ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

حجارة الحضارة

د. مينا ملاك عازر | 2011-05-22 00:00:00

بقلم: مينا ملاك عازر
الناس تكبر تعقل وإحنا نكبر نخيب! الناس تتعلم من غلطها وغلط غيرها، وإحنا نشوف الغلط إيه ونعمله، شعب عايز إسقاطه، مش النظام. زعلان حضرتك مني، عشان بأقول كده؟ ما تزعلشي خلاص، إحنا شعب مية مية، وما فيش زينا، وما حَدِش أدنا، يا سلام عليك يا مصري، يا من بنيت الحضارة بالحجارة، واليوم ترشق أخيك بنفس الحجارة، هي دي الحضارة ولا بلاش، هو ده التقدم ولا بلاش، إديها كمان حرية.

لم يكن الفراعنة، ومن بعدهم منْ شيَّدوا كل البنايات الباقية لنا للآن شاهدة على تاريخ أجدادنا، يستخدمون الحجارة هذا الاستخدام الرائع! لو كان الفراعنة تركوا البناء وتفرَّغوا للتراشق بالحجارة، لكانوا حضارة أعظم، وشيدوا أكوام من الحجارة أعظم، تحتها تقبع الجثث بشكل سريالي أجمل بكثير من بناء الهرم! وبعدين الحجارة زمان كانت تقيلة كبيرة، شفت حضرتك الحجارة إللي بنوا بيها الهرم وغيره، كانت الحجرة الواحدة منها لما تتحدف مش تعور في الوش، لا دي كانت تاخد في وشها كام واحد ميتين.

ومن بناء الحضارة بالحجارة للتراشق بالحجارة، تحوَّلت البلاد من الرقي إلى أن التعوير في الوش ما فيش ماعلهش، وبالتالي صار على كل واحد تسليح نفسه بالحجارة اللازمة لبناء الحضارة الشخصية، فنحن تفرغنا لبناء أنفسنا، وأهملنا البلد التي لم تعد تهم أحد إلا القليلين، وهنا من يظنون أن الرشق بالحجارة سيبني السلالم للوصول لكرسي الحكم.

ومن رص حجرين لظبط الدماغ إلى رشق حجرين لفتح الدماغ، انتقلت مصر الثورة، ومن التراشق بالألفاظ إلى التراشق بالأحجار انتقلت مصر الهمجية، ومن بناء الحضارات إلى هدم الحضارات ستنتقل مصر السلفية، ومن التفاخر بالآثار إلى تحطيمها ستنتقل مصر الطلبانية، وحضرتك لا تعرف أين دفنوا خوفو وخفرع ومنكورع رغم أنك تعرف أهراماتهم فين، كما إنني لا أعرف أين تركوا العقل المصري، لكنني أعرف أنهم يحاولون بكل جهدهم فتح "دماغ مصر" للتأكد من أن الرأس فاضي كالهرم، فأخذوا يضربونها بالحجارة إلى أن سال منها الدم، وجلس الخلق ينظرون إليها، كيف تمسح الدم وحدها؟ بعد أن كانوا ينظرون إليها كيف تبني قواعد المجد وحدها، ومن ثم فنحن لا نعيب على الثورة، وإنما نعيب على الثور الذي يحاول الإتيان على كل أخضر ويابس، وعلى منْ لازال يؤمن أن الحجارة المتراشقة تبني ولا تهدم.

ولكن لا تنسى عزيزى القارئ، أنه لازال هناك أمل في المستقبل، فالبلد الذي بنى أهله الحضارة، لن يهزه تراشق الحجارة، والبلد الذي عاش أهله في حب بحرارة، لن تنحني هامته أمام من يرشقون الحجارة، بل على أهله أن يستغلوا تلك الحجارة في تشييد سجون تجمع أولئك المخربين الذين يريدون العيش في حياة همجية.

المختصر المفيد؛ كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعًا، تُرمى بحجر فتؤتي أطيب الثمر.

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com