بقلم: مايكل سعيد
هل نحن نظلم السلفيين ونبالغ في هجمونا عليهم لأنهم يفسدون الحياة السياسية والمناخ السلمي الديمقراطي؟ وهل لهم مرجعيات فكرية أو عقائدية دينية؟
ولكي نجيب على هذا السؤال لابد أن نُعرّف ما هي السلفية في الإسلام؟
السلف هم الصحابة والتابعين، وتابعي التابعين، ويعتقدون في أن هذا هو نهج الإسلام الأصيل من أصل الكتب والأحاديث، والابتعاد عن المناهج الدخيلة على الإسلام وروح الإسلام، ويعتبر ذروة هذا المنهج ما نشأ في القرن الثالث الهجري الذين برزوا لمواجهة المعتزلة في العصر العباسي.
هذا هو مختصر تعريف السلف الصالح الذي يتبعه السلفيون..
إذًا فنحن أمام جماعة لا تعرف أي شيء عن الحياة السياسية أو الديمقراطية أو الدولة المدنية الحديثة، فكل هذا كفر بالنسبة لهم. هم فقط يعتقدون بـ"قال الله وقال الرسول"، ولن يقبلوا بغير ذلك.
لذا، فلا نتعجب من حرقهم للكنائس؛ لأنهم يعتقدون أنها معابد كفرية بحسب معتقداتهم. ولا نتعجب من عدم قبولهم للآخر لأن الذي يحيد عن منهجهم هو من الخوارج، والذي يختلف عنهم في الدين فهو كافر أو مشرك، والذي يعتقد في المنهج الإسلامي المعتدل هو من المنافقين!!
أما بخصوص سبابهم للكنيسة ولرموزها فحدث ولا حرج، هذا من الثوابت الدينية لديهم.
وحينما نتكلم عن حقوق المرأة والطفل وأسلمة القاصرات، نجد أن أسلمة القاصرات في نظر المجتمع الدولي هو نوع من أنواع انتهاك حقوق الطفل؛ لأنهم بذلك يستغلون صغر السن للتأثير عليه أو التغرير به أو بها، وحتى لو قال الطفل أو القاصر إنه اختار دينه الجديد عن طيب خاطر، فهذا لا يعطي الحق للجهات المعنية بالمضي قدمًا في إجراءات تغيير أوراق ومستندات لطفل بناءًا على رغبته؛ لأن هذا انتهاك صارخ لحقوقه، والتي أبسطها أن يظل في رعاية أبويه حتى بلوغ سن الرشد الذي يستطيع فيه تمييز الأمور، وحينها يختار ما يشاء. وهذا حق كامل له ولا يستطيع أحد أن يقف في طريقه إلا الظالم. وهنا سندخل في صدام مع أتباع السلفية لأن المقاييس عندهم مختلفة تمامًا، فلا يوجد طفولة، فالمرأه عندهم تتزوج وقتما تكون قادرة على تحمل الوطء (الجماع) دون النظر للسن أو غيره. فالمعيار لديهم جسدي بحت حتى لو كانت في التاسعة من عمرها أو أقل بقليل أو كثير من ذلك. فقط تكون قادرة على أداء واجبها الزوجي! وهنا قد يحدث تصادم بين الجهات القضائية وبين التيار السلفي بخصوص قضية قاصرتي "المنيا"؛ لأنهم في نظر القانون أطفال أما في نظر السلفية فهم بالغات راشدات، ولم أقصد بالغات ذهنيًا لأن المقياس لديهم "جسدي بحت"!
فأنا لا أتفائل خير بمستفبل "مصر"؛ لأننا سنشاهد صدامات عنيفة بين التيار السلفي وبين التيارات الليبرالية، فالليبرالي المسلم في نظر السلفيين "زنديق"، والليبرالي المسيحي "كافر"، والمرأة الليبرالية "فاجرة"، أما الليبراليون فهم ينظرون إلى حقوق الإنسان في المقام الأول بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الدين، ويؤمنون بالعدالة الاجتماعية لكافة أطياف المجتمع بمختلف أجناسهم ومذاهبهم . فهل نجد بين هذا وذاك طاولة للحوار في ظل هذا الاختلاف الكلي؟
إذًا فنحن أمام ثورة فاشلة مع كل أسف؛ لأنها ستشهد انقسامًا حادًا بين من يؤمنون بالديمقراطية والحرية والدولة المدنية الحديثة، وبين من يكفرون الديمقراطية لأنها ليست وحيًا إلهيًا، وليست من كلام الرسول، والذي وضعها هم الغرب الكافرون، وأصبحت الديمقراطية حرام شرعًا لأنها ضد أحكام الدين!
فالخلاصة هي أن السلفيين يمثلون أصول الدين، والكثير من المسيحيين يراهم متطرفون لأنهم تعاملوا مع المسلمين الليبراليين في المدارس والجامعات، الذين لا يرون بينك كمسيحي وبينه أي اختلاف سواء في العمل أو الكلية أو المدرسة، فقط تفترقون وقت الصلاة أنت بالكنيسة وهو بالمسجد، فيما عدا ذلك لا يوجد فرق بينك وبينه!
أخيرًا وليس آخرًا، لم أقصد بمقالتي أي إساءة لأي دين، والمقالة لا تخرج عن نطاق قراءة للواقع الذي يعيشه الشعب المصري الذي وجد نفسه يعيش أيام ثورة مسروقة.. عذرًا يا مصريين، يا من طالبتم بالحرية. فالآن الحرية أصبحت مستحيلة، فعلى أحد الطرفين أن يضحي بحريته لكي لا تنقسم البلد. فهل يضحي السلفيون بمرجعيتهم الدينية وأفكارهم في سبيل إحياء "مصر"، أم يضحي الليبراليون بحريتهم وقبول أحكام السلف؟!
أخشى ما أخشاه أن أستيقظ يومًا، وأسمع على القنوات الفضائية خبر تفجير الأهرامات لأنها قبور وثنية من وجة نظر السلفيين، وأيضًا رمسيس الثاني وكل الأثار!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com