بقلم : مادونا شاكر
رامى فخرى عبد الملك .. شاب جميل عندما تنظر إلى وجهه تجد البراءة والأمل ممتزجان بإبتسامته الجميلة المريحة التى كانت لا تفارق وجهه أبداً على حد قول صديقه المقرب هكذا شعرت أنا أيضاً وأنا أنظر لصورته رغم أننى لا أعرفه مطلقاً .. رامى يبلغ من العمر 27 عاماً .. والده متوفى ويعيش مع أمه وأخته الدكتورة رانيا بمصر الجديدة .. يعمل مهندس كهرباء بإحدى شركات البترول ( إى دى سى ) وعضو فى كورال القاهرة الإحتفالى بالأوبرا وفى كورال سان مارك بكنيسة مارمرقس بمصر الجديدة .. كان خادماً معروفاً من الجميع بوداعته وطيبته ومحبته لهم كما وصفه أصدقاؤه بالملاك .. من كلام عائلته وأصدقاؤه وزملاؤه فى العمل عنه نستطيع أن نستشف أنه كان محبوباً من الجميع يحترم الكل وليس له أى عداءات مع أحد .. كان رامى عضواً فى حملة ( مصر بتتغير وأحنا كمان ) لكن ليس له أى نشاط سياسى على حد قول الأسرة .. وفى آخر مكالمة تليفونية له مع أحد أصدقاؤه ويدعى مينا فايق قال ( أن المستقبل فى مصر سيكون أفضل ) .. هكذا كان يأمل ويتمنى هذا الشاب المصرى المحب لبلاده .
عمل رامى يتطلب البقاء فيه لمدة أسبوع كامل أو أكثر يعود بعدها فى إجازة لمدة أيام لبيته فى القاهرة .. وفى يوم أستأذن رامى من عمله لمدة ساعات لحضور حفل زفاف أحد أصدقاؤه يوم الجمعة 13 مايو 2011 على أن يعود لموقع البريمة التى يعمل بها .. إنتهى الحفل وفى حوالى الساعة الحادية عشرة مساءً ودع رامى كل الموجودين قائلاً ( صلوا لى علشان مسافر) ذهب إلى منزله ليبدل ملابسه الرسمية ويلبس ملابس كاجوال لزوم السفر .
وفى طريق مصر الإسماعيلية الصحراوى تبدأ أحداث جديدة حينما كان يقود رامى سيارته فأجرى مكالمة ليطمأن والدته عليه وقال لها أنه فى طريق الصالحية وبعد مسافة بسيطة سيصل لمحل عمله وهذه كانت المكالمة الأخيرة لرامى .. بعد فترة قصيرة حاولت والدته الإتصال به للإطمئنان على سلامة وصوله لكنه لم يجيبها لأن تليفونه كان مغلق .. يقال أنه بعدها وجد كميناً لقوات الجيش للقبض على تُجار مخدرات سمع من خلاله دوى طلقات نارية يقال أنه بدأ فى التراجع بسيارته للخلف كى يركن على جانب الطريق بعيداً عما يحدث حتى لا يصيبه أذى وليؤكد للجنود أنه ليس ضمن هؤلاء الأشرار .. كررت عائلته وأصدقاؤه محاولة الإتصال به فوجدوا التليفون مغلق حصلوا بطريقة ما على تليفون المكان الذى يعمل به فتأكدوا أنه لم يصل إلى عمله ساورتهم الشكوك عما حدث لرامى .. إذا كان لا يوجد بالعمل ولا فى مكان معلوم فأين ذهب رامى ؟
فقامت العائلة والشركة بالإتصال بكافة المستشفيات الواقعة على هذا الطريق والبحث عنه ففوجئوا بجثمان رامى فى مستشفى الصالحية العام بعد إتصالهم بالمستشفى .. أخيراً وجدوا رامى بعد عناء البحث ولكن وجدوه جثة هامدة مصاباً بثلاث رصاصات نافذة واحدة بالرأس وأخرتان بالرقبة والصدر وكان ذلك بعد ظهر اليوم التالى أى بعد 12 ساعة فقط من مكالمته الأخيرة لوالدته .. وفى عجلة من الأمر تم التصريح بدفن جثة رامى فى ذات اليوم السبت 14 مايو .. وتمت صلاة الجناز على روحه الطاهرة بكنيسته مارمرقس كليوباترا ودفن بسرعة خاطفة الساعة العاشرة مساءً .
