ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

من الشعور بالعزلة إلى حياة السعادة والغنى

القمص. أفرايم الأنبا بيشوي | 2011-06-08 16:56:15

بقلم: القمص أفرايم الأورشليمي

أسباب الشعور بالعزلة وطرق العلاج
أتصل بي إنسان عزيز لدي كنت أظن أنه من السعداء في الحياة، متزوج وفي مركز اجتماعي يحسده عليه الكثيرون، ولديه أبناء كبار ولكنه يعانى من المرارة والشعور بالوحدة، وتحدثنا معًا عن السعادة في الحياة وكيف نحصل عليها في عالم يتسم بالمادية والأنانية .
هو يشتكى أن لأبنائه اهتماماتهم الخاصة بعيدًا عنه ويريدونه بنك للنفقات، وزوجته لا تشعر به ولا تحس بمتاعبه، ويعانى من مصلحية الأصدقاء . ويبحث عن السعادة ولا يجدها، انه يعاني الشعور بالوحدة والعزلة، وفي نفس اليوم تكلمت معي فتاه تعانى الوحدة وعدم فهم وتقدير الأهل لمشاعرها الرقيقة .

مما دفعني إلى كتابة هذا المقال عسي إن أكون وفقت في طرحه وبحث أسباب الشعور بالوحدة والعزلة ومعالجتها، لتتحول وحدتنا إلى غنى وتتبدل مشاعر العزلة إلى مشاعر السعادة بالوجود مع الله والدفء الروحي والإحساس بمحبة الخير والغير، ويتبدل حزننا إلى فرح، ونجد أن ملكوت الله داخل أعماقنا ويعمل روح الله القدوس معنا موحدًا إيانا كجماعة مؤمنه تحيا في اتحاد روحي، نتبادل البسمة والدمعة، ويكون لنا أحاسيس الجسد الواحد بالأعضاء الكثيرين .

- قد يكون من أصعب المشاعر التي يمر بها الإنسان أن يعانى الإحساس بالحرمان والوحدة والعزلة، إنها من المشاعر التي قد تدفع الإنسان إلى الحزن والكآبة والقلق وعدم السلام، كما عبر عنها داود النبي{ في يوم ضيقي التمست الرب يدي في الليل انبسطت و لم تخدر آبت نفسي التعزية} (مز 77 : 2) .

قد يكون لك أصدقاء كثيرين، أو مركز مرموق وتشعر بالعزلة، أو لديك المال والحياة الأسرية ولكن تعيش المعاناة والترك والعزلة، قد نعيش الاغتراب ونحن بين الناس لان لكل واحد اهتماماته ومشاعره التي لا يقدرها الآخرين، بل قد يهزء بها .

إن شعورنا بالقبول والمحبة والتفهم، وأن هناك من يحس بك ويسمعك ويقدرك ويريد سعادتك، وأن تحس انك محبًا ومحبوبًا يقضي على كل المشاعر السلبية التي يعاني منها البعض، وقد يطلبوا الموت كراحة ولا يجدونه من الإحساس المفرط بالوحدة والعزلة!

إن الإنسان بطبعه كائنً اجتماعي يميل إلى العيش وسط جماعة معينة يشعر بينها بالأمن والاستقرار والطمأنينة والانتماء وعندما خلق الله ابينا ادم {و قال الرب الإله ليس جيدًا أن يكون ادم وحده فاصنع له معينا نظيره} (تك 2 : 18) . ولهذا يجب أن يكون الزواج حياة شركة روحية قبل أن يكون معيشة تحت سقف واحد، فيه المحبة والتفاهم والحرص على إسعاد الطرف الأخر، وأن يكون البيت المسيحي قائم علي الفكر الواحد والمحبة المتبادلة والتعاون والاحترام والمساندة والمشاعر الدافئة والمشاركة.

