على غرار أفلام الخيال العلمي، وما تحويه في بعض الأحيان بين طياتها من تكهنات وتفاصيل مثيرة بشأن النهاية المتوقعة للعالم، يرى هواة أساطير المايا وأصحاب نظريات المؤامرة المتنوعة أن هناك ما يجعلهم يعتقدون أن نهاية العالم ستكون يوم السبت بعد المقبل، الموافق الـ 21 من شهر أيار/ مايو.
وفي مقابل ذلك، هناك من يفند هذا الادعاء، على حسب ما أوردت في هذا السياق اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركية. بينما يبرر الفريق الأول حديثه بالاستناد إلى بدء حدوث جميع الأشياء التي يجب أن تحدث مع اقتراب نهاية العالم، والتي يأتي في مقدمتها انتشار الأمراض المعدية والمجاعات والعنف الجماعي وأشياء أخرى من هذا القبيل.
ثم لفتت المجلة، طبقاً لما ورد بالكتاب المقدس، إلى أن الطاعون والمجاعة والحرب والموت كل ذلك يأتي في الأيام الأخيرة من أجل تمهيد الطريق للحكم. وفي غضون ذلك، تقول عقيدة بهافيشيا بورانا لدى الهندوس أن قرب نهاية العالم، ستشهد انخفاضا في سن البشر إلى 10 أعوام وسيقل الطول إلى قدمين أو ثلاثة أقدام. وقال روغر جونسون، الأستاذ الفخري في كلية رامابو، إنه ومن خلال متابعة النشرات الإخبارية كل مساء، يمكن للجميع أن يدرك أن الأخبار جميعها ذات صلة بالعنف والصراعات والمعاناة.
لكن المجلة أوضحت من جانبها أنه إذا كانت تلك الأمور مؤشرات دالة على قرب نهاية العالم، فلا ينبغي توقع قدوم يوم القيامة في أي وقت قريب : فالطاعون والمجاعة والحرب وقصر العمر المتوقع والناس الذي يعانون من التقزم هي جميعها أمور نادرة الحدوث على نحو متزايد
ومضت تشير إلى أن مأساة الإيدز خلقت طاعوناً جديداً في جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا، لكن الطاعون الرئوي الأصلي بدأ يتراجع في كل مكان. كما أن هذا المرض الذي سبق وأن قتل أكثر من ثلث سكان القارة الأوروبية عندما كان في أوجه، بدأ يُقهَر الآن بدورة بسيطة من المضادات الحيوية. والأكثر من ذلك، هو بدء تراجع الوفيات الناجمة عن جميع أنواع الأمراض المعدية بفضل تصاعد معدلات التطعيم وتطوير مجموعة واسعة من العلاجات البسيطة.
ولم تضر المجاعة إلا بثلاثة أعشار في المائة من سكان أفريقيا في الفترة ما بين 1990 إلى 2005، على حسب ما ذكر ويليام ايسترلي، من جامعة نيويورك – وهو ما يعكس وفرة عالمية متزايدة في المواد الغذائية وزيادة التجارة الزراعية. وفي غضون ذلك، أفادت المجلة بأن عدد الحروب الدائرة حول العالم انخفضت من 24 إلى 5 في الفترة ما بين 1984 إلى 2008. ونتيجة لتحسن الوضع الصحي والتغذية، بدأت تتزايد أطوال الأشخاص في الهند ( وأماكن أخرى كثيرة ). وبدأ يتراجع سن الوفاة. وتبين أن نصف الأشخاص الذين بلغوا عامهم الـ 65، طوال تاريخ البشرية، يعيشون الآن. وفي العام 1990، توفي ما يقرب من 12 مليون طفل حول العالم قبل أن يصلوا عامهم الخامس، وانخفض هذا العدد اليوم إلى أقل من 8 مليون.
ومع هذا، أكدت المجلة أن العالم مازال يتعرض لكثير من المآسي والمعاناة. وبالتطلع إلى المستقبل، بدأ يلتهم الاقتصاد العالمي الموارد الطبيعية بمعدلات غير مستدامة، ولم يعد يُشكِّل تغير المناخ تهديداً بعيداً، بل بات واقعاً حالياً. وفي نفس الوقت، أحرزت البشرية تقدماً كبيراً في التغلب على مثل هذه التحديات العالمية في الماضي - وهذا بالتأكيد أفضل الأسباب التي تجعلنا نعتقد أن بمقدورنا تكرار ذلك في المستقبل.
ورأت المجلة في ختام حديثها أن مأساة الذئب الباكي باستمرار هي أن المنظمات غير الحكومية ووكالات الإغاثة والحكومات كانت في واقع الأمر جزءً من التقدم الهائل في نوعية الحياة الذي شهدنها في جميع أنحاء العالم على مدار سنوات طويلة.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com