بقلم: زكريا رمزي
تذكرت مقولة الفنان أحمد زكى فى فيلم ضد الحكومة "كلنا فاسدون " ، لا أعرف لماذا تتبختر هذه المقولة على ذاكرتى الآن ونحن بصدد محاكمة روؤس الفساد ، التى غيبتنا عن الواقع عقود طويلة وبنت امبراطوريتها المحكمة الاركان من الفساد وصنعت فاسدين كبار وصغار ، وأعتقد ان أى منا لابد وانه شارك فى دولة الفساد هذه ، لا يمكن أن يوجد شخص لم يلوث ثوبه بالفساد . وهنا أود أن أنوه على هذه الحقيقة وأنا من المؤيدين للثورة العظيمة التى قامت فى مصر ، لكن يبدو أن الثورة على حافة الهاوية ، تحيطها المخاطر من كل صوب وحدب من الداخل والخارج ، ولا سيما أن رؤوس الفساد الموجودة داخل السجون لها أعوان بالخارج لا تعدم الوسيلة فى التواصل معهم وهؤلاء الأعوان على درجة عالية من الخبرة فى أدارة صنع الأزمات ، كما أن هناك دول مجاورة تساند النظام السابق حتى وهو فى غياهب السجن لا أدرى لماذا ولكن الذى أعلمه أن الثورة فى حالة من المخاض المتعثر جدا ، ولابد من وجود حلول وسريعة لانقاذ الثورة ومولودها مما يحيطها من أخطار ، ولتكن أول هذه الحلول إعفاء الرئيس السابق وأسرته ومعاونيه من المحاكمة مع تنازلهم عن كل أملاكهم فى الداخل والخارج لصالح مصر ومغادرة مصر وعدم العودة إليها مرة اخرى ، بهذا نضمن تجنب شر هؤلاء فى ادارة المؤمرات ضد الثورة ونضمن أموالهم التى نهبوها على مر السنين لصالح إعادة الاقتصاد المصرى ، اقول هذا الكلام وسوف يجد معارضيين كثيريين لكن العقل يقتضى أن نلعب بالورقة الرابحة ، فلن نستفيد شىء اذا قطعناهم اربا وتذهب ملياراتهم سدى ، ومن ناحية ما اقترفوه فى حق مصر فهو لا يمكن حصره لكننا ساعدناهم فى ذلك كل منا شارك فى وضع طوبة فى دولة الفساد ، المدرس الذى اعطى دروس خصوصية والموظف الذى تقاضى رشوة ، والضابط الذى عذب والطبيب الذى اهمل فى علاج المرضى ورجل الدين الذى جامل النظام والمواطن الذى يدمر ممتلكاته ومن قال طظ فى مصر ورفع الحذاء عليها ، ومن قال افضل ان يحكمنى رجل مسلم من ماليزيا ولا يحكمنى قبطى مصرى شارك فى فساد ، ومن حمل المجامر والمباخر فى مواكب هؤلاء فهم فاسدون ويمارسون اليوم دورهم بكل بجاحة ويحملون المباخر للثورة ، ومن ركن وسكت عن الفساد ومثل دور المعارض الثائر بتعليمات من النظام ، ومن هاجر وترك وطنه نهبا لهؤلاء ، ومن باع واشترى فى أقوات المصريين ومن ساهم فى تدمير اجيال باكملها عن طريق انتشار الغش الجماعى فى الامتحانات ، ومن أرتضى أن يأخذ فرصة شخص أفضل منه باستخدامه الوساطة ، ومن ترك الجانى بلا عقاب ومن تغاضى عن تأدية واجبه الوطنى ومن أحب نفسه أكثر من الوطن ، .. نعم كلنا فاسدون ساهمنا وشيدنا دولة من الفساد واكبر دليل على ذلك أن هذا الفساد مازال مستشرى فى كل أنظمة الدولة ، فلك ان تذهب الى اى مؤسسة حكومية الأن ستجد نفس الموظف الذى كان يعطل مصالح الناس هو هو يتحدث بنفس اللغة ويمارس نفس البيروقراطية . لماذا لم ينتهى الفساد بإنتهاء النظام لأننا حاضنين له لا نستطيع أن نستغنى عنه بسهولة فالأم تأتى للمدرس وتقول له غشش العيال فى الامتحان علشان ربنا يباركلك ، إنها فعلا دولة الفساد وكل شخص فيها عضو فى فريق الفساد ، لا أقول هذا لكى أدافع عن النظام السابق مطلقا أقول هذا لكى نقف على الحقيقة الغائبة عن أعين الجميع أو التى لا نحب ان نراها ، اقول ذلك لأننا يمكن ان نبنى دولة فساد أخرى ونحن لاندرى فالبناء على البيت المهدم يقوض الأثاث ، فلينظر كل منا الى نفسه ويطهرها من كل ما ألم بها ، ليحاكم كل منا نفسه ويعطيها الحكم الذى تستحقه بقدر ما مارسه من فساد ، لنحرق الفساد الذى بداخلنا لأننا لو أبقينا على بذوره فسينبت من جديد ويكون فى هذه المرة اقوى واشد . اناشد كل من شارك فى الثورة او لم يشارك فلنعترف باننا مشاركين لهؤلاء فى فسادهم ولا نجعل من أنفسنا ملائكة .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com