إن للإنسان حاجة إلى الانتماء من خلالها تبرز شخصيته و من خلالها تتشكل إلى حد كبير ويسعى الفرد إلى الارتباط بجماعة يقيم مع أعضائها علاقات متبادلة، يفرح معهم ويدعوهم لأفراحه{ويأتي إلى بيته و يدعو الأصدقاء و الجيران، قائلاً لهم افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضال} لو (15 : 6)

من أجل هذا يدعونا الكتاب للمشاركة الوجدانية {فرحًا مع الفرحين و بكاء مع الباكين (رو (12 : 15) ، وحينما لا يستطيع الفرد أن يقيم هذه العلاقات الوثيقة الناجحة فإن علاقته بأعضاء الجماعة تتأثر سلبًا فينسحب بعيدًا عنهم ويعيش في وحدة وعزلة.

- إن التغيرات المتسرعة التي يشهدها عالمنا والتوحد مع الكمبيوتر والآلات الصماء، وعدم التواصل أو العلاقات الإنسانية المشبعة وعدم المقدرة على التأقلم مع الظروف المتغيرة ساهم إلى حد كبير في انتشار العزلة القلق والاكتئاب، إضافة إلى تبدد الكثير من القيم وتبدلها واضطراب العلاقات الإنسانية والشعور بعدم الأمان النفسي والعلاقات المحدودة أو الرسمية وتكالب الناس على لقمة العيش وفرص الحياة و عدم الطمأنينة على المستقبل والهجرة إلى بلاد أخرى، أو قلة المعرفة أو انعدام الجاذبية الشخصية لعوامل مختلفة، وصعوبة التكيف الاجتماعي أو التنشئة الخاطئة لها دور في عزلتنا أو حتى قد تفرض علينا عندما نعيش في مجتمع نشعر برفضه لنا، أحساس الفرد انه أتى إلى الوجود كخطأ أو في الوقت أو البلد الذي لا يقبله يزيد لديه مشاعر العزلة .

إن حرمان الفرد في طفولته من إشباع حاجته للمحبة والأمن والرعاية ممن حوله في ظل انشغال الوالدين بالعمل وهموم الحياة، يؤدي إلى اضطراب علاقاته الشخصية المتبادلة، فعندما يفشل الإنسان في الحصول على الدفء والعلاقات المشبعة مع الآخرين فإنه يعزل نفسه عنهم ويرفض أن يربط نفسه بهم ويتحرك بعيدًا عنهم، مما يزيد من شعوره بالعزلة والاغتراب ومع الوقت تدفعه هذه المشاعر إلى الكآبة والإحباط أو التمرد والرفض أو الانطواء أو العدوانية.

وكما أن الإنسان هو مخلوق اجتماعي فان له روح تحتاج للشبع الروحي بمحبة لله {و أيضًا جعل الأبدية في قلبهم التي بلاها لا يدرك الإنسان العمل الذي يعمله الله من البداية إلى النهاية} جا 3 : 11). )، وكما عبر عن ذلك القديس اغسطينوس قائلاً ( لقد خلقتنا يا الله على شبهك ومثالك ولن تجد أرواحنا راحة إلا فيك) .
إن إحساسنا برضا الله عنا ومعونته القوية لنا في الضيق والحاجة، وتعزيته لنا وقت الحزن ووجوده معنا كصديق وقت الوحدة ، وصداقتنا به في دروب الحياة هي أكبر سند للإنسان في غربته في العالم .{عند كثرة همومي في داخلي تعزياتك تلذذ نفسي }(مز 94 : 19. )، كما إن إحساسنا بمحبة الله الغافرة للذنوب تمحو منا الخبرات المحبطة للنفس وتذيل مخاوفنا وتهبنا السلام الداخلي.

تشير الدراسات النفسية إلى أن الاضطراب في العلاقة بالآخرين لا تقتصر على علاقات الأخذ والعطاء فحسب، بل يمتد إلى المشاعر والاهتمام بالآخرين وبمشكلاتهم أيضاً وهو ما يؤدي إلى اضطراب في شخصية الفرد وإلى صغر حجم شبكة العلاقات الاجتماعية وضعفها وإلى عدم شعور بالانتماء لتلك الجماعات، وبالتالي يتضح أن لهذه المشكلة أثرها السيئ على التوافق النفسي للفرد كما أنها تعد مؤشراً للمعاناة النفسية التي قد تؤثر في تشكيل شخصيته وسلوكه .
إن مدرسة التحليل النفسي ترى أن الشعور بالعزلة يمثل حالة من الكبت للخبرات المحبطة في اللاشعور التي اكتسبت خلال مرحلة الطفولة المبكرة على أثر الفشل في الحصول على الدفء والعلاقات الحميمة مع الآخرين وإحباط حاجة الفرد إلى الانتماء، وهو ما يؤدي إلى أن تعمق في نفس الإنسان خبرة الوحدة النفسية والتي تعود إلى الظهور في مرحلتي المراهقة والرشد، ويؤكد أصحاب النظريات النفسية والاجتماعية على اضطراب علاقات الفرد الاجتماعية منذ الطفولة مع الآخرين، حيث شعور الفرد بالعزلة يرجع إلى إساءة الوالدين له في طفولته أو حرمانه من الحب والعطف والتشجيع مما يؤدي إلى شعوره بالنقص نظرًا لافتقاره إلى عامل الشعور الاجتماعي السليم.

