بقلم: زكريا رمزي
يقول الكتاب المقدس فى دستوره السماوي "أما قراتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرًا وأنثى (مت 19 : 4)
"وأما أنا فأقول لكم إن من طلق امراته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني ومن يتزوج مطلقة فأنه يزني (مت 5 : 32)"
هذا بخصوص الزواج والطلاق والزوجة الثانية. فالوصية واضحة وضوح الشمس، والتعاليم لا لبس فيها ولا تحمل تأويلات كثيرة. وسار عليها الأقباط منذ تاريخهم الطويل ولم يأنوا من الوصية لأنها عظيمة حقا ، فما الذى جرى لنا ( أقصد لبعضنا ) حتى نطالب الآن بالجور على تعاليم الكتاب المقدس لأجل إرضاء شهوتنا ، وهو الذى يقول"السماء و الارض تزولان و لكن كلامي لا يزول (لو 21 : 33) أكتب كلماتى هذه تزامناً مع الإعتصام الذى يقوم به أصحاب هذه القضايا المطالبين بالسماح بالزواج الثانى فى مبنى الكاتدرائية المرقسية . الأمر يحتاج الى دراسة عميقة من جانبين ، جانب بحث دوافع هؤلاء للمطالبة بمثل هذه الأموروعدم التهوين بقضاياهم والبحث عن مخرج منها , والجانب الثانى هو التمسك بتعاليم الكتاب المقدس وعدم التفريط فى حرف منها.
إن هؤلاء المعتصمين لهم قضية إنسانية لا شك فى ذلك لكنهم هم الذين صنعوها وهم من أوقعوا بأنفسهم فى مثل هذه المشكلات والآن يلقون بأخطائهم على الكنيسة ، حيث أن الكنيسة لم تكن معهم حينما أخذوا يبحثون عن زوجاتهم التى إشترطوا أن تكون ذو فائدة مادية أو جسمية لهم ولم يشترطوا أن تكون ذو فائدة روحية ، لم تجلس معهم الكنيسة حينما بدأوا فى وضع الشروط والمقاييس المادية التى على أساسها يتم الإرتباط حين إختلفوا على ثمن الشبكة أو موقع الشقة أو مكان الفرح ، ولكنهما لم يختلفوا على الأخلاق وعلى التوافق بين العروسين ، حينما ابتعد هؤلاء عن تعاليم الكنيسة فى إختيارهم وتعاليم الكتاب المقدس والسيد المسيح فأخطأوا وإختاروا بمقاييس أخرى والأن يضعون اللوم على الكنيسة ، ألم يفكرون يوما أن الزواج عندما يصبح صفقة لابد وأن يكلل بالفشل ، ألم يفكرون يوماً أنهم ماضون على طريق ليست مستقيمة نهايتها الفشل ، الآن هم نادمون وفى ندمهم يطالبون الكنيسة بتغيير تعاليمها التى نشأت عليها من أجل عيونهم ومن أجل إصلاح أخطائهم ، يطالبون الكنيسة بإقرار الزواج المدنى ولا يعرفون أن الزواج المدنى هو عقد قانونى لا دخل للكنيسة فيه . هم الآن يلقون بأنفسهم على عتبات الكنيسة لحل مشاكلهم التى صنعوها بأيديهم وكانوا قبلا لا يطرقون أبوابها لإستشارتها وأخذ النصح والإرشاد منها .
أنا لا أتحامل على هؤلاء فكل منا له أخطائه لكن عندما يكون الخطأ جسيم لابد للإنسان وأن يحتمله بنفسه ولا يحمل المجتمع أوزاره . فكرت يوماً لو أن شاباً وسيماً تقدم لأسرة لطلب بنتهم وكان يملك كل الإمكانيات التى نحلم بها الآن وأغدق عليهم من غناه فى أول مقابلة ، فهل تذوب هذه الأسرة شوقاً للإرتباط بهذا العريس اللقطة كما يطلق عليه بدون السؤال عن أخلاقه حتى لا يعكروا صفو إتمام الصفقة ، أظن أن معظم الأسر ستسير فى هذا الإتجاه .
وفى المقابل لو تقدم شاب مكافح بمعنى الكلمة لأسرةطالباً بنتهم ولكنه طيب الخلق ومن أسرة كريمة لا يملك إلا مقومات الحياة البسيطة . هنا أتوقع أن الإختيار سيسير فى إتجاه الرفض فى إنتظار العريس الأول . أليست هذه حقائق حتى لو أقرينا بعكسها أو تجاهلناها من أجل الهروب من الواقع أو لتجميل الصورة التى طغت عليها المادة . إن المطالبين بالزوجة الثانية يشبهون من طالبوا السيد المسيح بالنزول عن الصليب وقت صلبه ( هؤلاء كان الشيطان يحركهم ليعرقل الفداء ) ولكنه تجاهل هذه الدعوات لأن من أجل هذا آتى والآن هم يطالبون الكنيسة بالنزول عن تعاليمها من أجل إرضاؤهم ، ويمارسون فى ذلك الضغط المتكرر بالدعاوى المدنية ثم بالإعتصامات المتكررة وكأنهم يريدون أن يتبعوا تعاليم الكتاب لكن على هواهم . أما الشق الثانى فهو الخاص بالكنيسة وأنا أحيى موقف قداسة البابا من مثل هذه القضايا فهو دائما يقف موقف المحافظ على تعاليم الإنجيل بكل صرامة مع التحفظ على مواقف بعض الكهنة والأساقفة فى معالجة هذه الأمور ومحاباة البعض وإعطائهم بعض الإمتيازات عن الآخرين مما يثير الحنق والبلبلة فى نفوس الأخرين , ولكن ستظل الكنيسة بقيادتها تسير فى خط مستقيم من تعاليم الإنجيل الى منتهى الدهور والأيام حتى تسلم الكنيسة لملكها السيد المسيح وهى مازالت على النهج الذى سلمها إياه للرسل الأطهار . وأقول لهؤلاء لا تضغطوا من أجل مصلحة شخصية فالكنيسة ليست زواج وطلاق فقط وإنما حياة متكاملة.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com