بقلم: القس. أيمن لويس
كفاية .. مسلم مسيحى "إيد واحدة" .. كفاية شعارات وهتفات محتاجيين نشوف تصرفات وأفعال ، فلم يعد هناك بد من أن نقول الصراحة بلا مواربه ودون الإلتجاء لأستخدام لغة تطييب الخواطر ! فيه ناس بتموت وبيوت بتخرب وكنائس تسلب وتهدم وتحرق وأنتهاك كرامة ، وحقوق ضائعة ، ومماطلة فى معالجتها ، دعونا نواجة أنفسنا إن المشكلة الطائفية ، ليس سببها سياسى فى الاساس أو الامور والاوضاع الأمنية المتردية أو الثورة المضادة أو المؤمرات الخارجية ، المشكلة فى أساسها دينى بدون لف ولا دوران ، ومن الاخر لابد من مواجهة جريئة وكاشفة ، الفتنة مشكلة نصوص وفقة وتراث ومخزون ثقافى تراكمى ، فإن قبلنا العذر بأن السلفيين منفلتيين عدوانيين ولا يعرفون صحيح الدين !؟ فماذا عن الأخوان وتاريخهم الدموى والجماعة الاسلامية والقاعدة والتبليغ والدعوة وجيش محمد .. الخ ؟ أليس جميعهم مسلمون ؟ !! ، يرفعون القرآن ويرددون الاحاديث ويهتفون (الله أكبر) التى نسمعها طوال اليوم ؟! ، أحمد إلهى لأنى تعلمت منذ الصغر أن الله محبة وإلا كنت كفرت بهذا الاله الذى يدعوا لسفك الدماء وكثير من الكلام الذى لا داعى لذكره ، ونسمع دائماً عظيم الخطب عن السماحة وقبول الاخر والعدل والمساواه بعد وقوع الأحداث والإعتداءات ، ولكننا لا نرى منه إلا القليل على أرض الواقع المعاش !!! ونسمع من الاعلام الرسمى أن المشكلة ليست فى النصوص ولكنها تكمن فى التأويل وأجتهاد الفقهاء ! ولكننا نسمع غير ذلك من خطباء المساجد وشرائط الكاسيت وشيوخ الفضائيات وهو ما نراه على أرض الواقع ؟ .. نصدق من ؟!! وما ذنبنا نحن غير المسلمين بمختلف عقائدنا فى أختلاف المجتهدين والمفسريين وتطرف المأولين داخل مذهب إسلامى واحد فقط (السنة) دون التعرض لباقى المذاهب الإسلامية ؟!! أننا ندفع ثمن هذا التنوع اللامحدود والغير مقنن غالياً ، وما الذى يُلزمنى كمسيحى أن ابذل كل هذا الجهد المضنى لأكتشف أى إسلام هو الذى تتبعه ؟ وأى من المسلمين أنت ؟ حتى أأمن جانبك؟ وما يضمن لى إن كنت سمح اليوم أنك لا تتحول إلى متشدد يعتدى علىّ غداً ؟ وحتى لا أتُهم بأذدراء الدين الاسلامى أقتبس ما يزكى قولى مما كتب أ.سليمان الحكيم بالمصرى اليوم 16/5/2011"أى أسلام هو الذى نلتمس هذا الحل بين يديه،هل هو إسلام عمر بن الخطاب الذى اضطر إلى تعطيل العمل بنصوص قرآنية فى عام الرمادة أو فى مسألة المؤلفة قلوبهم ،أم هو إسلام عثمان بن عفان الملقب من الرسول ب"ذى النورين"الذى أدع أنه خليفة الله فى الحكم وليس خليفة المسلمين ..وأن الحاكمية لله وليست للأمة ؟..