إن الإهمال الذي يلقاه الفرد في طفولته المبكرة من والديه وقسوتهما عليه لا يساعده في إقامة تعلق بينه وبينهم ويؤدي إلى غياب التفاعل والديناميكية وعدم شعوره بالأمن والطمأنينة وهو ما يقوده فيما بعد إلى المشكلات المتصلة بالعلاقات الاجتماعية مما يؤدي إلى سلبيته، وانسحابه عن الآخرين وبالتالي شعوره بالعزلة أو الوحدة. وترجع تلك السلوكيات الخاطئة إلى حدوث صراع بين العمليات المؤدية إلى النشاط والعمليات المؤدية إلى الكف عنه نتيجة عدم قدرة الفرد على ترك الاستجابات الاشتراطية القديمة التي تعلمها منذ طفولته على أثر الخبرات غير المناسبة التي مر بها في بيئته؛ مما يؤدي إلى تكوين عادات غير مناسبة لديه لا تساعده على أن يحيا حياة فعالة ناجحة مع الآخرين، كما تعيقه عن تعليم استجابات وأنماط سلوكية أكثر مواءمة في علاقته بالآخرين. –

نقص العلاقات الدافئة القوية حتى في ظل وجود الكثير من الأصدقاء أو المعارف لكن العلاقة السطحية بهم تزيد الشعور بالوحدة، لهذا يجب أن يكون للإنسان عمق الشخصية والعلاقات، والانفتاح علي أهل الثقة منهم دون فقدان الخصوصية، يجب أن يكون هناك من نشاركه همومنا ومشاعرنا الدفينة، مما يسعدنا ويُفرح الآخرين ويكون للإنسان القلب الكبير الذي يحتمل أخطاء الأصدقاء ويستر ضعفاتهم { رجل الأكاذيب يطلق الخصومة و النمام يفرق الأصدقاء} (ام (16 : 28). {من يستر معصية يطلب المحبة و من يكرر أمرًا يفرق بين الاصدقاء}(ام 17 : 9) .{الفم العذب يكثر الأصدقاء و اللسان اللطيف يكثر المؤانسات }(سيراخ 6 : 5). - يعانى الكثيرين من مشاعر الوحدة والعزلة نتيجة للإحساس بالفشل لاسيما في ظل تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، وازدياد نسبة العزوبة والعنوسة وارتفاع سن الزواج والفراغ النفسي والروحي وتفكك العلاقات الاجتماعية والشعور بالحرمان ويجد الشاب أو الشابة نفسه منعزل بين أهله وعائلته بسبب الأنانية ونقص المحبة الباذلة والمعطاءة .
إن الإحساس بالوحدة والاغتراب لا يرحم طفل أو شاب أو مسن ونحتاج لمعرفة الأسباب التي تؤدي إليه، وكيف نعالجها بالصبر والجهاد وبعمل نعمة الله الغنية داخل النفس ، لنعرف كيف نعالجه بحكمة وقد نحتاج لاستشارة متخصص سيكولوجي أو تربوي أو مرشد روحي دارس ومختبر . ليتحول حزنكم إلى فرح .. +

محبتنا وصداقتنا لله ..

