بقلم : صبحى فواد
قبل 25 يناير من هذا العام كان الشعب المصرى يعرف ماذا يريد .. كان لديه مطالب محددة وواضحة كشمس منتصف النهار مثل توفير رغيف الخبز والوظائف للشباب والعاطلين وتحسين مستوى المعيشة وزيادة المرتبات وتصدى الحكومة للغلاء الفاحش ومعاملة الناس بانسانية وادمية ووقف التعذيب فى السجون والمعتقلات المصرية.
كان هناك هدف يريد الشعب تحقيقه ومطالب مشروعة واضحة وعادلة اضيف اليها فيما بعد مطلب اسقاط النظام ورحيل الرئيس مبارك .
وبعد خروج المصريين الى الشوارع فى يوم 25 يناير واصرارهم على تحقيق مطالبهم كاملة سقط النظام ورحل مبارك بعدها بايام قليلة وبدأت كتابة صفحة جديدة فى تاريخ مصر والمصريين .
ولكن للاسف بدلا من ان نجد المصريين يسيرون معا يدا واحدة بخطوات ثابتة الى الامام بعد ان تخلصوا من نظام مبارك لبناء دولتهم المصرية الحديثة التى تلبى طلباتهم وتحقق لهم طموحاتهم فى حياة انسانية كريمة وتلحق بموكب الدول المتقدمة.. وجدناهم بسرعة عجيبة يختلفون ويتعاركون فيما بينهم مثل الاطفال الصغار وبعد ان كان هناك هدف ومطلب واحد يجمعهم ويوحدهم ..فجأة اصبحت المطالب متعددة والاهداف مختلفة غامضة وغير واضحة المعالم غالبتها تبدوا استفزازية لاتخدم الصالح العام او مصلحة الوطن والناس البسطاء الذين خرجوا من غير خوف الى الشوارع يوم 25 يناير من اجل لقمة العيش والحرية والكرامة .
فجأة وبعد نجاح ثورة الشعب المصرى واسقاط النظام اختفت وحدة ابناء الشعب وظهر الاختلاف والتمزق والانشقاق بسرعة غير متوقعة وبدأت اصوات الانتهازيين مثل جماعة الاخوان المسلمين ترتفع كى تطالب بدولة اسلامية تطبق حدود الشريعة الاسلامية اما السلفيين فطالبوا بعودة اختهم كامليا زوجة القسيس وام الاطفال الصغار اليهم مدعيين انها اسلمت بجانب ذلك وجدناهم يحرقون الكنائس ويدمرون اضرحة المساجد .
من ناحية اخرى راينا العلمانين والمثقفين والاقباط يطالبون بصوت خافت غير مسموع وحياء شديد بدولة مدنية علمانية عصرية تفصل الدين عن الدولة وكتابة دستور جديد لمصر يقر بحق الجميع فى حرية بناء دور العبادة وممارسة شعائرهم الدينية وحقوقهم الانسانية والشرعية.
بعد الثورة وجدنا الناس فى مصر نسوا او تناسوا لماذا قاموا بثورتهم وبدلا من الاصرار على توفير رغيف الخبز والوظائف والاسكان الرخيص ووسيلة المواصلات المريحة والعلاج الرخيص للمرضى وجدنا بعضهم يطالب بالغاء معاهدة السلام مع اسرائيل ..وبعضهم بمقاطعة امريكا ..وبعضهم بتدمير وحرق كنائس الاقباط واخضاع كنائسهم للتفتيش .
بل وجدنا بعضهم يطالب بالغاء الرقص الشرقى والقبلات من الافلام المصرية وعودة العلاقات مع ايران وفتح الحدود مع قطاع غزة ورفض المعونات الامريكية !!.
وهكذا وبعد شهور قليلة على قيام ثورة 25 يناير بعد ان كان المصريين يسيرون جميعا فى طريق واحد لتحقيق هدف عظيم محدد واضح وجدناهم فجأة يختلفون فيما بينهم ويختار كل واحد منهم طريق مختلف تماما عن الاخر متصورا انه الاصح واقصر واسلم الطرق لتحقيق الهدف .
وسؤالى هنا : مالذى جعل المصريين بعد شهور قليلة على قيام الثورة يختلفون فيما بينهم ويتفرقون ويسير كل واحد منهم فى طريق مختلف عن الاخر بعد التخلص من نظام مبارك واسترداد حريتهم وكرامتهم وانسانيتهم من جديد ؟؟
هل هو الاختلاف فى الاديان ؟؟ هل هى طبيعة المصريين الذين معروف عنهم انهم دائما يفقدون حماسهم ولا يكملون ابدا ما بدأوه ؟؟ هل هو غياب الوعى والحس السياسى وعفوية وبساطة الانسان المصرى ؟؟ ام ان هناك اسباب اخرى لا علاقة لها باموال السعودية والايادى الخفية لبعض الدول الاجنبية ؟؟
sobhy@iprimus.com.au
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com