فى وقفة تأبينية صامتة بالشموع قام أصدقاء رامى ومحبيه يوم وفاته فى شارع بيروت بمصر الجديدة وإنضم لهم الكثيرين تعاطفاً وتضامناً مع رامى دون أن يكونوا على علاقة شخصية به أو قابلوه يوماً وإنما عرفوا قصته من خلال صفحته على الفيسبوك وكم التعليقات الرهيب الذى وصل إلى حوالى خمسة آلاف تعليق يستنكر قتل رامى .. فحمل معظمهم فى الوقفة صوراً لرامى وآخرين لافتات تحمل أسئلة منها حق رامى فين ؟!! مطالبين القوات المسلحة بالتحقيق فى مقتل رامى كمواطن مصرى وليس كقبطى لأن القضية لا تتعلق بالدين بقدر ما هى إهدار لروح مصرية بريئة .. ولا تزال علامات التعجب والأسئلة التى لا تنتهى تتقافز إلى عقول الجميع أهله أصدقاؤه ومحبيه بل وعقولنا نحن أيضاً فى زمن اللامعقول واللامنطقى الذى أصبحنا نحيا به : لماذا لم تبلغ المستشفى أهل القتيل فور تسلمها لجثة رامى مع أن ملابسه كانت تحوى بطاقة الرقم القومى المدون بها كل بياناته وعنوان منزله ؟ ولماذا لم يتم تشريح جثة رامى وإصدار تقرير الطب الشرعى لمعرفة سبب الوفاة كما هو المعتاد فى مثل هذه الحالات بدلاً من تسليمها لعائلته كما هى وبداخلها رصاص الغدر ؟ .. لماذا تم التصريح بدفن الجثة بهذه السرعة المريبة فى ذات اليوم ؟
تقول أخته رانيا فى برنامج فى النور على قناة سى تى فى أن القوات المسلحة كانت ستسلمهم السيارة ولكنهم رفضوا تسلمها كى يتم معاينتها ورفع آثار الجريمة التى قد تخدم التحقيق خاصةً وأنه وجد بالسيارة 11 فارغ لوابل الرصاص الذى أطلق على رامى .. وبحسب إعتراف العسكرى الذى قام بإطلاق الرصاص على رامى يقول أنه كان يقصد أن يضرب كاوتش السيارة فقط وليس قتل رامى .. آآآآه مش تقول كده من الأول خليت مُخنا يودى ويجيب يعنى تقصد قتل بالخطأ .
طبعاً تبرير غير منطقى على الإطلاق ولا يقنع معتوه حتى .. يعنى عسكرى القوات المسلحة مش عارف يفرق بين الكاوتش وصاحب السيارة يا نهار مش فايت .. أيه مش عارف ينشن ولا أيه ؟!! ده بسلامته كان شايل آلى .. آلى يا جدعان مش لعبة .. طب منين أنت ضربت على الكاوتش يعنى المفروض بندقيتك تكون مايلة لتحت ومنين الرصاصة أصابت رأسه ورقبته وصدره يعنى كانت عمودية على القتيل مش مايلة يا عم العسكرى مش كده ولا أيهههههههه؟!! .. يا ناس إرحمونا بقى وإتكلموا كلام منطقى مرة أو إكدبوا كدبة محبوكة حبتين علشان نصدق .. مش عارفة الناس دى فاكرانا أيه بناكل بلوظة ولا بنريل على نفسنا ولا أيه بالزبط !!!!!
ومعنى إن يجدوا 11 فارغ للرصاص داخل السيارة إذاً الضرب كان متعمد ومحدد هدفه بالضبط وعلى مسافة قريبة من القتيل يعنى مش حكاية كاوتش ولا دياولوا .. العسكرى كان مُصر على قتله ولم يُعرف السبب الحقيقى حتى الآن ؟
ومن جهته أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بيان يدين فيه ما حدث لرامى ويعد بالتحقيق فى ملابسات الحادث والتوصل للحقيقة الكاملة كلام جميل .. لكن كيف يكون الجانى عسكرى فى القوات المسلحة والجهة التى ستحاسبه هى القوات المسلحة نفسها ؟ يعنى تبقى الجانى والقاضى فى نفس الوقت هل هذا معقول ؟ المفترض فى مثل هذه الحوادث يجرى التحقيق فيها النائب العام حتى تكون الصورة مكتملة ويكون هناك شيئ من الإنصاف لدماء مصرى لم يرتكب جرماً بل قتل غدراً ككثيرين من أبناء هذا الوطن الذين قتلوا ولم يحاكم قاتلوهم .. نرجوا أن لا تمر قضية رامى مرور الكرام كالآلاف قبلها ويتم التحقيق فيها بأمانة من قبل النائب العام ومعرفة السبب الحقيقى لمقتل المهندس رامى فخرى حتى لا يتكرر هذا الأمر مع أحد غيره ويُحرق قلب أم أخرى مثل أم رامى التى أقدم لها أخلص التعازى القلبية ونياحاً لروحك الطاهرة يا رامى التى نثق أنها فى أحضان الشهداء والقديسين .
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com