يقدم لنا الله نفسه على انه أب صالح ومحب للإنسان { فانك أنت أبونا و أن لم يعرفنا إبراهيم و أن لم يدرنا إسرائيل أنت يا رب أبونا ولينا منذ الأبد اسمك} (اش (63 : 16) . ولقد وجدنا الكثيرين من رجال الله مع إحساسهم بالغربة في العالم التصقوا بالله، وكان لهم عونا وصديقا ونبع تعزية وفرح وسلام { استمع صلاتي يا رب و أصغ إلى صراخي لا تسكت عن دموعي لأني أنا غريب عندك نزيل مثل جميع أبائي} (مز (39 : 12) . ، وهكذا سار "أخنوخ" مع الله ولم يوجد لان الله نقله إليه وقبل نقله شهد لبره، وهكذا دُعي "إبراهيم" أبو الآباء خليل الله أي صديقه وقال الله انه يصارحه كصديق له { فقال الرب هل اخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله }تك (18 : 17)
كما أن "يوسف الصديق" يقدم لنا مثالاً للاحتمال والصبر والإحساس بالمسئولية وسط غدر الإخوة قبل قسوة الغرباء، ووسط الضيقات لم يرضي بمحبة خاطئة من امرأة سيده وهو عبد مباع في أرض مصر بل قال لها {ليس هو في هذا البيت أعظم مني و لم يمسك عني شيئا غيرك لأنك امرأته فكيف اصنع هذا الشر العظيم و أخطئ إلى الله} (تك 39 : 9). ولهذا كان الله معه في غربته فوجد نعمة وأنساه الله كل أتعابه وسجد له أخوته طالبين المغفرة وأنقذ مصر وأهلها وأهله من المجاعة { و كان الرب مع يوسف فكان رجلا ناجحا }(تك 39 : 2). )، فليكن الله خير مؤنس لنا في حياتنا نبثه همومنا وأحزاننا ونطلب منه العون في ضيقاتنا ومشكلاتنا ونأخذ منه الحكمة والقوة في مواجهة مشاكل الحياة المختلفة، ونشكره على عطاياه ومحبته . فنحن لسنا متروكين أو وحيدين بل لنا أب صالح يريد لنا حياة الملء والسعادة.

إننا في العهد الجديد تمتعنا بهذه الصداقة القوية مع الله في ابنه الوحيد يسوع المسيح الذي دعانا أحباء وأبناء، وصار لنا من الأب تعزية وفداء وخلاصًا وفرحًا{ مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق و للعمي بالبصر و أرسل المنسحقين في الحرية} (لو (4 : 18). وقال لنا{ تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين و الثقيلي الأحمال وأنا أريحكم} (مت (11 : 28). وقال لنا { و ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر أمين }(مت (28 : 20). ، فلماذا لا نتقدم إليه بقلوب صادقة ونحب الله من كل القلب والنفس والفكر والقدرة ونتحدث إليه حديث الصداقة والمحبة واثقين انه قادر على شفاء منكسري القلوب، هو يبحث عن الضال ليجده وعن التعيس ليسعده وعن البائس والمحروم ليقول له أنا فرحك وسلامك وعزائك .
لقد دافع عن المرأة التي أمسكت في ذات الفعل واتوا يريدون رجمها وقال للمشتكين عليها : من منكم بلا خطية فليرجمها بحجر أولاً ثم عندما تفرقوا قال للمرأة أين هم المشتكين عليكي أما أدانك أحد ؟ { فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع و لا أنا أدينك اذهبي و لا تخطئي أيضًا} (يو 8 : 11). ).

إن الله لن يتركنا كيتامى بل يرافقنا بروحه القدوس وعمله فينا، لقد وقف يوما السيد المسيح في الهيكل في عيد المظال كما كان يقف رئيس الكهنة وبيده إناء ذهبي، ويسكب منه ماء أمام المحتشدين للعيد طالباً منهم أن يأتوا ليشربوا { و في اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع و نادى قائلاً إن عطش احد فليقبل إلي و يشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه لان الروح} (يو 37:7-39).

إن الروح القدس يستطيع أن يفجر فينا أنهار ماء حي تحول برية حياتنا القاحلة إلى فردوس مثمر بثمار الروح القدس { وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف } غلا22:5 .الروح القدس هو ينبوع التعزية والشبع والقوة والقداسة . يجعل لنا شركة وفرح واتحاد بالله ، فيتحول حزننا إلى فرح قلبي وتهلل كلي عندما ندعو ويستجيب { و استجب لتضرعي و اعطف على نصيبك و ميراثك و حول حزننا فرحا لنحيا و نسبح اسمك أيها الرب و لا تسدد أفواه المرنمين لك (اس (13 : 17) . + التعزية بما في الكتب..

