كتب: عماد توماس
قال "نبيل عبد الفتاح"- الباحث المتخصِّص في شئون الجماعات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- إن موقف الحركة السلفية من الصوفيين كان معروفًا، مشيرًا إلى أنه كان هناك توتر ما واختلاف بين هذه الجماعات بعضها البعض، وفي أعقاب الانتفاضة بدأوا يرون بعض أشكال تطبيق هذه الأفكار على نحو حصري على الآخرين بما يمس حقوقهم وحرياتهم الشخصية والعامة، معتبرًا أن ذلك يشكِّل خطورة كبيرة، لأنه يعني أن هناك فجوة كبيرة بين قانون الدولة الرسمي وتطبيقه، وهذه الفجوة تشكل بيئة من عدم الاستقرار في البلاد التي نأمل أن تتجاوز هذه الفترة بسلاسة وسلمية، وفي إطار صارم بسيادة القانون.
وأكد "عبد الفتاح"- خلال الندوة التي نظمها "مركز الأهرام للدراسات الاجتماعية والتاريخية" بعنوان "الوحدة الوطنية والحريات الدينية: المبادئ الدستورية العامة"- أن المبادئ الدستورية العامة المتصلة بحرية الدين والاعتقاد موجودة في كل الدساتير المصرية، منتقدًا بعض رجال القانون الذين كانوا يمتدحون دستور 1971 وأصبحوا الآن من الثوار الذين ينتقدون هذا الدستور، والذين ساعد بعضهم- مع الأسف- في العودة إلى ذات الدستور.
واستشهد "عبد الفتاح" بالمادة (12) من الإعلان الدستوري، والتي تنص على "تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية .وحرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطني"، راصدًا عددًا من الآليات التي استخدمت سابقًا- قبل الثورة- ولم تثبت أي فاعلية في حل التوترات الطائفية وتحمى حرية الاعتقاد؛ مثل:
- الآلية الأولى: الخطاب السياسي والأمني والديني، والتي تتداخلت معًا واستبعدت الآلية القانونية (عدم تطبيق قانون الدولة)، وهو ما أعطى للأطراف الجانحة التبرير اللازم في عدم تطبيق قانون الدولة، وسيادة نظرية "المؤامرة"، و"القلة المندسة"، مشيرًا إلى أن المؤامرة هنا في كثير من الوقائع في الداخل وليست في الخارج.
الآلية الثانية: المجالس العرفية، والتي أصبحت كتقليد في الثقافة الشعبية المصرية، فاعتمدت الأجهزة الأمنية والحزب الوطني المنحل على المجالس العرفية في حل المشاكل الطائفية، وهو ما يعني استبعاد قانون الدولة مع منْ يتم التحقيق معه وإدانته، بما يعني التنازل عن حقوق الدولة. بالإضافة إلى استخدام سياسة اللجوء إلى رجال الدين وبعض وجهاء الحياة العامة من السياسيين والمثقفين الذين ظهروا بعد الثورة، معتبرًا أن ذلك لن يحقِّق أي نجاح.
وعبَّر "عبد الفتاح" عن أمله في اللجوء إلى آلية نظام القرار بقانون من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يغلظ فيه العقاب على كافة أعمال التحريض أو المشاركة في أعمال العنف اللفظي أو المادي الذي ينتهك أي حرية من الحريات الدينية المقرَّرة.
وتحدَّث الكاتب "هشام جعفر" عن الجدل حول حد "الردة"، موضحًا أن هذا الجدل كان موجودًا في فترة مبكرة من العقد الأخير من القرن التاسع عشر مع اجتهادات الإمام "محمد عبده"، في إطار الاحتكاك بالحضارة الغربية، وامتد حتى الآن، فالنص الشرعي قابل للاجتهاد والتأويل. مشيرًا إلى ثلاثة جدالات حول مسألة الردة، الأول: النزعة التراثية، والتي يتم فيها استبعاد التراث ويوصف حد الردة كحد من الحدود الشرعية التي توجب القتل، وخروج من الدين.
الجدل الثاني هو النزعة التأويلية، والتي تكون فيها الردة خروج عن الدولة أو النظام العام وليس الدين، بما يوجب التعذيب وليس القتل.
الجدل الثالث هو النزعة المقاصدية، والتي ترجع جذورها إلى الإمام "محمد عبده"، فالحرية مقصد من مقاصد الدين، والدين والإكراه في الرؤية الإسلامية ضدان لا يجتمعان، فإذا ثبت الإكراه بطل الدين.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com