أننا إذن لسنا بصدد مفهوم واحد موحد للأسلام ،بل بصدد مفاهيم وتفسيرات متعددة يدعى كل أصحابها أنه الاسلام الصحيح ، وأن ما عداه هو البدعة والضلالة" . والعجيب أنه فى وسط كل هذا التنوع والاختلاف نجد أن كل هذه الفرق تتفق وتعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية ؟!! شريعة مَن من هذه الفرق المختلفة ؟!! وأى شريعة ؟!! هل هى شريعة عمر بن الخطاب أم عثمان بن عفان أم شريعة الشيخ القرضاوى أم الدكتور على جمعه أم الوهابية أم الأزهر ؟!. ولكن أتفقت هذه الفرق لتطبيق هذه الشريعة المجهولة معتقدين أنها المسمار الاخير فى نعش المسيحية بمصر. إن كان لنا هذا المقدار من الالام والمعاناة فى ظل دولة ليس لها هوية محددة تعرج بين المدَنية شكلاً والدينية كواقع معاش ، يتم فيها إبطال إعمال القانون وفقاً للأهواء الدينية ، لم يحاكم فيها المسلم على تعديه على الاخر ، ويجد الاخر صعوبة للأحتفاظ بخصوصيته الدينية وحفظ كرامة مقدساته وحقه فى الأحساس بالأمن والأمان ، يحصل على تصريح لبناء أو ترميم دارعبادة بشق الانفس بعد أسترضاء المسلمين واستجداء رضى المشايخ وفائض كرم المسؤلين.. ؟!!.
يُخطىء من يُرجع أسباب الاحتقان الطائفى فقط للاسباب السياسية او المؤامرات الخارجية مما ذكرناها بمقدمة المقال . إن الأصرارعلى ترويج هذه الأسباب هوعبارة عن تسطيح للقضية أو مغالطة للحقيقة ، فأحداث الفتنة لايتحمل مسؤليتها فقط النُظم السياسية السالفة . إن بذرة الفتنة قديمة فى مجتمعنا وما فعله السادات ومبارك ما هو إلا الاهتمام بالعناية بها ، وهذا الرأى قلته من قبل مراراً وتكراراً ولست وحدى من يرى هذه الحقيقة .. أسمح لى عزيزى القارىء أن أقدم لك بعض المقتطفات مما ذكر بجريدة المصرى اليوم ل د.محمد نور فرحات فى تفنيده لممارسات الفتنة فى مصر ، وطبعاً ذكر كل الأمور الخارجية وتجاهل صلب وجوهر الدافع "ليس صحيحاً ما يُروج له البعض من أقاويل كاذبة تفترى على التاريخ بأن المسلمين والاقباط كانوا دائما يعيشون فى وطن واحد فى حالة وئام وانسجام يرفعون شعار وحدة الهلال مع الصليب ، وليس صحيحاً أن خلافاتهم الطائفية الدينية التى نشهدها اليوم هى من الامور العارضة على التاريخ المصرى .. التى يجب أن نتجاوزها لنعود إلى حالة السلام والحب والوفاق التى ورثناها عن أجدادنا وورثها أجدادنا عن أجدادهم وإن علوا.الصحيح أن أحداث العنف الطائفى يزخر بها تاريخنا الاجتماعى المصرى العربى "ويستشهد الكاتب بحوادث ترجع لعدة قرون ماضية من القرن الرابع الهجرى ، ثم القرن السابع وسبحان الله ! التاريخ يعيد نفسه ، فما تم فى صول وأمبابة حدث بالتمام فى حادثة يحكيها المقريزى"إلى إن كان يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الاول من هذه السنة وقت اشتغال الناس بصلاة الجمعة ، تجمع عدد من الغوغاء بغير مرسوم السلطان وقالوا بصوت عال الله أكبر !! .وامتدت أيديهم نحو كنيسة الزهرى وهدموها حتى بقيت كوما وقتلوا كل من كان من النصارى ، وأخذوا جميع ما كان فيها ،وهدموا كنيسة مارمينا التى كانت بالحمراء ،وتسلق العامة إلى أعلاها وفتحوا أبوابها وأخذوا منها مالا وقماشا وخربوا وأهلكوا كل ما فيها ،فكان أمراً مهولا" وأضيف قصة ذكرتها فى مقال بعد الحداد من مذكرات نوبار باشا لنُأكد أن الطائفية موجودة عبر العصور فى مصر " يحكى عن محمد على مؤسس مصر الحديثة كان لديه مستشاراً مسيحياً أراد أن يكافئه فأمر رئيس الأسطبل أن يهديه مهره فأعطاه مهره عرجاء فلما عرف محمد على غضب وسأله لماذا فعلت هذا ؟ قال له رئيس الأسطبل : هذه تليق بالكافر ؟!! فعنفه محمد على قائلاً : الكافر هو من يعصى أمر الباشا والكافر هو من يعصى أمر الدولة " ، ناهيك عن قصص كثير مماثلة منذ الغذو العربى لمصر أنه نسيج ثقافى وليس أحداث فردية عابرة ، أنها قناعة ثقافية تدعمها نصوص يختلف حولها المفسرين وأحكام النسخ والقياس وتراث يفخر به أكثر المسلمين ويدرُس للأجيال بمناهج التعليم المختلفة ، وما هو إلا تحريض على الآخرمثل قصة عقبة أبن نافع وأحد النصوص الذى يقول "لقد كفرالذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ومامن إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم" هذا ما تم تدريسه لأولادى فى مقررات اللغة العربية كما أتذكر المشكلة التى حدثت مع إبنتى وهى تدرس فى القراءة قصة ماريا القبطية عندما قال المعلم أنها لم تكن زوجة وأنجب منها الرسول فتسائلت إبنتى بالفصل بحسب ثقافتها اليس هذا زنا ؟ فكانت الازمة حيث أتهمها الاستاذ بالتطاول والاذدراء وهى الطفلة بالمرحلة الابتدائية !.
من كل هذا السرد يتضح أن التاريخ الإسلامى والتراث المدعوم بالنصوص يميل فى مجمله لرفض الآخر ، أكثر منه تسامحاً ومودة ، وما يؤكد ما نقوله أن الأمر ليس متعلقاً بمصر فقط ، فبنظرة عامة فى جميع الدول التى تسمى إسلامية عربية وغير عربية تجد أن الآخر ، غير المسلم يواجه معاناه ويتعرض لكل أنواع العنف ووسائل الرفض ، كما أن المقاييس التى يستندون عليها لتأييد دفاعهم وتأكيد سماحتهم مع الآخر نجدها أقل بكثير من معدلات التسامح الطبيعية التى تمارس فى المجتمعات غير الإسلامية. على الأخوة المسلمين إذا ارادوا أن يكونوا مخلصين لدينهم وتبرأة ساحته . أن يقدموا لنا فقهاً جديداً وتفسير واضح المعانى ومحدد للنصوص سبب الالتباس يعرفنا من هو الآخر فى الإسلام ومدى قبوله وحدود التعاملات ويكون بتأييد وإتفاق من كافة الفرقاء وأن يتم التوقف نهائياً عن رفع الشعارات الجوفاء والصيغ الدعائية الغير حقيقية التى باتت مرفوضة لدى الجميع داخلياً وخارجياً ، وقبل مطالبتهم بتطبيق الشريعة عليهم أن يقدموا لنا مشروعاً واضح المعالم ومحدد البنود فى صورة قانون شامل يعرفنا نحن المسيحيين ما هى هذه الشريعة التى سوف تحكمنا ، اما ترديد هذا المطلب ( تطبيق الشريعة الإسلامية ) بهذا الأسلوب المبهم دون توضيح او تحديد فهو إعلان يؤكد داخلنا أن هناك أمور تدبر بشأننا.
لم يعد يعنينا بقليل او كثير ترديد النصوص بل نريد أفعال ومعاملات ، أليس الدين المعاملة ؟ وفى كتابنا المقدس نتعلم أن ليس بالأقوال بل بالأعمال ولا يهم ما تقول بل بالأهم ما تفعل " ما المنفعة يا إخوتى إن قال آحد إن له إيماناً وليس له أعمال" ( رسالة يعقوب 14:2).
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com