ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

المشاكل غير العادية تتطلب حلولًا غيرعادية

د. صبري فوزي جوهرة | 2011-04-08 10:04:22
بقلم: صبري فوزي جوهرة
تعتقد الغالبية في الغرب أن الإرهاب الإسلامي المتطرف، هو مصدر القلاقل في معظم بقاع عالم اليوم.  وضحت هذه الحقيقة خاصة بعد تدمير برجي مركز التجارة العالمي بمدينة "نيويورك" في الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، وإن كان قد سبق تلك المحاولة الناجحة محاولات أخرى عديدة، لم تشعل ذات القدر من الغضب و الإصرار الأمريكي على هزيمة الإرهاب الإسلامي، كما أيقظتها "غزوة مانهاتان" الشهيرة.  
اندفعت الولايات المتحدةـ التي جرحت في كبريائها وشعورها بالمناعة من العدوان الخارجي، بحسم  لإنهاء ظاهرة الإرهاب الإسلامي. شنت حربًا في عام 2001 على أفغانستان، نجحت فيها أولاً في تشتيت وإنهاء حكم الطالبان، بعد أن رفضوا تسليم "أسامة بن لادن" -مؤسس القاعدة ومدبر "غزوة مانهاتان". اختفت جماعات الطالبان لحين تحت وقع القوة العسكرية الامريكية ثم عادت للظهور، وتمكنت من السيطرة على قطاعات كبيرة من أفغانستان. لم تفطن الولايات المتحدة إلى حقيقتين هامتين؛ أولهما أن طبيعة الأرض تلائم حرب العصابات التي تمارسها جماعات الطالبان، و تجعل اانتصار الجيوش النظامية الحاسم ضد العصابات المسلحة أمر يقرب من المستحيل. وغالبًا ما ينتهي الصراع بانتصار الضعيف على القوي، كما تجرعت أمريكا ذاتها ومن قبلها فرنسا في فيتنام والاتحاد السوفيتي أيضًا في أفغانستان، ومن قبلهم مغامرات الإمبراطورية البريطانية العديدة في أيام إنحسارها في روديسيا وكينيا وقبرص وغيرها. استعاضت الولايات المتحدة عن النصر العسكري الحاسم، بمحاولة بناء دولة في أفغانستان رغم أنها لم تصل حقيقة إلى هذه المرتبة من التطور السياسي، على الأقل في تاريخها الحديث. وكان هذا هو الخطأ الثاني. لم تكن أفغانستان دولة متماسكة بل كانت متسع من الأرض تجاورت فيه قبائل وعشائر متنافرة  ضاربة  في ظلمات التخلف والعصبية والجهل والصراع فيما بينها.
أضف إلى ذلك الفساد المحتم المتوطن فيها والناتج عن زراعة الخشخاش نبات الأفيون، والاتجار غير القانوني به، وما يترتب على ذلك من العنف وعدم الالتزام بالقانون، إن كان هناك ما يمكن أن  يوصف بالقانون. من دلائل الفشل الأمريكي الأخرى في أفغانستان، لجوء الولايات المتحدة إلى إقامة ومساندة عميل  لها هو  السيد "حامد قرظاي" الغارق هو وأسرته في الفساد إلى أبعاد مباركية وربما أكثر، بالإضافة إلى الفشل الذريع في إدارة أمور اللادولة التي يترأسها!
وفي عام 2003، احتلت الولايات المتحدة العراق بأكمله دون جهد يذكر، وأسقطت حكم ديكتاتور من فصيلة قائمة بذاتها، بدعوى محاربة الإرهاب النووي و منع وقوع أسلحة الدمار الشامل في أيدي الإرهابيين، وإقامة دولة ديموقراطية حقيقية في الشرق الأوسط تحتذي بها باقي البلاد العربية، فتتلاشى دواعي الإرهاب و يعم الشرق الأوسط السلام والرفاهية. وكلنا نعلم مدى "الدهولة" التي أحدثها التدخل الأمريكي في العراق و كيف أصبح هذا البلد مقسمًا فعليًا، وإن لم يكن ذلك معلنًا.
أهدرت تريليونات الدولارات، ناهيك عن الأرواح فى حربين كبيرتين، إلى جانب ما أنفق على المهوبصات الأمريكية الأخرى هنا وهناك، وإن كانت من قبيل "الفكة".
 تستمر أمريكا إذن  في تكرار نفس الأخطاء، رغم  القاعدة المعروفة القائلة بأن تكرار ذات الفعل يؤدي إلى ذات النتائج!  لذلك أصبح من المحتم اتباع منهج جديد لمكافحة الإرهاب والتطرف الإسلامي. وتأتي الثورات المتلاحقة لشعوب المنطقة بما يمكن أن يوحي لأمريكا بفكر جديد: إلا وهو العمل على تشجيع الثورة في بؤرة الإرهاب وأكبر مصدريه، البلد الذي يرعى التشدد الإسلامي ويمول الإرهاب. وأعني ما يسمى بالمملكة العربية السعودية.
على الولايات المتحدة أن تفيد من طوفان ثورات الشعوب على الحكام الفاسدين في المنطقة، وتسعى إلى إسقاط حكم آل سعود المتحالفين دومًا مع الوهابيين الذين هم بحق مُصدر الإرهاب والتطرف والعداء المبين للحضارة الغربية في العالم بأسره. على الولايات المتحدة أولاً ألا تتصدى لأي ثورة تشتعل داخل مملكة آل سعود، وأن تمسك عن حماية أهل هذا البيت، ويا حبذا ان قدمت العون الإيجابي للثائرين، لإنهاء فساده وطغيانه.  لا خوف على استمرار تدفق النفط. فالحكام الجدد للجزيرة العربية لن يستطيعوا الكف عن بيعه ولن يفادوا بالجلوس على مصادره أو شربه بعد استخراجه. وإن خيل لهم أن في استطاعتهم تهديد العالم بالتحكم في مقدار النفط المعروض في الأسواق، فلا بأس من شق الجزيرة العربية إلى نصفين: شرقي به آبار النفط وقريب من القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج والعراق، وغربي يحتوي على الأماكن الإسلامية المقدسة، يبتعد عنه الأمريكيون تمامًا تفاديًا لإثارة المسلمين، خاصة وأن ليس به مصادر النفط. 
قد يظن البعض أن إسقاط حكم آل سعود لا يمكن أن يأتي على أيدي الأمريكيين الذين كانوا دائمًا، وما زالوا، أكبر مسانديهم. ولكن نظرة متمعنة إلى الفشل الأمريكي المزمن في التخلص من الإرهاب الإسلامي بالرغم من كثرة الجهود وارتفاع الثمن من الأرواح والأموال، كما أوضحت عالية في أفغانستان والعراق وغيرها، أصبح من الواضح الحاجة إلى حلول جديدة وغير تقليدية مشبعة باحتمالات النجاح الذي راوغ الباحثين عن السلام والاستقرار في العالم . فإن سقط حكم آل سعود ستتساقط بعده قوى الإرهاب والتطرف والتعصب الإسلامي في باقي أركان العالم، أو تصبح بلا أنياب وأظافر.
هناك قاعدة طبية مؤداها أن المريض سيظل يعاني من الحمى إلى أن تستأصل "أم القيح". 
وهناك قاعدة أخرى تقول أن المشاكل غير العادية تتطلب حلولًا غير عادية.

 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com