الراسل: مراد موريس
نغني للديمقراطية وللحرية ونمارسها نحن، حتى يأتي الآخر ليطالبنا بها فيصبح زنديق وعدو، وصاحب أجندة وعميل، وفله من فلول النظام السابق!. المعتصمون في ميدان التحرير لو أردنا فهم الثوار الأحرار و من يعتدي عليهم من الثورة المضادة، وبعدها بأيام يصبح المعتصمون من فلول الوطني و الثورة المضادة، و المعتدين عليهم لتفريقهم من المواطنين الشرفاء.
الدكتور "عصام شرف" أذهلني حينما صرح بأن كل إنسان عادى الثورة لن يكون له مكان بيننا، وتخيلته يرفع يده كما فعل الشيخ "يعقوب" في فيديو "غزوة الصناديق" طاردًا كل من قال "لا" خارج البلد، لمجرد أنهم قالوا "لا" في وجوه من قالوا "نعم".
أبسط مبادئ الديمقراطية أن أمنح الرأى الآخر الفرصة كاملة ليعبر عن رأيه، حتى لو كان من وجهة نظري خطأ، ولا أعاقبه بالاستبعاد وبالتهم سابقة التجهيز، وبالخيانة مثل مواد فوق دستورية– خط أحمر– أعداء الثورة– القائمة السوداء لأعداء الثورة. وكلها تعبيرات ديكتاتورية تصدر من قيادات طالما أنشدت أغانٍ الديمقراطية والحرية. أصبحنا الآن في ديمقراطية "وان واي" بمعنى أن كل من يمجد الثورة ويطبل للشباب ويلعن مبارك وأهل بيته هو حر، أما من يسير عكس ذلك فيتم استبعاده ووضعه في القائمة السوداء. أصبحنا في فرح بلدي؛ العروسة والعريس هم الثوار، والشعب هو المعازيم، ويدخل المجاملون ويرشوا النقطة وهي إما تمجيد في الثورة أو إهانة وشتيمة في مبارك، ويتزايد الجميع في هذا ويتنافسون من يرش أكثر.
فأصبح كل شخص كان حرامي أو قاتل، أو تم سجنه في عهد مبارك هو البطل المغوار الطاهر، وللأسف الجيش المصري تحت ضغوط المعازيم يستجيب ويصدر قرارات عجيبة، منها خروج قيادات الجماعات الإرهابية، وعودة 3000 إرهابي من مختلف أرجاء العالم.
كل وزير أو رئيس وزراء خرج من الوزارة في عهد مبارك، فهو أشرف وزير وأذكى رئيس وزراء. فالدكتور "الجنزوري" أول من باع القطاع العام، وفي عهده كانت فضيحة نواب القروض، وفساد مدير مكتبه "طلعت حماد" المفضوح، الآن يخرج إلينا بسر خطير، بأنه خرج من الوزارة لأنه قال "لا" لمبارك. الدكتور "عصام شرف" نفسه خرج من الوزارة بسبب فضيحة حريق قطار قليوب.
بل مدير مكتب الرئيس كان يتحدث عن بعض مزايا الرئيس (استغفر الله العظيم) ثم قال يا جماعة أنا آسف ما حدش يزعل مني!!.
أظنه كان أكبر فرح بلدي في التاريخ يلم نقوط، فخرج علينا من يقول أن "جمال مبارك" هو من أخفى "رضا هلال" إشمعنى؟ لأنه قال في السر إن "جمال مبارك" ما ينفعش يحكمنا. طيب كل الناس اللي كانت بتقول في كل حتة، في الجرايد والتليفزيونات عايشين ليه لحد دلوقتي؟!
"جمال مبارك" و"حبيب العادلي" هما من فجر شرم الشيخ علشان كان عايز يعمل مقلب في صاحبه؟!
"جمال مبارك" هو من قتل المطربة "ذكرى"، وابنة المطربة "ليلى غفران"، وهو من لفق قضية "حنان ترك" وهو اللي جاب الساقطات في برنامج "هالة سرحان".
حتى الدكتور "فتحي سرور" قال اشمعنى أنا "أنا لازم أروح الفرح وأنقط" واكتشفنا أن دكتور "فتحي سرور" كان زعيم حزب سري معارض لمبارك، وهو أول من فجر الثورة. وأحد الصحفيين خرج علينا معلنًا نفسه بطلًا قوميًا لأنه شاف "جمال مبارك" ورفض إنه يسلم عليه.. طيب لو كنت شفته قبل 25 يناير كنت هاتعمل إيه؟؟!!
لكن أكبر وأعظم المزايدات، كانت حينما خرج علينا من يقول أن "حسني مبارك" هو اللي قتل "السادات"، وأنه لم يكن صاحب الضربة الجوية، وإنه إتفرج عليها في السينما، وإن الرجل اللي كرمه السادات في مجلس الشعب ده كان دوبلير.
الرئيس "حسني مبارك" حينما تكلم في تسجيل صوتي فقط، ارتعب المتحولين، واعترضوا كيف يدافع عن نفسه كيف يتكلم؟؟ أليست الديمقراطية يا حماة الديمقراطية تعطيه الحق أن يدافع عن نفسه؟؟ كيف تسمحون للإرهابيين بالعودة من الخارج، وتستقبلون القتلة استقبال الفاتحين، و يصيبكم الرعب حينما تكتشفون أن الرجل الذي أشعلتم النار في جسده، بعد أن كنتم تشعلونها في المباخر وتقفون بها أمامه، لازل حيًا، يسمع و يشاهد نفاقكم و سرعة ركوبكم للزفة.
آن الآوان أن نوقف هذا الفرح البلدي. آن الآوان أن تفتح مصر أحضانها وتحاسب من أخطأ لكن يظل ابنها.
آن الآوان أن نحترم آراء الآخرين، ونعطيهم الفرصة والحق في التعبير و الدفاع عن أنفسهم .
آن الآوان أن نوقف المزايدات على الرئيس وأهل بيته.
أعرف أنني بعد هذا المقال سيتهمني البعض أنني من فلول النظام، كما كان النظام يتهمهم بأنهم قلة مندسة، و لكن أنا لا فلة و لا قلة!.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com