بقلم: عساسي عبدالحميد
ليست أورشليم وحدها من تستقبلك اليوم بسعف النخيل وأغصان الزيتون.. ليست هي الوحيدة من تهتف لك الهوشعنا. بل كل العالم يقف لك اليوم وأنت راكب على أتان وجحش ابن أتان .... حتى بابل المتعجرفة قد رق قلبها لك ياسيدي و رفعت لك صليبا وذكرى رقيقة فوق تلالها المنسية . حتى روما تتعمد بدمائك وترسم درب جلجلتك وعشائك الأخير على حيطانها .. حتى أريحا تبكيك هي الأخرى وتحتفظ لك بذكرى الجميزة ووليمة زكا العشار ... قدمت لتطرد باعة الحمام وتقلب موائد الصيارفة من كل الهياكل ولتبطل طقس الذبيحة العتيق وتبدله بذبيحتك الأبدية ...
قدمت لتظهر للعالم كله على أنك الحمل الوديع وأنك حقا نزلت من عليائك لتعبر بنا جميعا إلى أرض ميعادك حيث مملكة ليست ككل الممالك لنتكئ معك في ديوانك العامر و نسكب معك الخمرة ونكسر معك الرغيف، فمنا من يعبر معك فرحا منتشيا ومنا من يتردد خائفا متوجسا ومنا من يلازم مكانه غير عابئ أو شاهرا سيفه في وجهك أو يتبعك بجحافل جيش عرمرم ليمنع شعبك من العبور المبارك فتلطمه أمواج بحرك العريض فيغرق... فأما العابرون بصحبتك فهم إخوتك الموقنون بقوتك والذين شربوا من خمرتك المعتقة حتى الارتواء وتناولوا من فصحك المقدس حتى الشبع، وأما المترددون فهم من شك في قدرتك وأنت تلامس وجه طبرية بصفحة قدميك وتوقف غضب الريح بإشارة من يديك، هم من تركوك ليلة الجثسيماني وحيدا، هؤلاء بلمسة أو نظرة منك تعطيهم الشجاعة والإيمان ليثبتوا فيك من جديد فيحملون صلبانهم بفرح بين الأمم كارزين باسمك، و أما الرافضون فهم العميان الذين لا يقبلون الشفاء وهم من صرخوا قائلين فليكن دمه علينا و على أبنائنا، اصلبه اصلبه.
عندما يضحك نيسان وتطرز أنامله الرقيقة تلال ناصرة الجليل بشقائق النعمان وزهور شارون تتذكرك أورشليم المنتحبة بلوعة حارقة فتبكي ملكها من جديد وتتعمد بدموعها وبدمك المقدس فتتعزى، عندما يلامس نور الفجر زنابق ونرجس حقولنا يتذكرك شعب مصر و بابل و فينيقة وكل شعوب العالم تهتف لك في هذا اليوم هوشعنا لابن داوود هوشعنا في الأعالي و نستقبلك جميعا عند أبواب مدينتنا حاملين لك سعف النخيل وأغصان الزيتون لقدومك المجيد ...
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com