ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

عايز تطلق ... طلق ..!!

هيام فـــاروق | 2011-07-12 00:00:00

بقلم: هيام فاروق

وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَق. 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي، وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي. "

نظم عشرات الأقباط وقفة احتجاجية، في 7 – 7 2011، أمام وزارة العدل، للمطالبة بسن قانون مدنى للأحوال الشخصية للمسيحيين، يضمن حق الأفراد فى الطلاق بالإرادة المنفردة والزواج الثانى مع التأكيد على منع التعدد

إندهشت وتعجبتُ كثيرا من هذا المشهد المخزي من نساء ورجال وهم يهتفون بصوت عال " عايزين نطلق ... عايزين نتجوز " ... منظر قمئ وطلبات سافرة لم نتعود عليها كمسيحيين أن نسمعها وندرك معانيها . لاشك أن كل كلمة خرجت من رجل أو امرأة حاملة هذه الطلبات تشير إلي تدني مستوانا الروحي .

" أجرة الخطية هي موت "... ولا فرق بين خطية السرقة والكذب والحلفان والغضب والكراهية والقتل والزنا والطلاق والزواج الثاني ... إلخ .." كل هذه الخطايا تؤدي إلي الموت .. ولا أتصور أن أى شخص عندما يريد أن يكذب .. عليه أن يأخذ تصريحا من الكنيسة ، أو حلا لكي يمارس كذبة ما ، لكي ينهي مأمورية معينة .. كما لا أتصور أيضا أن أي شخص أمامه فرصة غير قانونية في عمله ربما من ورائها تتغير حياته المادية إلي الأحسن يذهب مسرعا إلي الكنيسة ، ويتظاهر بالورع ويجثو علي ركبتيه رافعا صلاة مختصرة للرب ، ثم يحول كلامه إلي الكاهن لكي يعطيه كارت سماح في تسيير هذا العمل غير الشريف . كذلك أي شخص يريد أن يطلق من الطبيعي لا ينتظر تصريحا من الكنيسة لكي يتمم هذا الفعل .

فالطلاق ظاهرة إجتماعية بحتة مرفوضة منذ القدم .. وحتى حينما سأل اليهود السيد المسيح فى العهد القديم " لماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق " .. قال لهم السيد المسيح " إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم ولكن من البدء لم يكن هكذا " ( متى19: 3ـ11)
والمسيحيين فى كل العصور إلتزموا بشريعة الإنجيل حتى ولو حكم القاضى المدنى بخلاف هذا ، وكان سندهم هو كلام السيد المسيح له المجد .
وقد استند البعض على الآية القائلة " ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أعطى لهم ، من استطاع أن يقبل فليقبل " (متى19: 11، 12)
و مع أن الكنيسة تؤمن بأبدية الزواج إلا أنها لم تنسى أن القديس بولس الرسول سمح دون أن يشجع الأرامل الحدثات أن يتزوجن ثانية فى حالة عدم مقدرتهن على ضبط أنفسهن . ( 1كو4: 9 )

ولذلك فالكنيسة إعتبرت الزواج الثانى تنازل إلى مستوى الضعف البشرى ولذلك ليس فى الكنيسة القبطية طقس خاص بالزواج الثانى .

ويقول القديس أبيفانيوس أسقف قبرص (( الزيجة الأولى هى توافق تام مع الشريعة ، بينما الزيجة الثانية مسموح بها عن تنازل ، أما الثالثة فمذمومة ومن يزيد على ذلك فهو ذو ميول حيوانية ))
هذا عن الزيجة بسبب الترمل سواء للزوج أو للزوجة .

ولكن ماذا عن زواج المطلقين والمطلقات ؟؟؟؟

يقول القديس باسيليوس فى قوانينه : (( أننا نحسب الزيجة الثانية عارا على الكنيسة ولكننا لا نحكم حكما جازما ضد من يعقدها فهى أفضل من الزنا فى الخفاء ))

بصراحة .. أرى أن الكنيسة مسئولة أمام الله عن هؤلاء المطلقين والمطلقات مهما تراوحت درجات خطئهم فى واقعة الطلاق باعتبارهم مايزالون من الرعية " كنيسة الله التى إقتناها بدمه "
ولأننا وبمنتهى الواقعية ليس عندنا راعِ مُؤهل لاهوتيا وروحيا وإجتماعيا صحيحا ملما بالدراسات الأكاديمية والنفسية اللازمة والتى تتيح له حل هذه المشاكل من خلفية الخبرة والتجربة والممارسة لإحتكاكات الحياة الزوجية ، فالأمر يحتاج إلى مستشارين إجتماعيين متخصصين وفى نفس الوقت مملوءين من الروح القدس عالمين بأسرار النفس الإنسانية .. ويكونون أيضا حلقة وصل بين أصحاب هذه المشاكل ورجال الإكليروس لرفع أصوام وصلوات خاصة من أجلهم وليس من أجل الحكم والتحكم فى موضوعات أبعد ما تكون عن تخصصاتهم كرهبان لهم حدود فى التدخل وفى تصريف هذه الأمور الخاصة جدا .

أما ما أراه اليوم على سلالم الأسقفية يوميا من حالات إذلال للمذلولين أصلا .. فهذا لا يليق .. أما يكفى ذلهم من رتابة الروتين القضائى وطول مدته فى الحكم فى القضايا ؟ ... أما يكفى ضعفهم من مشاكلهم نفسها ؟ ... أما يكفى سوء الحياة الإجتماعية وكثرة التيارات الفتاكة و الهدامة للنفس ؟

لا يا كنيستى المتمثلة فى الآباء الموقرين المسئولين عن المجلس الإكليريكى .. إعلموا أننا كأبناء لكم عامة وللطائفة الأرثوذكسية خاصة ندين لكم بالولاء والطاعة والإحترام والإجلال ـ حتى الآن ـ خاصة ونحن أكثر الشعوب الذين تعلموا هذا وورثوه أبا عن جد . ولكن كما نحترمكم إحترمونا واحترموا طلباتنا ومشاكلنا ومشاعرنا وضعفاتنا . البيوت أمامكم تنهار و الأطفال يشردون من بيت إلى بيت إلى حين أن يستقر أحد الأبوين بضمهم .. والنفوس ممزقة عليهم .

أطالب المجلس الإكليريكى للنظر فى أمر هؤلاء وليس تركهم هكذا يتخبطون و يذلون و ينهارون دون ضمهم و سماعهم و البحث فى مشاكلهم أياً كانت ، ولا نتركهم يساقون للخطية ثم نلومهم ونمنعهم ونحرمهم وكأننا نملك مفاتيح الملكوت ونحن خطاة ـ ربما أكثر منهم ـ . فهذه الهوجة منهم تدل على إصرارهم أنهم مازالوا متمسكين بالكنيسة إلى النفس الأخير .. فهل أمام إصرارهم هذا ننبذهم و نرميهم فى تيارات العالم الجارفة ؟

لا أستطيع أن أنسى كلمة موسى النبى حينما غضب الرب من شعبه ووقف موسى قائلا " أيها السيد إما أن تدخل أبنائى معى إلى ملكوتك أو امحنى من كتابك " يا لها من دالة بثقة البنين ورعاية لم أسمع عنها فى عصرنا هذا .

يا كنيستى المتمثلة فى آبائى .. سؤال جدير بالبحث عندكم : متى تعود الكنيسة للمسيح ؟

ملحوظة : المرجع : كتاب التدبير الإلهى فى بنيان الكنيسة للأب باسيليوس المقارى .

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com