بقلم: نبيل المقدس
صدقوني أنا ما زلت أعيش حلمًا من أحلام اليقظة حتي الآن... قال إيه.. وربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم.. إني قاعد قدام شاشة بيضا.. قنواتها بتتحول من قناة إلى قناة بدون ريموت كونترول.. بمجرد فقط إنك ترمش بجفونك، وقبل ما تنطق باسم قناة عايزها، هتلاقيها قدامك والمذيعة لابسة أبيض في أبيض، وشعرها أصفر ذهبي، وقوامها بنور في بنور شفاف ولا عيدان القصب في غيط عبد الصبور, وقدامها في كل حلقة وحلقة واحد مرشح نفسه للرياسة, إيش منهم جاي من قِبل دعوة كريمة من الله سبحانه وتعالي يخبرهُ أن الوطن في أشد الحاجة إليه فاتنفض من على السرير ولف عبائته تاركا أهله وعشيرته لكي يسبق الكل ويكون هو إمام هذا الوطن وحاطِطْ في دماغه أن أول عمل له هو إصدار قرار بتفتيش الكنائس لكي يجنب البلاد من فتنة..
وواحد تاني أخذها "عِند" في الجماعة التي ينتمي إليها، والله أعلم كعادتهم أهي تمثيلية ولا جدية.. فهم بيلعبوا علي جميع الأوتار، ومتخذين جميع الطرق ليصلوا إلى الحكم حتى وصل بهم الحال أن يضحوا بمبادئهم ويطلبون بإلحاح مقابلة البابا "قال إيه" للسؤال عنه!..
وواحد ثالث كان من زمن المملكة المخلوعة، لكن وجد في نفسه أنه هو الوحيد اللي يقدر يحكم البلد دلوقتي، وخصوصًا -ما شاء الله- كانت له القدرة العجيبة في حكم 22 دولة وكأنه الخليفة السادس، وياما حل مشاكل فيما بينهم وفيما بين دول أخرى كافرة وغير كافرة.. يعني يا أحبائي وبالعقل كده مش هيقدر يحكم واحدة منهم؟.
ورابع وخامس وسادس.. منهم مَنْ جاءنا علي حصان بعد 27 سنة غياب بمايوه مودرن وهات يا تهتهة بالتغيير والتباديل، حتي وصل إلي حالة الاستسلام ومشي مع الهوجة ولبس لبس المايوه الشرعي.. ومنهم الشباب لكن مش لاقيين ياعيني مكان، وآخرتها جاءت امرأة وانقلبت الدنيا وخرجت الفتاوي "بأن تكون المراة المرشحة ذات صفات الرجولة فسيولوجية، أي "امرأة غير قابلة للحيض".
الكل بيراوغ.. الكل بيلعب بجميع الطرق والتخطيطات.. الكل ماشاء الله مبتسم في وجوهنا القانطة.. الكل متواضع وأياديهم ممدوة لينا للمساعدة.. الكل ماشاء الله ليبراليين بمرجعية دينية.. الكل يسعون إلى تكوين بلده مدنية ومافيش مانع يحطوا عليها شوية بهارات بأنها ذات مرجعية دينية. الكل يصرخ وبصوت عال.. الصليب والهلال إيد واحدة لكن بمرجعية دينية.. بينادوا بحرية العقيدة لكن بمرجعية دينية.. بيوعدوا المرأة بمكانة عظيمة لها لكن بمرجعية دينية.. الإسلام دين الحرية بمرجعية دينية.. الكل يقول :مافيش عقيدة ضمتْ نواحي الحياة من اقتصاد وثقافة وتجارة وصحة وتعليم وفن وادب إلا الإسلام لكن ايضا بمرجعية دينية.. هم ضد التمييز لكن بمرجعية دينية.. حتي مشاكلنا السياسية مع دول العالم صديقة أو عدوة سوف تُحل لكن بمرجعية دينية.. حتي أنني سمعت أحدهم يقول أنه سوف يهتم بالسياحة ويترك السواح على سجيتهم لكن بمرجعية دينية..!!
كل ده كلام زين.. كلام مافهوش العيبة.. كلام يفرح القلب ويشرح الصدر.. صدقوني وما عليكم عليّ حلفـان.. سجلت كل الأحاديث في سي. دي.. عشان استخدمه في الأوقات الحرجة في الأيام الجاية.. ويكون دليلا علي وعودهم.. ويارب ألاقي شكوكي مش في محلها... قولوا يارب.