إننا نحتاج إلى صداقة قوية بالكتاب المقدس والكتب الروحية، بل والكتب النفسية والأدبية والاجتماعية والعلمية لكي ما يكون في حياتنا غنى روحي وفكرة وأدبي وتنتفي منا مشاعر الوحدة والعزلة، ونجد ما نعزي به الآخرين عندما نلتقي بهم { كل الكتاب هو موحى به من الله و نافع للتعليم و التوبيخ للتقويم و التأديب الذي في البر} (2تي (3 : 16) { فنحن و إن لم تكن بنا حاجة إلى ذلك بما لنا من التعزية في الأسفار المقدسة التي في أيدينا} (1مكابين 12 : 9). فكلام الله الصالح هو تعزية ويهبنا رجاء وفرح {و سلح كلا منهم بتعزية كلامه الصالح أكثر مما سلحهم بالتروس و الرماح ثم قص عليهم رؤيا يقينية تجلت له في الحلم فشرح بها صدورهم أجمعين} (2مكابين (15 : 11).

إن عدم المعرفة بما جاء في الكتب والانغلاق الثقافي والفكري والتعصب المقيت هو هلاك { قد هلك شعبي من عدم المعرفة لأنك أنت رفضت المعرفة أرفضك أنا} (هو (4 : 6).

إن القراءة الجيدة ينبوع للصلاة ومادة للفكر ومصدر غني وسعادة للإنسان وثراء فكرى لا يقدر بمال .

الصداقات المشبعة والعلاقات الناجحة..

لابد أن نعمل على بناء جسور من التفاهم والمحبة مع الآخرين . وان نكون نحن أصدقاء أمناء على أسرار الآخرين، أوفياء لهم في السراء والضراء { الصديق الأمين معقل حصين و من وجده فقد وجد كنزا }(سيراخ 6 : 14).علينا إن ننتقى أصدقائنا ممن يخافون الله فان المعاشرات الرديئة تفسد الأخلاق الجيدة .
ويجب أن تكون مستمع جيد لنكون متحدث لبق، استمع للآخرين وهموهم ودعهم يعبرون عن أنفسهم مقدراً أتعابهم، أفرح لأفراحهم واحزن لإحزانهم وشاركهم هواياتهم فتجدهم يفعلون هكذا معك، فالسعادة كما يقولون كالقبلة لا تشعر بها أن لم تتبادلها مع سواك .
أضحك مع الناس ولكن أحذر أن تضحك عليهم أو تجعلهم مادة للتندر والفكاهة .
لا تجادل الناس وتخسر قلوبهم واعرف أن أقصر الطرق لكسب الجدال هو أن لا تجادل .
أعمل على أقامة علاقات ناجحة مع الغير كما أوصى القديس "بولس الرسول" تلميذه "تيمؤثاوس" { لا يستهن أحد بحداثتك بل كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف في المحبة في الروح في الإيمان في الطهارة} 1تي (4 : 12) وكن تعزية للغير {مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح أبو الرأفة و إله كل تعزية. الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع أن نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله. لأنه كما تكثر الأم المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا أيضًا .

فان كنا نتضايق فلأجل تعزيتكم و خلاصكم العامل في احتمال نفس الآلام التي نتألم بها نحن أيضًا أو نتعزى فلأجل تعزيتكم و خلاصكم. فرجاؤنا من أجلكم ثابت عالمين إنكم كما انتم شركاء في الآلام كذلك في التعزية أيضًا} 2كو 3:1-7.

