بقلم: أسامة سمير الديب
كثيرة هي دموع الأقباط في أيامنا هذه التي سالت على خدودهم لأسباب كثيرة؛ منها الدموع على الشباب الذي اُستشهد في تفجيرات الكنائس، وعلى حرق وتدمير الكنائس، وعلى خطف الكثير من بنات المسيح و..إلخ.
تعالى أولًا نتعرف على الدموع التي سالت على دموع الشهداء، ومنهم الشهيد "أبانوب فتحي". تعالى نتعرف على جزء من حياته:
الشهيد "أبانوب كمال"، السن 19 سنة، طالب بكلية الحقوق "قنا"، الفرقة الثالثة. كان محبوبًا من الجميع؛ مدرسين ومدرسات وزملاء، وكل من يقابله لا ينساه في أي جلسة يكون فيها، يخطف الأنظار والقلوب، يجعل الكل يضحك من قلبه وفكاهاته وتقليده للآخرين (وبالأخص هنيدي)، كان سكر أوى بجد، وعسل أوي، والكل يحبه من المسلمين والمسيحيين، وكل واحد له ذكرى طيبة معه.. وحتى عند انتقاله حضر أتوبيس كبير من زملائه من كل الطوائف ليقدِّموا العزاء لأسرته. بجد عن نفسي كان أحلى ضحكة بضحكه منه هو (كان بيرسم الضحكة على وشنا على طووووووووول)، كان كل شخص يقعد مع بيبو لازم يضحك، لازم يحبه (ملاك من السما)، وسمُّوه (الشهيد فرحااااااااان). كان مطيعًا أشد الطاعة لوالديه، يلبي جميع طلباتهم حتى أخته المتزوجة دائمًا تتصل بيه فيلبي طلباتها فورًا، علاقته بأخيه كأنه توأم متلاصق، كل شىء بينهم كان مشتركًا، لم يميِّز نفسه عن أخيه في شىء. قالت عنه خالته التي تقيم في نفس العمارة معهم، "كان أبانوب محبًا للجميع وخدومًا جدًااااااااااااااا ومتَّضعًا جدًا في الطالعة والنازلة، يقول لها يا خالتي هل انتي محتاجة حاجة؟ أنا مؤمنة إنه حى فى السماء بعد استشهاده. وبعدين أبانوب الشاب ذهب للكنيسة ولم يرجع لأهله مرة تاني واستشهد في انفجارات الكنيسة في عيد الميلاد المجيد 6/1/ 2010، وإنضم لصفوف الشهداء.
أي دموع ممكن أن تسيل على ذلك الشاب، إنه مثال لكثيرين استشهدوا على اسم المسيح في أيامنا هذه.
دموع الأقباط: سالت دموع الأقباط على:
1- دموع على الشهداء الذين استشهدوا في تفجيرات الكنائس، فكنا نشاهد صناديق الشهداء تملأ الكنيسة، ونحن ننهال من البكاء والدموع على هؤلاء الشهداء الذين معظمهم من الشباب والذين لا ذنب لهم.
2- دموع على المُصابين الذين أصيبوا في الأحداث الأخيرة، ومنهم إصابته خطيرة ومازال يُعالج حتى الآن.
3- دموع سالت على هدم الكنائس والأديرة، بل تدمير بعض الكنائس وهدمها وإلقاء أجساد القديسين في الأرض ونهب محتوياتها.. فكيف يكون هذا لبيت الله على الأرض، وأقدس مكان على الأرض؟
4- دموع على الهجوم الشرس على رجال الدين، وخصوصًا ما تعرَّض له قداسة البابا "شنودة" من هجوم شرس وشتائم على شخصه.
5- دموع على "مصر" وما يحدث فيها الآن.
6- دموع على المخطوفين، والذين لم يرجعوا لحضن أهاليهم حتى الآن.
7- دموع على منْ تركوا المسيحية بإغراء الذئب الخاطف.
8- دموع على الأسر التي تشرَّدت وتركت بيوتها بعدما نُهبت وحُرقت.
9- دموع على شبابنا الذين اُعتدي عليهم في المُظاهرات الأخيرة للدفاع عن حقوق الأقباط.
10- دموع الإحساس بالظلم والقهر وعدم المساواة، وتلفيق التهم لبعض الأقباط وحدفهم في السجون ظُلمًا.