وبناء على هذا الكلام الزين.. أتشجع و أوجه سؤالًا إلى هؤلاء المرشحين للرئاسة القادمة ومجهولة الموعد حتي الآن: هل لديكم الاستعداد الذي لا يتنافى مع كلامكم الزين والوعود البراقة بعدم التمييز بالتصريح لنا بإقامة جامعــــة قبطية تحتوي على نفس الكليات التي تشملها جامعة الأزهر، لكي يكون هناك تساوي في الفرص لأبنائها في دخول الكليات العالية، مثل أخوتهم المسلمين؟؟؟
كم من الظلم والغبن وقع على بعض من أبنائنا طيلة عقود من السنوات كانت لديهم الكفاءة الأعلى، لكنهم التحقوا بكليات لم تتناسب مع قدراتهم العالية ويجدون البعض من أخوتهم المسلمين كان لهم النصيب في كليات القمة التابعة لجامعة الأزهر رغم أن نسبة ما يحصلون عليه من درجات أقل من أخوتهم المسيحيين في الثانوية العامة. لا شك أن هذا كان يُسبب لبعض من أبنائنا ضيقًا وشعورًا بعدم الانتماء.. فكيف يتحمل ابن من أبنائنا أن يكون حاصلًا على شهادة إحدى الكليات العادية، ويجد زميله في الثانوية الذي حصل على مجموع أقل منه يحصل على بكالوريوس طب أزهري أو الهندسة الأزهرية، وربما يسمع عنه أنه سافر بعثة إلى الخارج لينال الدكتوراه... وهو يبقى رئيس أرشيف أو مخزنجي في إحدى المصالح..!!
كم من الظلم والغبن وعدم المساواة.. أن لا تحتل برامج مسيحية في القنوات التي تمتلكها الدولة حتي ولو ساعة يوميًا على جميع قنواتها الأرضية والفضائية المصرية.. سوف لا أذكر أن هذا من حقنا لأنها تُمول عن طريق الضرائب، ونحن من ضمن دافعينها.. بل أركز فقط على مبدأ المساواة الذي يتشدق به هؤلاء المرشحين في الميديا... نحن مستعدووون أن نعطي صوتنا إلى من يتعهد لنا بأن يقيم جامعــــــة للمسيحيين.... وإلى تخصيص وقت لنا في الميديـــــــا... فهل نجد من وسط هؤلاء المرشحين مَنْ يجيب ويحقق هذين الطلبين...!!؟؟
ما أجمل الوفاء بالوعد... وخصوصًا بين الحاكم ورعيته... وبناء على هذا تتواجد بل تتأصل الثقة بين الحاكم والمجتمع، فالإنسان عندما يقطع عهدًا، أو وعدًا على نفسه، إنّما يُقيم ثلاثة التزامات: بينه وبين الله أولًا... بينه وبين ذاته ثانيًا... بينه وبين الرعية ثالثًا، فيصبح هو الوحيد المسئول عن الوفاء بتنفيذ وعده وكلمته.
والوفاء بالوعد صفة من صفات الله تعالى... تقول سورة "الروم" 6 في القرآن "وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ".. كما أن الكتاب المقدس يُوصي بها في سفر العدد (30 :3) "أيُّ رَجلٍ نَذَرَ نَذرًا للرّبِّ، أو حلَفَ يَمينًا فألزَمَ نفْسَهُ شيئًا، فلا يرجعُ عَنهُ بل يعمَلُ بكُلِّ ما نطَقَ بهِ"
وبما أن الوفاء بالعهد هو صفة للخالق فهو أيضًا صفة للمخلوق... فوعد الإنسان بغض النظر أنه قام بتحقيقه أو نقضه سوف يكون له الأثر الكبير في حياته الحالية وما بعد حياته... وسوف يخط ويسجل التاريخ مدى التزامه بالوعود، فتصبح سيرته على مدى الدهور إما حسنة أو مشوهة...!!
لذلك أتمنى أن يُوجه هذا السؤال إلى هؤلاء المرشحين، وفي نفس الوقت أتمنى أن يرفضوا طلبنا تجنبًا بأنهم على أتم الاستعداد أنهم سوف يحققوا لنا طلباتنا لكن بمرجعيـــــــة دينيـــــــة...!!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com