طاهر" باشا.
كما تعرض لأوضاع الورش المركزية بقطاع المشروعات، والتي تدهورت بعد إسناد الأعمال التي كانت تقوم بها إلى شركات مقاولات خاصة، بأسعار عالية، كان من الممكن أن تنفذها الورش بأسعار أقل، وبالرغم من قيام الورش المركزية خلال الفترة التي شهدت جهود مكثفة لتخريبها، بإنتاج معظم احتياجات المجلس، إلا أن ذلك لم يمنع من إسناد بعض المشروعات لشركات خارجية، وهذا ما رصده تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 113 لسنة 2007، حيث تضمن إلى جانب المخالفات التي ارتكبها قيادات قطاع المشروعات قيام المجلس الأعلى للآثار، بشراء مفروشات ومشغولات لتجهيز متحف العريش القومي بقيمة (873 ألفًا و479 جنيهًا) وذلك دون الرجوع إلى الورش المركزية بقطاع المشروعات.
الفصل الثاني "الإهمال في العمل"
ويستعرض فيها الملابسات التي أحاطت بضياع 38 قطعة ذهبية أثرية نادرة من المتحف المصري، من واقع التحقيقات للقضية رقم 37 لسنة 2004، والتي أشارت إلى أن آثار المتحف كانت تخزن في كراتين مياه، ويظل مصير القطع المفقودة في طي الغيب، وليتحمل مسئولية سرقتها مجهول عجزت التحقيقات عن الوصول إليه، ويستعرض أيضًا أوضاع المتاحف بعد تعطل كاميرات المراقبة وأجهزة الإنذار داخلها، من خلال استعراض تقرير الصحة والسلامة المهنية، وهو ما يعرضها للسرقة واندلاع الحرائق في أي وقت.
إضافة إلى الأزمة القائمة منذ أكثر من عشر سنوات، بشأن الأرض المحيطة بدير أبو مقار في وادي النطرون، بين أحد المستثمرين وبين الرهبان القائمين على الدير، حيث يؤكد كل طرف أحقيته في الأرض دون تحرك مسئولي المجلس الأعلى للآثار لاتخاذ خطوة لحسم هذا الخلاف.
الفصل الثالث "التنكيل بالعاملين"
يستعرض هذا الفصل تورط كبار مسئولي وزارة الثقافة والآثار في إهدار (مليون و792 ألف جنيهًا) في المزايدة الخاصة بتأجير كافيتريا الكرنك بالأقصر، وتقديمهم لصغار الموظفين ككبش فداء لهم، إلا أن المحكمة قضت ببراءة هؤلاء الموظفين في القضية رقم 80 لسنة 49 قضائية، ويتعرض أيضًا لتكميم الأفواه داخل المجلس الأعلى للآثار، من خلال مجازاة موظفين بالمجلس لمجرد قيامهما بتقديم شكوى في زميل لهما، وكذلك لإدلائهما بتصريح لإحدى الصحف حول الآثار العائدة من إسرائيل، والعلاقة الغامضة التي تربط بين أحد القيادات (محمد عبد المقصود) والإسرائيليين. ويتناول أيضاً تلفيق الاتهامات لموظفي المجلس الأعلى للآثار، على خلفية خلافات شخصية، وهذا ما ظهر من خلال تلفيق إدارة الشئون القانونية بالمجلس سبع اتهامات لأحد القيادات (الدكتور إبراهيم العايدي) في قضية رقم 69 لسنة 48 قضائية، ورأىي القضاء أنها غير صحيحة، وأنها لفقت له بقصد، على خلفية العلاقة الشخصية المتوترة بينه وبين موظفي الإدارة، وليس استنادًا إلى حقائق موضوعية، تتعلق بسير العمل، وبرأت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة العايدي.
وعلي صعيد التنكيل بالعاملين أيضًا، ما أثير بشأن إختفاء تسع مخطوطات أثرية نادرة من المتحف القبطي في ظروف غامضة، وقد أثار هذه القضية ثلاثة من موظفي المتحف الذين أرسلوا مذكرة للدكتور "زاهي حواس" -الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار- في 27/5/2009، تحمل اتهامًا مباشرًا لمدير قسم الترميم بالمتحف (عزت حبيب صليب وزوجته أمينة العهدة) بأنهما وراء اختفاء المخطوطات.
وصرح "سعيد عبد الحافظ" -رئيس الملتقى- بأن الأموال المهدرة طبقاً لهذا التقرير بلغت (1155178886.45) جنيهًا (أي مليار ومائة وخمسة وخمسون مليونًا ومائة وثمانية وسبعون ألف جنيهًا، وثمانمائة وستة وثمانين جنيهًا وخمسة وأربعون قرشًا تقريبًا) فضلاً عن الثروة العقارية المهدرة في مصر التي تم تبديدها.
هذا وقد سبق وأصدرت المؤسسة تقارير "الفساد في الصحة حقوق مهدرة رعاية غائبة" عام 2006، و"الفساد في التعليم" عام 2006، و"الفساد في التليفزيون" عام 2006، و"الفساد في المحليات- شروخ في قواعد الديمقراطية، 2006، و"الفساد في المحليات -غياب الضمير وانعدام الرقابة" 2007.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com