كتبت: ميرفت عياد
صدر حديثًا للدكتورة "عايدة نصيف أيوب"- أستاذ الفلسفة المسيحية والعصور الوسطى- كتاب يقع تحت عنوان "الكنيسة والدولة"، يقع في حوالي (100) صفحة، وينقسم إلى ثماني فصول؛ هم: السلطة الدينية والسلطة السياسية، الكنيسة والوطن، الكنيسة وحرية المواطن المسيحي، علاقة الأخلاق بالسياسة، الطائفية والتعصب، الاضطهاد، الكنيسة والتعصب الديني، اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله..
واستعرضت الكاتبة قضية علاقة السلطة الدينية بالسلطة السياسية، موضحةً أنها قضية لا موجودة عبر التاريخ البشري، بدايةً من العصور الوسطى، حيث نجد أن علاقة الدولة بالكنيسة علاقة اشتباك، فكانت الكنيسة في الغرب هي السلطة المهميمنة على الدولة وعلى السياسة. ومع بداية العصر الحديث والمعاصر، تراجعت السلطة الدينية وأصبح للعقل مكانته المهيمنة على كل شئ، وانفصلت السلطة الدينية عن السلطة السياسية، وأصبح لكل منهما دوره، إلا أن السلطة الدينية تتأثر أحيانًا بالظروف الخارجية، سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، ولذا نجد أن الأب "متى المسكين" يدعو إلى الفصل بين السلطتين، منطلقًا من قول السيد المسيح "اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله".
قراءة لفكر الأب "متى المسكين"
وقدَّمت د. "عايدة نصيف"- في كتابها- دراسة لطرح القضايا التي انشغل بها الأب "متى المسكين"؛ كالعلاقة بين السياسة والدين، وقضية الديمقراطية المؤسَّسة على الحرية، وكيف يكون المواطن المسيحي حرًا في آرائه السياسية طالما إنه يعبد الله، وقضية الاضطهاد وأسبابها ونتائجها بالتحليل والنقض والمقارنة، وكيفية التغلب على هذا المفهوم من خلال المنهج الروحي المسيحي للانصهار في المجتمع والتغلُّب على ادعاءات التعصب والطائفية، وقبول التعددية والتنوع والحوار مع الغير، واحترام العقائد بعضها لبعض بعيدًا عن الحوارات السياسية الدينية وبعيدًا عن أية اهتمامات تخضع لمصالح شخصية، وإنما ناتجة من روح الدين الحقيقي وروح المسيحية، ونابعة من صميم التراث الإنساني المصري الأصيل. وقد طرحت الكاتبة هذه القراءة لفكر الأب "متى" ذات الطابع الإصلاحي، فضلًا عن قراءتها وبحثها في هذا المجال؛ لمحاولة الإفادة منها قدر الإمكان في مجال العلاقة بين السياسة والدين..
التزاوج بين السلطة السياسية والدينية
وطرحت المؤلفة في الكتاب، إشكاليات شغلت ذهن الأب "متى المسكين" وذهنها أيضًا، نتيجة لما حدث في السنوات السابقة وهذا العام من فتن طائفية من الجانبين الإسلامي والمسيحي، بسبب تزاوج السلطة السياسية والسلطة الدينية، وخضوع السلطة الدينية للنظام السياسي منذ أربعين عامًا، وبث مفردات تمييزية؛ مثل الجماعة القبطية، النسيج الواحد، عنصري الأمة، الوحدة الوطنية.. وهو ما أدى إلى وجود أفكار رجعية، ووقوع أحداث متتالية- أحداث "الكشح"، ودير "أبو فانا"، و"نجع حمادي"، وتفجير كنيسة القديسين.
وأكّد الكتاب أن الإصلاح لن يأتي بمعزل عن الأقباط المسيحيين، وأن السلطة الدينية للكنيسة في "مصر" عندما نادت بعدم تظاهر شباب الأقباط، كان ذلك خوفًا من أن تكون ثورة غير حقيقية، وإنهم رغم ذلك ونتيجة للروح الوطنية التي اشتعلت بداخلهم خرجوا إلى ميدان "التحرير" يدًا بيد مع المسلمين، أملًا في التغيير والإصلاح، ومن أجل مستقبل مضئ، ورغبةً في تفتييت محاولات محاصرة الدور الوطني لأقباط "مصر".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com