11- وأحيانًا دموع الفرح عندما نرى عمل الله، وعندما يحكم الرب للمظلومين.
12- دموع الفراق.. كم من بيت يبكون من أجل أنهم فقدوا لهم عزيز وفارقهم في الأحداث الأخيرة من تفجيرات الكنائس واستشهاد الكثيرين.
لماذا يسمح الله بهذه الدمــــــوع؟
1- لتنقية القلب والنفس؛ لأن الدموع بتغسل الإنسان من جواه.
2- للإحساس بالضعف، وأننا لا يمكن لنا أن نستغني عن الله ولو للحظة واحدة.
3- لنعرف أن ليس لنا وطن على الأرض ونشتاق للسماء وطنًا.
4- لكي نتعلم الصلاة والصراخ واللجاجة في الصلاة، وكذلك التضرع لله فى كل وقت. (اسكبوا أمام الله الدموع لتصير صلاتكم كالبخور قدامه. مجارى المياه لوقت الحريق ومجارى الدموع في زمن التجربة. الماء يخمد لهيب النار والدموع تطفئ شهوة الشر).
5- للانسحاق والإتضاع أمام الله والشعور بالضعف البشرى. لو لم يهبنا الله نعمة الدموع لتعذَّر خلاص الكثيرين.
6- للتوبة والرجوع لحُضن المسيح.. إن في كتير رجع لأحضان المسيح في هذه الأيام التي كثرت فيها الضيقات. (العين الباكية هي جرن دائم لمعمودية التوبة والتجديد).
وأخيرًا من يمسح دموع الأقباط؟
هل هي الحكومة التي تقوم بمسح دموع الأقباط عن طريق بعض التعويضات أو الإجراءات أو أي ثمن ممكن لأب أو أم يعوِّضه عن ابنه الذي فقده، ومن يعوضهم نار الفراق؟
من يعوِّض إنسان أُصيب في حادث التفجيرات، وأصبحت عنده عاهة مستديمة وهو في ريعان شبابه؟
منْ يمسح دموع إنسان فقد كل أسرته وأصبح بلا أسرة؟
من يمسح دموع أسرة فقدت بنتها؟ لقد جاء ذئب خاطف وخطفها بعيدًا عن أسرتها وأسرتها لم تستطيع إرجاعها مرة أخرى لحضنهم؟
من يمسح دموع الحسرة على هدم وتدمير الكنائس؟
طبعًا في النهاية نستطيع أن نقول، لا أحد يقدر أن يمسح دموع الأقباط الكثيرة إلا شخص واحد فقط، مُحب رحيم يشعر بأحزان الأقباط ويشاركهم ويسمع صلواتهم وصراخهم ودموعهم ويضعها في زق عنده. هو الرب يسوع الذي يمسح كل دمعه من عيوننا.
الرب يسوع وحده هو الذي ينزع من قلوبنا الحزن والدموع ويعطينا العزاء والفرح والسلام. وهو الذى يعوضنا عن فراق غالي تركنا، وهو يعوض كل مُصاب وكل من فقد ممتلكاته. هو لنا كل شئ، هو حياتنا، هو فرحنا، هو أملنا، هو رجائنا. ونقول: "منْ لي في السماء ومعك لا أريد شيئًا على الأرض" (مز 73).
هناك آب عظيم يقدر يخفف ويمسح كل الدموع.. يقول الكتاب: قال الرب لحزقيا المل "قد سمعتُ صلاتك.. قد رأيتُ دموعك". آب سماوي.. حنون.. يشاركك آلامك وأحزانك.. يشاركك أفراحك.. يخفف أوجاعك.. يرفع عنك أثقالك وأحمالك. إيديه تحت عينيك علشان يحفظ دموعك.. ويسجلها عنده دمعة دمعة. دموعك غالية عليه.. يعز عليه أن دموعك تنزل من عينيك وأنت ابن ملك الملوك.. دموعك أبدًا مش هتهون عليه في محبته مش هيسبنا.. وبحبه هيمد إيده ويمسح دموعنا.. ويشفي مشاعرنا الجريحة.
أتمنى نكون قدمنا لكم تعزية سمائية في أيامنا الصعبة التي نمر بها.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com