كن صادقا في عواطفك منفتحا بحرص على الأصدقاء وليكن لكن أشخاص تثق بهم تحدثهم عن همومك وتطلعاتك والآم وأمالك، وليكن لك عمل روحي وخدمة مع الآخرين بروح الفريق، فالعمل الجماعي ولو رياضات مشتركة يذيل الشعور بالوحدة ويخلق علاقات مشبعة قوية، الإيمان والثقة بالله و بالنفس نحتاج للثقة في الله وقوته فمن يتخذ الله سندا وعوناً لن ينهزم أبداً. عندما أتي رئيس المجمع للسيد المسيح طالباً منه أن يشفي ابنته المريضة { بينما هو يتكلم جاءوا من دار رئيس المجمع قائلين ابنتك ماتت لماذا تتعب المعلم بعد. فسمع يسوع لوقته الكلمة التي قيلت فقال لرئيس المجمع لا تخف امن فقط } (مر 35:5-36). وبالإيمان أقام له السيد المسيح ابنته وردها إليه . قل في كل يوم { هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ولنتهلل فيه } عندما نثق في الله وشدة قوته ونلتصق به يحول ضعفنا إلى قوة ويأسنا إلى رجاء ويهبنا الحكمة والنعمة والقدرة على النجاح ويقوى من عزمنا ويعالج بروحه القدوس ضعفاتنا فيحول بطرس الذي ضعف أمام الجواري إلى القديس بطرس الشاهد لآلام المسيح أمام الولاة والرؤساء . ويحول توما الشكاك إلى توما الرسول المبشر حتى إلي الهند بإنجيل السلام . {و ليملاكم اله الرجاء كل سرور و سلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس} (رو 15 : 13). ثق في نفسك أيضا فكما تفكر في نفسك هكذا تكون .

إن ثقتك في نفسك تنعكس على علاقاتك وتهبك النجاح وتقضى على إحساسك بالفشل أو ألعزله أو الوحدة . لن تستطيع أن تهرب من نفسك ولكن تستطيع أن تتخلص بالعزيمة من أخطائها وبالتوبة من خطاياها . وباكتساب عادات جديدة حسنه تنمى شخصيتك وتكتسب أصدقاء جديد وحين تجلس مع نفسك أدرس نقاط قوتك بصدق ونمي ما فيك من خصال حميدة . وفي كل وقت كن متفائل وتطلع إلى العالم من حولك بعيون الرجاء والثقة في الله.
فان ولادة كل طفل جديد في العالم تقول إن الله لم ييئس من عالمه . وأن كان ماضيك كئيباً وحاضرك مظلما فتطلع إلى المستقبل بعين الرجاء في الله الذي يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني. نبتهج بخلاصك يارب - وسط عالم يحتاج إلى السلام ، اجعلنا يارب رسل سلام ومصالحة بين الأرض والسماء ندعو الناس لعلاقة طيبة معك ولحياة التوبة والفرح . اجعلنا سفراء مصالحة بين الناس وفي مجتمعنا وكنيستنا وبيوتنا وان كانت نفوسنا منكسرة مما نراه من حولنا من مظالم وأحزان فكن أنت فرحنا وخلاصنا محولاً حزننا إلى فرح وضيقتنا إلى فرج وخوفنا إلى سلام .{لماذا أنت منحنية يا نفسي و لماذا تئنين في ارتجي الله لأني بعد احمده لأجل خلاص وجهه (مز 42 : 5) .{لخلاصك انتظرت يا رب} (تك 49 : 18). - لتكن أنت يارب ملجأنا في الضيق وصديقنا في دروب الحياة والراعي الصالح في صحراء العالم تروينا كما الشعب قديما منك يا صخر الدهور وتعزينا في الأحزان كما تعزي الأم الرضيع طفلها، وتقودنا إلى مراعى الراحة ، ترد نفوسنا إليك عندما يطيش الفكر أو تغشاه ظلمة هذا الدهر . وتعزينا بروحك المشبع نبع الفرح والتعزية والقداسة والحق . - انر عيون قلوبنا بالإيمان الوطيد وامنحنا القدرة والقوة والنعمة لاكتشاف ينابيع الفرح والسلام والتعزية داخلنا ، ساعدنا على تنمية طاقاتنا وإمكانيتنا لنتعلم منك ونأخذ حكمة من روحك القدوس . لتظهر فينا الصورة البهية التي خلقتنا بها ونسير في طريق التوبة لنصل إلى الشركة الكاملة في المحبة التي دعوتنا اليها ، ليرى الناس أعمالنا الصالحة ويمجدونك أيها الرب الإله .

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com